فيما لم يصدر موقف سوري رسمي، سلبي أو إيجابي، من الطلب العربي بالتوقيع على بروتوكول إرسال مراقبين عرب إلى سوريا، كشف سفير سوريا في الولايات المتحدة عماد مصطفى أن الطلب «هو قيد الدراسة في دمشق». ولفت، في حديث إلى قناة «المنار»، إلى أن «سوريا تنظر إلى الأمور بتجرد لما فيه مصلحة لسوريا. ننظر إليه بعين إيجابية وننظر إلى عمليات الاستفزاز على أنها استكمال للهجوم الأميركي ـــ الإسرائيلي على سوريا»، مشيراً إلى أننا «نعيش في الزمن العربي الرديء، وأنا شخصياً مؤمن بأنها فترة انتكاسة لن تطول، والأمور ستعود إلى نصابها الصحيح».
ورأى أنه «لطالما كان المطلوب هو فصل العلاقة بين سوريا والمقاومة وإيران، وهذا لم يحصل، ولن نضحّي بعلاقتنا مع الأطراف الشريفة في المنطقة»، مضيفاً: «قطر ليست إلا أداة، وهي رأس الحربة في المخطط، ولا نريد أن نعطيها أكثر من حجمها».
وفي الوقت الذي تنتظر فيه الجامعة العربية الرد السوري، أكد دبلوماسيون عرب أن الجامعة العربية لا تزال على اتصال مع سوريا رغم تعليق مشاركتها في أجهزة الجامعة، لأن تعليق العضوية «لا يعني أن الجامعة ستقطع جميع اتصالاتها مع الحكومة السورية»، فيما أشار وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، إلى أن جامعة الدول العربية تسير في الطريق الصحيح لإنجاح مهمتها في سوريا.
وأوضح مدلسي، في تصريح إلى وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، أن «الجامعة العربية ستكون لها مهمة مزدوجة في حال توقيع دمشق خلال 3 أيام على البروتوكول المتعلق بمهمات بعثة مراقبي الجامعة إلى سوريا». وأضاف أن «الأمر يتعلق أولاً بالتحقق ممّا يجري على أرض الواقع، وثانياً مراقبة عمليات حماية المواطنين من قبل مراقبي جامعة الدول العربية». ورأى أن «المراقبين العرب يتحمّلون مسؤولية مهمة، وسيكونون بحاجة إلى دعم على مستوى الخبرة والتجهيزات والدعم المالي، وكل هذه المسائل جرى تناولها ونحن على الطريق الصحيح لإيجاد الحلول».
بدوره، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن ترحيبه بنية الجامعة العربية إرسال مراقبين إلى سوريا، ودعاها إلى أن تحثّ ليس فقط السلطات السورية بل المعارضة أيضاً على إنهاء العنف المتصاعد في البلاد. ونقلت وسائل إعلام روسية عن لافروف قوله «نريد أن يعمل مراقبون (مراقبو الجامعة العربية) هناك. وعلى حدّ علمي، أبدت القيادة السورية قبل أيام استعدادها لاستقبال مراقبي الجامعة العربية وتمكينهم من الوصول إلى أي بقعة على أراضي البلاد وأي نقطة سكنية، ليروا بأعينهم ما يجري هناك». كذلك أعربت الصين عن «قلقها الشديد» إزاء الوضع في سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، ليو وي مين، «نطالب دمشق بتطبيق الخطة العربية التي تنص على الإفراج عن متظاهرين وسحب القوات المسلحة من المدن».
وفي مقابل المواقف الروسية الصينية، برز موقف متشدد من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي دعت الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحّي، في الوقت الذي كشف فيه مسؤول في الاتحاد الأوروبي أن أشتون دعت الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى الحضور للمشاركة في محادثات بشأن سبل زيادة الضغوط على النظام السوري. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه لوكالة «فرانس برس»، إن أشتون طلبت من العربي حضور اجتماع لوزراء خارجية بلدان الاتحاد «في المستقبل القريب، لو أمكن يكون الاجتماع المقبل المقرر عقده في الأول من كانون الأول» المقبل، «استكمالاً لجهود الاتحاد الأوروبي للضغط على نظام الأسد». ولفت إلى أن هدف الدعوة هو «المزيد من تنسيق الجهود مع الجامعة العربية».
بدورها، رحّبت كندا بمقررات اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط لجهة تأكيد تعليق عضوية سوريا في أجهزة الجامعة العربية وفرض «عقوبات اقتصادية» على دمشق إذا لم توقّع خلال ثلاثة أيام بروتوكول يسمح لمراقبين عرب بالذهاب إلى سوريا.
في هذه الأثناء، سعت السلطات السورية إلى احتواء الأزمة الدبلوماسية التي نتجت من تعرض البعثات الدبلوماسية لهجمات من قبل محتجين مؤيدين للنظام، وأدت أخيراً إلى استدعاء المغرب لسفيرها من دمشق، بعدما سبقه إلى ذلك السفير الفرنسي قبل يومين.
ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» بياناً صادراً عن وزارة الداخلية السورية تؤكد فيه أن «السلطات ستنفذ التزاماتها الدولية بحماية الممتلكات الدبلوماسية»، محذرة «كل من يحاول انتهاك حرمة المباني الدبلوماسية أو يحاول الدخول أو إحداث أي ضرر بهذه البعثات بأنها سوف تتخذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق أي فاعل، بما في ذلك توقيفه وتقديمه إلى القضاء، واتخاذ الإجراءات المناسبة». كذلك طلبت الداخلية السورية من «كافة قيادات الشرطة والمعنيين بأمن البعثات اتخاذ كافة إجراءات الحيطة، ومنع وصول أي من المواطنين أو غيرهم إلى مقار أو محيط البعثات الدبلوماسية أو الأبنية التابعة لتلك البعثات المعتمدة في سوريا.
وكانت الرباط قد أعلنت استدعاء سفيرها لدى سوريا بعدما تعدّى متظاهرون سوريون على سفارة المغرب في دمشق. ونقلت وكالة أنباء المغرب العربي عن وزير الشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري تبريره للخطوة بقوله «شهدنا في الأيام الأخيرة احتجاجات غير مقبولة، ليست عفوية ومخططة، هاجم خلالها عدة متظاهرين سفارات بلدان أوروبية وأميركية وعربية»، في حين اقتصر الموقف الإماراتي على التنديد، وتحميل وكيل وزارة الخارجية جمعة الجنيبي «الحكومة السورية مسؤولية المحافظة على أمن بعثتها الدبلوماسية واحترام حرمتها وسلامة العاملين فيها»، من دون أن يوضح ظروف الهجوم.
في غضون ذلك، ذكر المحامي ميشيل شماس لوكالة «فرانس برس» أن عدداً من الناشطين السوريين، بينهم عاصم حمشو وشادي أبو فخر وهنادي زحلوط وعمر الأسعد، من الذين اعتقلوا منذ نحو أربعة أشهر، أحيلوا على القضاء بتهمة السعي إلى تغيير كيان الدولة والنيل من هيبة الدولة والتحريض على التظاهر. وأكد أن «قاضي التحقيق الأول في دمشق قرر إحالة الناشطين على قاضي الإحالة لاتهامهم بجناية إنشاء جمعية تهدف إلى تغيير كيان الدولة والنيل من هيبة الدولة وبثّ أنباء كاذبة والتحريض على التظاهر».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)