نيويورك | تتجه الدول الغربية، ومعها بعض الدول العربية إلى ضمّ سوريا مع الدول المستهدفة بقرارات الجمعية العمومية المتعلقة بحقوق الانسان، شأن كوريا الشمالية وميانمار وإيران. وهو أمر لطالما وقفت ضدّه كتلة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي بحسم ووصفته بالانتقائية والتمييز. وبما أن قضايا حقوق الإنسان هي في الأساس من اختصاص مجلس حقوق الإنسان في جنيف، فإن عرضها على الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة عبر اللجنة الثالثة هو لغايات سياسية، بحسب ما أكّد دبلوماسيون في نيويورك لـ«الأخبار». ويُنتظر أن يجري التصويت على مشروع القرار، الذي يدين الحكومة السورية، الثلاثاء المقبل، في آخر يوم من أعمال اللجنة الثالثة، وكان قد مرّ بمراحل عديدة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وأدى إلى انقسام في المجموعة الغربية بعدما رفضت البرتغال رعايته.
وفي الأساس، كان المشروع أميركياً بريطانياً فرنسياً ألمانياً، ومتسماً بنبرة عالية ويمهّد لمتابعة القضية في مجلس الأمن الدولي. لكن بعد اجتماع الجامعة العربية الأول الذي فاجأت فيه سوريا الجميع بقبول المبادرة العربية، وبعدما شعرت الدول الغربية بأنّ المعارضة السورية ترفض التدخل الخارجي، أُلغيت الصيغة الغربية المتطرفة، واستُعيض عنها بمبادئ مستوحاة من روحية المبادرة العربية وبيانات الجامعة العربية. وعندها سحبت الولايات المتحدة رعايتها لمشروع القرار، لأنه ضعيف ولا يلبي تطلعاتها. وخلال سلسلة اجتماعات عُقدت في مقارّ البعثات الأميركية والبريطانية والنرويجية والفرنسية بحضور دبلوماسيين من بعثات عربية أبرزها السعودية والأردن والمغرب وقطر، كان هم الدول الأوروبية الحصول على رعاية دول عربية لمشروع القرار. رعاية لا تزال قيد البحث، وكانت من أسباب تأخير تقديم المشروع للجنة الثالثة من الجمعية العامة حتى يوم أمس. وقد راهن مقدّمو المشروع على استدراج الرعاية من خلال نتائج الاجتماعات العربية، ولا سيما اجتماع الرباط الأخير الذي دخل فيه العامل التركي على الخط.
لكن مصادر «الأخبار» أكّدت أن السعودية والأردن والمغرب وقطر أظهرت استعداداً لرعاية المشروع، فيما رفضت البرتغال، الممثلة بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، ورئيسة مجلس الأمن حالياً، الانضمام إلى الراعين، ويرجح أن ترفضه عند التصويت عليه الأسبوع المقبل.
من جهتها، طالبت سوريا عبر بعثتها في نيويورك دعم كتلة حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامية برفض القرار بناء على مبدأ رفض التدخل في شؤون الدول الداخلية، كما ينص ميثاق الأمم المتحدة. وقالت في رسالة بعثها مندوبها الدائم بشار الجعفري إلى الكتلتين إن «العمل في هذا الاتجاه ينطوي على ازدواجية المعايير». واستندت في طلبها إلى مبدأ تعمل بموجبه الكتلتان، وهو رفض مشاريع القرارات المسيسة المستهدفة لدول بعينها.
ويُتوقع أن يواجه مشروع القرار معارضة روسية وصينية، كما تقول مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار»، علماً أن الولايات المتحدة طلبت من روسيا الاكتفاء بالامتناع عن التصويت. وكانت روسيا والصين قد استخدمتا الشهر الماضي حق النقض ضدّ صدور قرار في مجلس الأمن يدين دمشق بسبب حملتها على المتظاهرين المطالبين بالديموقراطية ويلمح إلى عقوبات محتملة.
وكانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة قد أعلنت أنها تريد إحياء الجهود في مجلس الامن لفرض عقوبات للامم المتحدة على سوريا، وحثت موسكو وبكين على اعادة النظر في موقفهما. ويتضمن القرار 5 فقرات تمهيدية تتضمن الاسترشاد بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتذكّر بقرار مجلس حقوق الإنسان ضد سوريا، وتأسف لعدم تعاون السلطات السورية مع لجنة التحقيق، ولـ«عدم امتثال سوريا لخطة العمل المقترحة من الجامعة العربية في 2 تشرين الثاني».
ويدين مشروع القرار في فقرته الأولى بقوة «الانتهاكات المستمرة الممنهجة والخطيرة المرتكبة من قبل السلطات السورية كالإعدام التعسفي والاستخدام المفرط للقوة وقتل واضطهاد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والمعاملة المسيئة للمعتقلين وكذلك للأطفال». ويطلب «وضع حد فوري لجميع انتهاكات حقوق الإنسان، وحماية السكان، والامتثال التام لالتزاماتها بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي».
ويُهيب بالسلطات السورية التعاون مع الجامعة العربية لتنفيذ خطة العمل العربية. وفي الفقرة الخامسة، يطلب من السلطات السورية «التعاون الفوري، والسماح بدخول لجنة التحقيق الدولية المستقلة». وتشير التوقعات الأولية إلى أن مشروع القرار سيمرّ في الجمعية العامة بغالبية ضئيلة. أمر من شأنه أن يحدث انشقاقات في كتلة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكتلة الـ77.