يوسي ميلمان ــ هآرتس خاص بالموقع- يبدو أن السعي الإيراني إلى امتلاك السلاح النووي يشوش فكر عدد من زعماء إسرائيل والخبراء داخل المؤسسة العسكرية. في الأسابيع الأخيرة يتأرجح هؤلاء بين الخوف والفزع من جانب، والتصريحات المجنونة من جانب آخر. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يطرح رؤيته الخلاصية كأن السلاح النووي في يد إيران يشبه هولوكوست ثانية، ومثله مثل نهاية دولة إسرائيل. وزير الدفاع إيهود باراك يقول إنه في الحرب مع إيران لن يقتل 50 ألف إنسان أو حتى 500.

رعونة رأي وزير الدفاع بشأن المتضررين تساوي عجرفته، فحين سئل هذا الأسبوع عن رأيه في الانفجار الغامض في قاعدة الحرس الثوري، الذي أدى إلى مقتل 17 جندياً وضابطاً إيرانياً، من بينهم جنرال كبير ضمن برنامج الصواريخ، رد بقوله: «ستزيد الانفجارات». هذا القول الناري، كان يمكن سماعه على نحو طبيعي من مسؤول إيراني.

تصريح آخر يثير الدهشة، وهو تصريح عوزي روبين، الذي كان رئيساً لمشروع تطوير وإنتاج منظومة (حيتس)، ويعمل اليوم مستشاراً شخصياً لمؤسسة الصناعات العسكرية. فقبل أسبوع، نُقل عنه قوله للصحفي يوآف ديتون في موقع يديعوت أحرونوت، إنه «لو سقط علينا وابل من صواريخ شهاب فإنه لن يدمر إسرائيل».

صحيح، 75 طناً من المواد المفتجرة (100 صاروخ يحمل كل منها 750 كيلوغراما من المواد المتفجرة ) لن تدمر إسرائيل، لكنها ستتسبب في خسائر في الأرواح والممتلكات لم نشهدها من قبل. وبالمناسبة، هذا هو روبين نفسه، الذي أعطى في الماضي انطباعاً بأن منظومة حيتس هي الأفضل لتوفير حماية أمام الصواريخ الباليستية.

غير أن التصريح الأكثر إشكالية هو ما أطلقه البروفيسور يتسحاق بن يسرائيل، رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية. فمن الصعب أن نصدق أن رجلاً كان جنرالاً في الجيش الإسرائيلي، رئيس إدارة تطوير الأسلحة في وزارة الدفاع، عضو كنيست، ومحاضراً في الجامعة يحمل شهادات وألقاباً أكاديمية في الرياضيات والفيزياء والفلسفة، لا يمكن أن نصدق أن مثل هذا الرجل يمكنه أن يقول كلاماً من هذا النوع.

ففي حوار مع يوفال أزولاي لصحيفة (غلوبس) الاقتصادية الأسبوع الماضي، نُقل عن بن يسرائيل ـــــ الذي قال إن المواطن جاهل ـــــ قوله: «قنبلة نووية واحدة لا تبيد دولة، قنبلة نووية مثل تلك التي يريد الإيرانيون صنعها تؤدي إلى دائرة دمار وموت نصف قطرها 500 متر، وضرر بسيط في محيط ألف متر .... هو ـــــ أي المواطن ـــــ لا يعلم ماذا حدث بالضبط في هيروشيما وناغازاكي .... لكن الحديث عن ذلك ليس جيداً».

قبل كل شيء، تذكرة صغيرة لـ «البروفيسور بن يسرائيل» بما سيحدث حقاً إذا ألقيت قنبلة صغيرة تزن 10 كيلو طن (بقوة القنابل التي ألقيت على اليابان) وانفجرت فوق مدينة تل أبيب: بنصف قطر 500 متر ـــــ تشمل بنايات وبشراً ـــــ فإن كل ما هو في هذا المحيط سينصهر ويتبخر في طرفة عين. لن يبقى أثر من المنطقة التي حدودها هي: جوبوتنسكي من الشمال، ديزنجوف من الغرب، سديروت شاؤول الملك من الجنوب، ومستشفى إيخيلوف من الشرق، كما أن 30 ألف شخص سوف يموتون.

أما في الدائرة الثانية، التي يبلغ نصف قطرها قرابة 1200 متر من بؤرة الانفجار ـــــ حتى ساحل البحر من الغرب، مروراً بنمير من الشرق، هايركون من الشمال، وشارع شينكين من الجنوب ـــــ فسوف تدمَّر معظم البنايات، وسيدفن تحتها قرابة 30 شخص ألف أيضاً. ويحتمل أن ينجو البعض، لكن لن يبقى كما هو معروف من سيعالجهم. الدائرة الثالثة ستصل إلى نصف قطر يبلغ 2500 متر، وسوف تشهد حرائق هائلة لن تجد من يخمدها.

ويمكن الافتراض أن قصف تل أبيب بالسلاح النووي سيؤدي إلى موت 80 ألفاً، وهناك عدد مماثل سيموت من العذاب في غضون أشهر بعد ذلك. وهذا السيناريو يعتمد على سيناريوهات مماثلة في كتاب د. جراهام أليسون «Nuclear Terrorism»، الذي يصف ماذا سيحدث في نيويورك وفي المدن الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية لو تعرضت لهجوم نووي. ومع ذلك .... هناك من يقول أن إيران ستطلق على إسرائيل قنبلة نووية واحدة، لا اثنتين أو ثلاث قنابل؟

هذه هي الرؤية الخلاصية «غير الفظيعة» للبروفيسور بن يسرائيل، الذي يشغل منصباً رسمياً ويتقاضى راتباً من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين. في الفيلم الكوميدي «ستراينج لاب» لستانلي كوبريك عام 1964، يظهر جنرال أميركي مجنون يأمر بقصف موسكو بسلاح نووي. مذّاك، تحول اسم «ستراينج لاب» إلى مرادفة يُقصد بها رجل عسكري، أو عالم مجنون يتعامل بخفة مع أسلحة الدمار الشامل. يبدو أن ما يجب أن يقلق الجمهور الإسرائيلي أكثر من التهديد الإيراني هو حقيقة أن مصيره موجود في أيدي قادة وخبراء كهؤلاء. فعوضاً من أن يبدي قادة إسرائيل وموظفوها الكبار تروّياً وفهماً، فهم يُظهرون خفة.