تونس | فجّر «التكتل من اجل العمل والحريات»، أول من أمس، مفاجأة كبيرة، عند إعلانه الانسحاب من الائتلاف الحكومي الثلاثي الذي يعمل على تشكيل حكومة المرحلة الانتقالية في الفترة التأسيسية المقبلة، عقب تصريحات الأمين العام لحركة «النهضة» الاسلامية حمادي الجبالي حول الخلافة الاسلامية السادسة.
فبعد تسريب أخبار من كواليس الاجتماع الثلاثي، الذي جمع حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحزب «التكتل من أجل العمل والحريات للعمل»، حول الحسم النهائي للرئاسات الثلاث، فوجئ الرأي العام في ساعات متأخرة من مساء الأول من أمس، بانسحاب «التكتل» من الاجتماعات التشاورية ومن اللجان الثلاث.
ورغم أن الواضح أن تصريحات الجبالي كانت وراء قرار التكتل، وفقاً للعديد من القيادات في الحزب، إلا أنّ المفاجأة الكبرى جاءت لتبين أن التصرّف «غير المسبوق» للحركة جاء بعد خلاف حاد جداً بين الأمين العام «التكتل»، مصطفى بن جعفر (الصورة)، وبين الأمين العام «المؤتمر» منصف المرزوقي، من أجل حسم ملف رئاستي المجلس التأسيسي والجمهورية، بعد الاتفاق على رئاسة الحكومة لـ«النهضة» ممثلة بالجبالي.
وفي ضوء هذه المجريات الجديدة، وفشل مفاوضات اللحظات الحرجة لاختيار رئيس جمهورية بصفة توافقية بعد انسحاب «التكتل»، فإن الكفة ترجح الآن «المؤتمر» لتولي رئاسة الجمهورية، بشخص المرزوقي، الذي كان يطمح لهذا المنصب. ولعل هذه المعطيات الجديدة تقود إلى تغيير خريطة التحالفات التي طرأت بعد انتخابات المجلس التأسيسي، والتي طرحت محورين سياسيين جديدين، محور السلطة، المكون من الثلاثي السابق، ومحور المعارضة المكوّن خاصة من قطبين أساسيين، هما حزب التقدمي الديموقراطي والقطب الديموقراطي الحداثي، وهما حزبان من اليسار. هذا التغيير سيمنح المعارضة اليسارية وزناً سياسياً أكبر ضمن المجلس التأسيسي، خصوصاً أن الاتجاهات الفكرية لـ«التكتل» ميالة أكثر نحو اليسار. وهذه الأحداث قد تسلط الضوء أيضاً على صراع يدور تحت الرمال داخل «النهضة» بين قطبين فكريين أساسيين: السلفيون، والإسلاميون الحداثيون، وهو ما يرجح أن يكون هناك معركة كبيرة قد تشهدها أروقة الحركة في العام المقبل مع التئام مؤتمرها الانتخابي الأول بعد ثورة 14 كانون الثاني.