القاهرة ــ الاخبار خاب ظنّ رئيس الوزراء المصري، عصام شرف، الذي تجاهل الرد على أسئلة الصحافيين عن مليونية الجمعة المقبلة، التي عنوانها رفض الوثيقة التي أعدّها نائب رئيس مجلس الوزراء علي السلمي، بعدما توافق العديد من القوى السياسية على المشاركة في المسيرة، وإن اختلفت على أسباب رفضها للوثيقة.
الإسلاميون يرون أن السلمي هو مركز المشكلة، باعتباره عضواً في حزب الوفد الليبرالي، بما يعني من وجهة نظرهم أن الوثيقة جاءت محاولة من الليبراليين لإبعاد الإسلاميين عن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، مفترضين أنهم سيحوزون الأغلبية في الانتخابات المقبلة.
في المقابل، يرفض الليبراليون الوثيقة من منطلق أنها محاولة من المجلس العسكري لفرض وصاية على النظام الجديد والتعامل بمنطق «دولة فوق الدولة»، ويرون أن رفض الوثيقة يمكن أن يكون استعادة لوحدة الصف في مواجهة محاولة «عسكرة الدولة».
وفي محاولة لاستدارك الموقف، أطلقت الحكومة مفاوضات لتعديل الوثيقة، كان آخرَها اجتماع حضره وزيرا الثقافة والسياحة مع عدد من ممثلي الأحزاب الليبرالية والإسلامية الرافضة للوثيقة. وعلى الأثر، أدخلت الحكومة بعض التعديلات، بدءاً من استبدال وصفها بأنها «ملزمة» إلى كونها «استرشادية، تلزم فقط الموقّعين عليها». وحذفت من البند الرقم ٩ الفقرة التي تنص على أن القوات المسلحة حامية الشرعية الدستورية. كما حذفت الفقرة من البند ١٠ التي تنص على إدراج ميزانية القوات المسلحة كرقم واحد في الموازنة العامة، واستبدلتها بنص يشير إلى إنشاء مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية يختص بمناقشة الموازنة التفصيلية للقوات المسلحة، ويصدر مجلس الشعب قانوناً لتحديد آليات هذا المجلس وتشكيل أعضائه بحيث تكون له الصفة الرقابية.
كذلك تقرر تعديل المادتين ٢ و٣ من تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لإلغاء كل ما يتعلق بنسب أو أعداد أو حصة المشاركين فيها. وأرجع التحديد إلى أعضاء مجلسي الشعب والشورى، بحيث تكون الجمعية توافقية لا تقتصر على كيان الغالبية البرلمانية فقط، وتعبر عن كل فئات المجتمع وطوائفه.
وتباينت ردود الفعل على التعديلات بين مؤيد يراها تنزع فتيل الأزمة، وقد تسحب مبرر مليونية الجمعة وفقاً لما أكده عمرو موسى، المرشح المحتمل للرئاسة، وبين الرافض لها. وفيما تردد في بعض الأوساط أن التعديلات التي أعلنت تمت باتفاق غير معلن بين الإخوان والحكومة، لتفويت فرصة المليونية، أعلنت الجماعة في بيان أنها ستشارك في مليونية الجمعة المقبلة، معتبرةً أن الوثيقة «أثارت أزمة خطيرة في المجتمع السياسي المصري باحتوائها مواد تسلب السيادة من الشعب وتكرس الديكتاتورية، وتمثل انقلاباً على مبادئ ثورة 25 يناير وأهدافها».
من جهته، عقد المجلس الوطني، الذي حضرته 50 شخصية عامة من مختلف التيارات السياسية، اجتماعاً، أعلن خلاله المجتمعون رفض التعديلات الأخيرة التي أجراها السلمي في اجتماعه بلجنة المتابعة بالتحالف الديموقراطي الرافض للوثيقة، والتي تضمنت تعديل معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بحيث لا تكون أغلبية البرلمان هي المسؤولة عن تشكيل الجمعية.
وقد نتج من الاجتماع تشكيل لجنة من 5 أشخاص من بين الحضور تولّوا صياغة تعديلات اقترحتها الشخصيات السياسية لإرسالها إلى السلمي. واقترح المجتمعون في تعديلاتهم أن تعدل المادة التاسعة لتنص على «أن الدولة وحدها هي التي تنشئ القوات المسلحة، وهي ملك الشعب ومهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها والحفاظ على وحدتها... ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى يختص بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بها، ويؤخذ رأيه في التشريعات الخاصة بالقوات المسلحة قبل إصدارها ويكون للقوات المسلحة مكانتها الخاصة وشؤونها التفصيلية المتصلة بالأمن القومي، والتي يجب أن تراعى عند مناقشة أمورها الفنية وميزانيتها، والقوات المسلحة كباقي مؤسسات الدولة تلتزم بالضوابط الدستورية والتشريعية، وأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام لها».
أما المادة العاشرة، فأصبح نصها بعد التعديل المقترح ينص على أنه «ينشأ مجلس يسمى الدفاع الوطني ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها. ويحدد القانون تشكيل المجلس الوطنى واختصاصاته، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس الشعب»، فيما نص تعديل المادة 14 على أن «حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ووسائل الإعلام مكفولة، بما لا يمسّ الحياة الخاصة وحقوق الغير والمقوّمات الأساسية للمجتمع المصري».
وقد جاء الاقتراح الأخير ليواكب الاعتراضات على ما أعلنته القوى الإسلامية عن رغبتها في تأكيد المراقبة على وسائل الإعلام، فيما رأت نقابة الصحافيين أن البند 14 مقيّد لحريّات التعبير.