أعلنت سلطات المنامة، أول من أمس، أن السلطات القطرية اعتقلت خلية إرهابية مؤلفة من 4 أشخاص، انضم إليهم خامس بعد التحقيق، كانت في طريقها الى إيران عبر سوريا للتدريب، وتعدّ لاعتداءات إرهابية بينها استهداف للسفارة السعودية، وقامت الدوحة بتسليم هذه الخلية المزعومة لنظيرتها البحرينية. مؤامرة، رغم أنّها معزوفة قديمة، تأتي في توقيت مريب وسط تصعيد في الملفين السوري والإيراني، ووُجّهت التهمة فيها مباشرة لإيران والحرس الثوري على غير عادة، وقوبلت حتى اللحظة بصمت قطري. وبحسب رواية وزارة الداخلية البحرينية، فإن السلطات القطرية تمكّنت من القبض على 4 مواطنين بحرينيين، كانوا قد دخلوا قطر عبر الحدود البرّية مع السعودية، وأنه «أثناء اتخاذ السلطات القطرية المختصة إجراءات التفتيش الجمركية للسيارة التي كانوا يستقلونها، عثر على بعض المستندات والأوراق وجهاز حاسوب، تضمنت معلومات ذات أهمية أمنية وتفاصيل عن بعض المنشآت والجهات الحيوية وحجوزات طيران إلى سوريا، كما عثر معهم على مبالغ مالية بالدولار الأميركي والتومان الإيراني».
وحققت السلطات الأمنية القطرية مع المتهمين، وتبيّن أنهم غادروا البحرين بطرق غير مشروعة للتوجه إلى إيران، عبوراً بدولتي قطر وسوريا، وذلك بقصد إنشاء تنظيم إرهابي لاستهداف جسر الملك فهد ومبنى وزارة الداخلية والسفارة السعودية وأشخاص.
بدورها ذكرت النيابة العامة أن اعترافات بعض المتهمين كشفت أن عبد الرؤوف الشايب وعلي مشيمع، المقيمين في الخارج، عمدا الى إنشاء هذه الجماعة بالتنسيق مع المتهمين بغرض ارتكاب عمليات إرهابية داخل البحرين، وقد نسّقا مع جهات عسكرية في الخارج، بينها الحرس الثوري وقوات الباسيج في إيران لتدريب عناصر الخلية، وتلقّوا دعماً مالياً من الخارج. وأضافت إن قياديي الجماعة أوفدوا أعضاء الخلية إلى إيران لتلقي التدريب العسكري على دفعات «بحيث سبق أن سافر أحدهم والتقى بمن يدعى أسد قصير المرتبط بالحرس الثوري والباسيج، وتلقى هناك تدريباً على استخدام الأسلحة والمتفجرات، كما تسلم من عناصر إيرانيين مبالغ مالية لتمويل الجماعة».
وفي اتصال مع «الأخبار»، قال علي مشيمع، المتهم بأنّه الرأس المدبر للخلية، إنه لم يفاجأ بالاتهام وهي ليست المرة الأولى، إذ سبق أن اتهم بتدريب عناصر خلية إرهابية في سوريا، وقد بثت اعترافات لأشخاص قالوا إنه دربهم لثلاثة أيام في حجيرة. وأضاف «لقد حكموني 15 عاماً، ماذا يريدون بعد؟». وأشار الى أن هذه الرواية بالية «وما يصدّقها حتى الأطفال»، مؤكداً «آل خليفة هم الإرهاب، ونحن ضحاياه». لكنه لفت الى التوقيت المريب لهذا الإعلان.
وجرى تداول اسمين كأعضاء في الخلية، هما عيسى شملوه وعلي المبارك، بحيث ذكرت مواقع إن الناشط الحقوقي نبيل رجب أخبر قناة «العالم» الإيرانية بأن المذكورين من ضمن المعتقلين، لكن رجب أكّد لـ«الأخبار» أنه لم يصرّح بأسماء الشخصين لأي قناة، وجلّ ما فعله أنه كتب على موقعه على «تويتر» أن «عيسى أحمد شملوه وعلي عباس المبارك اختفيا في قطر قبل أسابيع، لكن أحدهما اتصل اليوم (أمس) بأهله لإطلاعهم بأنه في سجن الحوض الجاف في البحرين».
وأكّد رجب أنّه لا يعرف المعتقلين على الإطلاق، مشيراً الى أنه تلقى هذه المعلومة عن طريق البريد الإلكتروني عبر شقيقة أحد المعتقلين، فيما أرسل والد المعتقل الآخر رسالة الى منزل رجب في البحرين قبل بضعة أيام.
وجاء الاستفسار عن التيارات السياسية التي ينتمي اليها أعضاء الخلية المزعومة، بعدما أوردت قناة «العربية» أنّهم «من الكوادر الوسطى لحركة «حق» غير المرخصة» وأن بينهم «متهماً آخر ينتمي تنظيمياً إلى حركة «أحرار البحرين» المحظورة».
ولم يفاجأ الأمين العام لحركة «أحرار البحرين»، سعيد الشهابي، المقيم في لندن، عند سؤاله عن الخلية على اعتبار أنها «النغمة الجديدة القديمة التي يلجأ إليها النظام دوماً»، لكنه فوجئ بخبر اعتقال أحد كوادر «أحرار البحرين»، قائلاً لـ«الأخبار» «لا أعلم أن أحداً معتقل». ورأى أن «الكشف بأن خلايا تعمل على زعزعة استقرار المملكة هو نغمة جديدة قديمة، نسمعها منذ أن وجدنا على هذه الأرض. تارة تكون شيوعية وطوراً شيعية، وتارةً مرتبطة بإيران وطوراً بتنظيم «القاعدة». النظام يسعى من خلال هذه المعزوفة المملة الى تصدير قضاياه». وأوضح أنه «قبل عامين، أي في 2009، طرح النظام مقولة اعتقال خلية تدربت في سوريا، وبعد فترة أفرج عن المعتقلين بقرار سياسي، والعام الماضي تحدث عن خلية من 25 شخصاً، وسوف تستمر هذه المعزوفة وهذه الاعتقالات؛ فالمسألة سياسية».
وعن توقيت هذا الإعلان، قال الشهابي إنه «جاء متزامناً مع تصعيد غربي ضدّ إيران بسبب برنامجها النووي، ومع موقف الجامعة العربية من سوريا. لا يمكن اعتبار هذه الأحداث في هذه اللحظات بالذات منفصلة بعضها عن بعض. هذا فضلاً عن مناسبة ثالثة تتعلق بقرب صدور تقرير بسيوني»، والذي لم يبد تفاؤله حياله، قائلاً إنهم (كحركة معارضة) رفضوا لجنة تقصي الحقائق هذه منذ اليوم الأول لتشكيلها. واستبعد أن تنصف اللجنة الضحايا، كما أشيع، قائلاً «لن ينصف الضحايا إلا إذا قالوا إن الملك وابنه ناصر متورطان مباشرة بالتعذيب»، مشيراً في هذا الإطار الى رسالة للشيخ المعتقل ميرزا محروس، يقول فيها إنه تعرض لشتى أنواع التعذيب والاعتداء الجنسي مع الشيخ حبيب المقداد، وأن الشيخ ناصر شارك شخصياً بتعذيبهما. وأكّد أنّه «مستحيل أن يصدر بسيوني قراراً يدين الجهة الذي تموّله».



طهران تردّ باعتقال خليّة تجسّس كويتيّة

لم تمض ساعات على إعلان البحرين الكشف عن خلية إرهابية بمساندة قطر الشقيقة، حتى أعلنت طهران أنها اعتقلت مواطنين كويتيين في عبادان جنوب غرب إيران بتهمة التجسس. وقال حاكم مدينة عبادان بهرم الخاص زادة لتلفزيون «العالم» الإيراني الناطق بالعربية «اعتقل كويتيان وفي حوزتهما معدات للتجسس».
بدوره، أوضح نائب المدينة عبد الله كعبي أيضاً لـ«العالم» أن «الكويتيين اعتقلا قبل يومين وكانا قد دخلا الى إيران بصورة غير قانونية»، أي في التوقيت نفسه تقريباً الذي أُعلن فيه اعتقال الخلية القطرية. ولم يورد التلفزيون الإيراني أي تفاصيل إضافية عن أسماء المعتقلين أو أهدافهما أو كيفية الاعتقال.
وكانت العلاقات بين إيران والكويت قد توترت في الأشهر الأخيرة بعدما حكمت محكمة كويتية في آذار الماضي على إيرانيين اثنين وكويتي بالسجن المؤبد بعد إدانتهم بالتجسس لحساب طهران. وفي تلك الفترة، استدعت الكويت سفيرها من إيران وردّت طهران بإجراء مماثل.
وتشهد العلاقات بين إيران ودول الخليج العربية برمّتها توتراً متصاعداً منذ اندلاع الانتفاضة في البحرين في 14 شباط الماضي، وتدخل الجيش السعودي فيها، وهو ما أدانته طهران بشدّة.
(أ ف ب)