باريس | في خطوة سياسية مفاجئة، خرج نائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، عن «واجب التحفظ» الذي ألزمته به السلطات الفرنسية منذ حصوله على اللجوء السياسي في باريس عام 2005، وأطلق مبادرة قال إنها تهدف إلى توحيد صفوف المعارضة السورية، من خلال تأسيس «لجنة وطنية لدعم الثورة السورية». وعقدت هذه اللجنة مؤتمرها التأسيسي، يومي السبت والأحد الماضيين، في فندق «ماريوت» المطلّ على جادة الشانزليزيه في باريس. ونُظِّم أول من أمس الاثنين مؤتمر صحافي أُعلنت خلاله تشكيلة هذه اللجنة، التي تضم 65 شخصية معارضة سورية، والتي أُسندت رئاستها إلى طلال التركاوي.
ورغم أن التركاوي نفى أن تكون هذه اللجنة تنظيماً منافساً لـ«المجلس الوطني السوري» أو لأي فصيل آخر من فصائل المعارضة السورية، إلا أن خدّام حمل بشدة على «المجلس الوطني»، واصفاً أياه بأنه «ليس صحيحاً أنه مجلس تمثيلي لمختلف تشكيلات المعارضة، بل يقتصر فقط على الإخوان المسلمين وبعض المستقلين». ودعا الشعب السوري إلى «حمل السلاح لإسقاط النظام؛ لأن الانتفاضة السلمية أثبتت فشلها». وقال: «إن الدعوة إلى حمل السلاح ليست دعوة إلى الحرب الأهلية، كما يقول البعض، بل هي حرب من النظام ضد الشعب السوري، حيث أصبح الجيش اليوم عبارة عن جيش احتلال...».
من جهة أخرى، لم يتردد نائب الرئيس السوري السابق في الدعوة علانية إلى «تدخل عسكري غربي في سوريا مثلما حدث في ليبيا». وقال: «لا يمكن المنظومة الدولية أن تستمر في اعتبار ما يحدث في سوريا أزمة داخلية». وعزا المصاعب التي تجدها المعارضة السورية لتوحيد صفوفها إلى «غياب شخصية رمزية قادرة على تولي القيادة»، في إشارة مبطنة إلى أنه يعدّ نفسه مؤهلاً لذلك.
واللافت أن هذه المبادرة لا تعكس تطوّراً في مواقف عبد الحليم خدام، بقدر ما تشير إلى تحوّلات متسارعة في الموقف الفرنسي من الأزمة السورية. فمن الواضح أن خدام لم يكن ليخرج عن «واجب التحفظ» المفروض عليه منذ سنوات، من دون ضوء أخضر من الخارجية الفرنسية.
وليس من قبيل المصادفة أن تسمح السلطات الفرنسية لخدام، في هذا التوقيت بالذات، بأن يطلق مبادرة سياسية بهذا الحجم، بعدما ظلّت تضيِّق على نشاطاته منذ 6 سنوات. فهذه الخطوة تأتي لتعكس توجهاً متنامياً لدى الدبلوماسية الفرنسية نحو دعم الفصائل السورية المعارضة التي تؤيد عسكرة الثورة والتدخل الأجنبي. وكانت بوادر ذلك قد برزت الشهر الماضي، من خلال التضييقات التي فرضتها الخارجية الفرنسية على المعارض ميشيل كيلو، خلال زيارته لباريس، من خلال منع إقامة مؤتمره الصحافي في «مركز استقبال الصحافة الدولية»، وذلك خلال الأسبوع ذاته الذي احتضن فيه هذا المركز فعاليات «أسبوع التضامن مع الشعب السوري»، الذي أقامته جماعة «مؤتمر أنطاليا»، التي تؤيد هي الأخرى التدخل الأجنبي. ولم تكتف الخارجية الفرنسية بذلك، بل تنقل الوزير ألان جوبيه شخصياً لحضور مهرجان أقامته جماعة مؤتمر أنطاليا في مسرح الأوديون. وجاء ذلك بعد يومين من اللقاء الرسمي بينه وبين رئيس «المجلس الوطني السوري»، الدكتور برهان غليون.
أما المعارضون للتدخل الأجنبي، أمثال ميشيل كيلو وهيثم مناع، فقد استُبعدوا من أجندة الخارجية الفرنسية.