كان العالم أمس على موعد مع استعدادات عملانية إسرائيلية لترجمة تهديداتها لإيران. استعدادات أخذت شكل صورة ثلاثية الأبعاد: تجربة صاروخية بالستية، تدريب لسلاح الجو على هجمات بعيدة المدى وإعلان إجراء مناورة للجبهة الداخلية ستشهدها منطقة تل أبيب اليوم تجري فيها محاكاة سقوط صواريخ. ورغم التشديد الإسرائيلي الرسمي على أن الأحداث الثلاثة كان مخططاً لها قبل وقت طويل ولا ترتبط بأي سياقٍ سياسي راهن، إلا أن ذلك لم يمنع معلقين من التصريح بأن توقيتها وتزامنها ينطويان على إشارة واضحة في الاتجاه الإيراني بمعزل عن واقعها الفعلي. ومهما تكن الحال، فإنه لا يمكن الفصل بين تصريحات كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، إيهود باراك، التي شددا فيها أول من أمس على خطورة التهديد الإيراني ولوّحا باحتمال أن «تضطر» تل أبيب إلى الدفاع عن نفسها في مقابله، وبين إعلان الخطوات الثلاث أمس، علماً بأن طبيعة الخطوات تشير إلى أنها تتصل بمعالجة تهديد بعيد المدى أشبه ما يكون بإيران.
خبرياً، سُجل تسلسل الأحداث الآتي: استيقظ صباح أمس سكان وسط إسرائيل على صاروخ يمخر عباب سمائهم مخلفاً وراءه ذيلاً أبيض. وفي ذروة الدهشة التي خلفها تحليق الصاروخ، أعلنت وزارة الدفاع أنها أجرت تجربة على منظومة صاروخية جديدة يجري تطويرها في إسرائيل من دون توضيح نوع هذه المنظومة وطرازها. وقالت صحيفة هآرتس إن الصاروخ الذي خضع للتجربة شبيه بالذي خضع لتجربة مماثلة عام 2008، وهو على الأرجح من نوع «أريحا 3» الذي يتجاوز مداه 4000 كلم والذي استخدمته إسرائيل في الماضي لإطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء الخارجي.
وبعد وقت قصير من إعلان التجربة الصاروخية، أصدر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بياناً كشف فيه عن مناورة أجراها سلاح الجو الأسبوع الماضي في قاعدة «دتسيمومانو» الإيطالية التي يستخدمها حلف شمالي الأطلسي. وأوضح البيان أن 14 مقاتلة من طراز F-16 تابعة لـ 6 أسراب مختلفة شاركت في المناورة، ورافقتها طائرة صهريج للتزوّد بالوقود جواً وطائرة إدارة عمليات من طراز «غولفستيرم 550» وطائرة شحن من طراز هركوليس. وأفاد طيارون مشاركون في المناورة بأنها شملت كافة القطع الجوية التي يمكن أن تكون جزءاً من مهمة قتالية بعيدة المدى. وخاضت المقاتلات الإسرائيلية في المناورة معارك جوية مقابل طائرات «يوروفايتر» التابعة لسلاح الجو الإيطالي، وطائرات «طورينادو» التابعة لسلاح الجو الألماني، وطائرات «أف 16» التابعة لسلاح الجو الهولندي. وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الهدف الذي اختير للتحليق يبعد 2400 كلم، واستغرقت فترة الوصول إليه ثلاث ساعات ونصف تضمنت تزوداً بالوقود في الجو.
وفي غضون ذلك، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية عزمها على إجراء مناورة اليوم تحاكي فيها سقوط صواريخ في منطقة الوسط التي تضم حاضرة تل أبيب. وأعلن الناطق باسم الجيش أن القوات التي ستشارك في المناورة تشمل كتائب الإنقاذ والحرب الكيميائية التابعة لقيادة الجبهة الداخلية، إضافة إلى الشرطة والإطفاء ونجمة داوود الحمراء وسلطة الطوارئ القومية.