القاهرة | مع تصاعد وتيرة الجدل بشأن «وثيقة السلمي»، التي تختص بالمبادئ الدستورية وقواعد تأليف الجمعية التأسيسية للدستور المصري الحديث، برزت حيثيات جديدة في قضية تفريق محتجين قتل فيها 28 شخصاً الشهر الماضي، حيث أعلن عضو في لجنة لتقصي الحقائق تدعمها الحكومة أن «الجيش المصري لم يستخدم الرصاص الحي» خلال تلك الحادثة. وفي ما يتعلق بوثيقة نائب رئيس الحكومة لشؤون السياسة والتحول الديموقراطي، علي السلمي، لخصت حسابات على شبكة «تويتر» الأزمة التي فجرتها هذه الوثيقة، بنتيجة أن «المجلس يحمي الميزانية» في إشارة إلى المجلس العسكري الحاكم في مصر. فوثيقة السلمي، كما يطلقون عليها، تتضمن بنوداً احتار المجلس العسكري وحكومته في تسميتها بين «التعديلات» أو «المبادئ فوق الدستورية»، لترسو على تسمية «وثيقة المبادئ الدستورية وقواعد تأليف الجمعية التأسيسية للدستور». في هذه الوثيقة أُدرجت بنود مثيرة للجدل، لكن أخطرها البند (رقم ٩) الذي ينص على أن «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها، على أن يجري إدراجها رقماً واحداً في موازنة الدولة، ويختص أيضاً دون غيره بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره».
هذا البند يمنح الجيش مساحة فوق السلطات، ويجعله «دولة داخل الدولة»، حسب تعبير المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية محمد البرادعي.
البرادعي لم يكن وحده معارضاً للوثيقة، لكنه كان من بين طيف واسع رأى أن الوثيقة تكشف عن نيات الجيش في فرض الوصاية على الدولة، وذلك من خلال البند التاسع وبنود أخرى تمنح المجلس الأعلى الحق في الاعتراض على أي نص من نصوص مشروع الدستور، الذي ستعده اللجنة التأسيسية يجد فيه المجلس الأعلى مخالفة مع قواعد الدولة المصرية.
التيارات الإسلامية هددت بمليونية يوم ١٨ تشرين الثاني، وفي الوقت نفسه أعلنت القوى الليبرالية واليسارية رفضها للوثيقة التي تمنح الجيش وضع الوصاية على الدولة، وهو ما يُعَدّ انتكاسة للمطالب الديموقراطية للثورة.
السلمي أعلن بدوره أنه خلال أيام سيصدر قانون «العزل السياسي» الذي طالبت به قوى سياسية زاخرة، وهو ما يثير استغراباً حول موعد تنفيذه بعد أن أُغلق باب الترشيح ولم يستطع أحد منع عضويات من الحزب الوطني الذي كان حاكماً والمعروفين إعلامياً وشعبياً باسم الفلول.
في غضون ذلك، قال حافظ أبو سعدة، وهو عضو رفيع في المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي ألف لجنة لتقصي الحقائق بشأن أحداث الشهر الماضي بين الأقباط والشرطة، إن «غالبية الشهود قالوا إنه لم تكن هناك طلقات رصاص حية أطلقها الجيش». لكنه أضاف لوكالة «رويترز» أن هناك حاجة لتحقيق مستقل للوصول إلى الحقائق كاملة، مشيراً إلى أنه «أُطلقت أعيرة نارية حية على المتظاهرين من مصادر لم يمكن تحديدها بدقة».
وأكد أن «القوات المسلحة لم تتعاون بما يكفي ولم تقدم لنا أسماءً ومعلومات عن ضحاياها».
لكن التقرير فسّر أعمال الدهس التي قامت بها عربات الجيش ضد المتظاهرين، بسقوط متظاهرين تحت ثلاث عربات مدرعة لدى عودتها صوب مبنى الإذاعة والتلفزيون من مطاردة متظاهرين.