القاهرة | «الشهيد متهم» ليست نكته، بل حقيقه كشفتها لائحة الاتهام التي اطّلع عليها محامون مصريون في النيابة العسكرية في العاصمة المصرية القاهرة أمس، أثناء حضورهم للدفاع عن نشطاء اتُّهموا بالتحريض على العنف أثناء تظاهرة للأقباط. إعلان تزامن مع تأجيل محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بتهم تتصل بقتل متظاهرين واستغلال النفوذ إلى جلسة في 28 كانون الأول المقبل. أما بالنسبة إلى تداعيات أحداث ماسبيرو، التي وقعت في 9 تشرين الأول الحالي، وراح ضحيتها 27 قتيلاً، وأكثر من 300 مصاب، فقد ورد اسم الشهيد مينا دانيال، المدوّن والناشط المصري الذي سقط في الأحداث التي وقعت أمام مبنى التلفزيون المصري، على رأس قائمة المتهمين في الأحداث، إلى جانب عدد من النشطاء. ماري دانيال الشقيقة الأكبر لمينا، وأمه كما كان يناديها، كانت أمام النيابة العسكرية في حي مدينة نصر شرق القاهرة منذ الصباح، قالت «شاركت في الوقفة تضامناً مع الشباب المتهمين، ولم أكن أعرف أن مينا على رأسهم». وتضيف «الشباب لا ذنب لهم والمجلس العسكري ورجاله هم المتهم الرئيسي في هذه المجزرة». وأمام ورود اسم مينا تعلّق دانيال: «مش عارفه دي نكته؟». وتضيف إن العسكر لم يكتفوا بقتل الشباب، بل يريدون طعنهم ألف مرة وهم موتى، مشيرة إلى التهم التي وجّهت إلى الشهيد، وهي «التحريض على العنف، وسرقة سلاح، والدعوة إلى التجمهر، والاعتداء على أفراد من القوات المسلحة، وحرق مركبات تابعة للجيش». ثم تتابع باستهزاء: «أريدهم أن يحضروا مينا إلى الحياة مرة أخرى، إن أستطاعوا، وأن يحاكموه بعد ذلك». شقيقة مينا دانيال أكدت أن والدته ناديا بشارة عادت إلى قريتها «صنبو» في محافظة أسيوط، ولم تعرف بخبر اتهام مينا بالتحريض، وقالت «لو عرفت لزاد حزنها على ولدها الذي ضاع حقه حياً ويضيع ميتاً».
المتهمون في القضية حسب عدد من المحامين كثر، لكن جرى التحقيق أمس مع اثنين، منهم علاء عبد الفتاح، وبهاء صابر، وهما مدونان وناشطان سياسيان، وُجّهت إليهما تهم التحريض على القوات المسلحة، واتخذت النيابة قراراً بحبس عبد الفتاح 15 يوماً لرفضه التعامل مع المحكمة، باعتبارها قضاءً استثنائياً، وأخلت سبيل صابر في محل إقامته. قرار حبس عبد الفتاح أثار موجة غضب خارج مقر النيابة العسكرية، أدت الى حدوث مشادات واشتباكات بين النشطاء وضباط القوات المسلحة، وذلك بعد هتافات ضد المجلس العسكري والمحاكمات العسكرية. أما هيئة الدفاع عن عبد الفتاح، فتقدمت بشرائط فيديو تثبت دهس الجيش للمتظاهرين، وهو ما يثبت، حسب محامي النشطاء أحمد سيف، أن الجيش خصم وحكم في القضية، ولا يصح أن يكون هو جهة التحقيق. وتحول قرار حبس عبد الفتاح الى هجوم عنيف ضد المجلس العسكري على شبكة «تويتر». وأشارت بعض التعليقات إلى أنه في اليوم الذي يحبس فيه عبد الفتاح يُفرَج عن خمسة ضباط أمن دولة متهمين في قضية التخلص من وثائق الجهاز الأمني الذي حُلّ في مصر بعد الثورة. في هذه الأثناء، قررت الدائرة التي يرأسها المستشار أحمد رفعت في محكمة جنايات القاهرة في جلسة استغرقت دقائق أمس تأجيل محاكمة الرئيس المصري السابق بتهم تتصل بقتل متظاهرين واستغلال النفوذ إلى جلسة 28 كانون الأول، انتظاراً لحكم في دعوى أقامها محامون لرد رفعت عن نظر القضية.
إلى ذلك، سرب مصدر قضائي عن وجود اتجاه عام بين قضاة مصر للاعتذار عن المشاركة في إدارة الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في ٢٨ تشرين
الثاني المقبل، وذلك لعجز الدولة عن حمايتهم أمنياً، وخاصة بعد فشل الأجهزة الأمنية في حماية المحاكم من هجوم المحامين وإغلاقها بالقوة.