عاد الهدوء إلى «جبهة» سيدي بوزيد التي اشتعلت في الأيام الماضية على خلفية عدم الرضى عن النتائج المعلنة لانتخابات المجلس التأسيسي التونسي، على وقع دخول المشاورات بين مختلف الأطراف لتأليف حكومة جديدة، مرحلة الجدّ، وسط بوادر خلاف بين أول الفائزين في الانتخابات، أي «النهضة» الاسلامية، والفائز الثاني، «المؤتمر من أجل الجمهورية» حول توزير وجوه تنتمي للحكومة الحالية. وأعلن الامين العام لحزب النهضة، مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة، حمادي الجبالي، أن «مشاورات أولية» بدأت منذ يوم الخميس بين حزبه (90 مقعداً في المجلس التأسيسي) وحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» (يسار قومي ــ 30 مقعداً) و«التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات» (يسار ــ 21 مقعداً) في اطار مشاورات ستشمل العديد من الاحزاب الاخرى، للاتفاق على مختلف مؤسسات المرحلة الانتقالية الثانية. ورغم أن الاتفاق بين هذه القوى الثلاث يؤمن لها أغلبية الثلثين في المجلس، (141 مقعداً من 217)، فإن مصادر حزبية أشارت إلى سعي «النهضة» لضم قوتين يساريتين أخريين إلى الائتلاف لـ«تعزيز موقع اليسار ولضمان أكبر قدر من الاجماع»، هما الحزب الديموقراطي التقدمي (17 مقعداً) و«تحالف القطب الديموقراطي الحداثي» (حزب التجديد الشيوعي سابقاً ــ 5 مقاعد)، واللذان سبق لهما أن أعلنا تحولهما إلى المعارضة. كذلك كشفت العديد من الصحف التونسية عن تودُّد «النهضة» لـ«حزب العمال الشيوعي» وللحزب الديموقراطي التقدمي والقوميّين. على وقع تلك المشاورات، ظهر تباين أولي في الموقف بين «النهضة»، التي أكد زعيمها راشد الغنوشي أنها تفضّل إبقاء وزراء حاليين في الحكومة المؤقتة ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، من جهة، والرأي الذي عبّر عنه المنصف المرزوقي، زعيم «المؤتمر من اجل الجمهورية» من جهة ثانية، عندما رفض الأخير بقاء رئيس الوزراء المؤقت الباجي قائد السبسي و«الوجوه القديمة في الحكومة».
ورداً على سؤال حول موافقة «النهضة» على بقاء بعض الوزراء في التشكيلة الجديدة»، أجاب المرزوقي «هذا لا سبيل إليه. نريد حكومة وحدة وطنية بوجوه وكفاءات جديدة مئة في المئة». إلى ذلك، ظهرت أولى إشارات الخلاف التونسي ــ الغربي، على خلفية كلام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قال إن بلاده «ستكون حذرة بشأن احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديموقراطية في تونس». كلام رد عليه مسؤول العلاقات الخارجية في حركة «النهضة»، سمير ديلو، الذي حذّر من أن «السيادة الوطنية هي مسألة لا تقبل المساومة، والتدخل في الشؤون الداخلية لتونس هي مسألة سيادة وطنية وكرامة وطنية». سجال دبلوماسي جرى بالتزامن مع إشارات رسمية ايجابية صدرت من واشنطن ومن طهران حيال الفوز الذي حققته «النهضة» ذات الخلفيات الاسلامية.
وفي سيدي بوزيد، عاد الهدوء إلى المدينة منذ أول من أمس، بعد الاضطرابات وأعمال التخريب التي اندلعت عقب اعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي، وخصوصاً بسبب إلغاء نتائج 6 قوائم انتخابية تابعة لـ«العريضة الشعبية» التي يتزعمها رجل الأعمال الهاشمي الحامدي. ورغم الهدوء، استمر حظر التجول الليلي «لحين التأكد من استتباب الهدوء في المدينة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)