على الرغم من ترويج التحالف ووسائل الإعلام المقربة منه، منذ أيام، لاقتراب معركة «تحرير صنعاء»، يبدو الهجوم على العاصمة وعلى المحافظات الشمالية، «أُمنية» تحول دونها عقبات عدة. في كواليس التحالف، ارتفع منسوب الخلافات السعودية ـ الإماراتية، بعد سيطرة المجموعات المسلحة المؤيدة للتحالف مسنودةً بقوات الغزو، على المحافظات الجنوبية كافة.
وجود الإمارات في الخندق نفسه مع حزب «الإصلاح»، وهي الدولة الأشدّ عداءً لجماعة «الإخوان المسلمين»، يجعلها تفكر مرتين قبل التوجه إلى الشمال، حيث لا يزال «الإصلاح» يحظى بقواعد شعبية وتنظيمية واسعة.
ومع تقدم المجموعات المسلحة في تعز، تأبى الإمارات تحريك آلياتها وقواتها خارج محافظة لحج، وهي آخر محافظة جنوبية محاذية للشمال. وتحدثت وسائل إعلام عربية في اليومين الماضيين، عن «فرملة» إماراتية لدورها العسكري في الميدان اليمني، بالتزامن مع الصعود «الإصلاحي» في صفوف القوات اليمنية المؤيدة للتحالف. الموقف الإماراتي أثار نقاشاً حول دور أبو ظبي في رسم خريطة جديدة، تقسّم اليمن بين جنوبٍ «محرّر» وشمال في قبضة «أنصار الله»، وهو ما دفع الحكومة الاماراتية مساء أمس، إلى نفي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، مؤكدةً «الرفض القاطع لتقسيم اليمن».

أطلقت «الفصائل الأحرار» في عدن المقاومة ضد
قوات الغزو

وفيما يصل الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي إلى الدوحة اليوم، بعد زيارةٍ للإمارات، علمت «الأخبار» أن السعودية أبلغت المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ بإصرارها على «تنفيذ كلّي» لقرار مجلس الأمن الداعي إلى انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» من جميع المحافظات، بالتزامن مع التمسك بإعادة رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح وباقي الوزراء إلى اليمن. في هذا السياق، قالت مصادر يمنية، إن التحالف ليس بوارد تجاوز الجنوب، وإن كل ما قيل بشأن الهجوم على صنعاء في إطار الضغط لحصول السعودية على مكاسب سياسية في المفاوضات.
وكان الخطاب الرسمي للتحالف يتمسك بالترويج لخطة قريبة لـ«تحرير صنعاء»، من خلال سيناريوات شبيهة لما شهدته محافظات الجنوب وتعز حالياً، بواسطة استقدام عناصر مدرّبة في الخارج للسيطرة على العاصمة التي دخلها الحوثيون في أيلول الماضي.
حركة «أنصار الله» قلّلت من أهمية تلك الأنباء. وأكد عضو المكتب السياسي في الحركة، ضيف الله الشامي، أن الحديث عن «خطة» للهجوم على صنعاء، تهدف فقط إلى الضغط على الجيش و«اللجان الشعبية» في عدد من الجبهات وتحريك خلاياهم النائمة في محافظات الوسط والشمال والعاصمة. وأضاف الشامي، في حديثٍ إلى «الأخبار» (علي جاحز)، أنه «ما إن بدأت الخطة حتى قوبلت بيقظة عالية وجرى التعامل مع تلك الخلايا بحزم، مثلما جرى في أرحب والرضمة وعتمة في ذمار»، في إشارةٍ إلى إحباط أعمال بعض الخلايا المرتبطة بحزب «الإصلاح» في المحافظات الشمالية. وعبّر الشامي عن اعتقاده بأن مخطط اجتياح صنعاء فشل، وكل الضجة الإعلامية حالياً تندرج ضمن الحرب النفسية، مؤكداً أن «أنصار الله» لا تتأثر إلا بمعطيات الميدان.
على المستوى الميداني، تواصلت المعارك في تعز التي أدت إلى مقتل 80 شخصاً خلال أربع وعشرين ساعة فقط. ونفت مصادر عسكرية ما تناقلته وسائل إعلام مؤيدة للتحالف عن تراجع الجيش و«اللجان الشعبية» من معظم مناطق تعز، مؤكدةً أنه لا نية بالانسحاب من المحافظة التي تُعدّ بوابة على الشمال وتثبيت لمكاسب التحالف في الجنوب. ونفذت المجموعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» و«القاعدة» هجمات عنيفة على بعض القرى التي حققوا فيها تقدماً، فيما تحدثت أنباء في وقتٍ سابق عن سيطرة القوات المؤيدة لهادي معسكر العروس في قمة جبل صبر المطلّ على تعز المدينة.
ومساء أمس، تمكن الجيش و«اللجان الشعبية» من استعادة السيطرة منطقة الجحملية ومبنى المحافظة وإلحاق خسائر كبيرة في صفوف المجموعات المسلحة.
وصدّ الجيش و«اللجان» هجومين لعناصر «القاعدة» والمسلحين المؤيدين للعدوان على التبة السوداء في منطقة عصيفرة وفي جبل أومان في منطقة الستين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. كذلك، هاجموا ثلاثة مواقع في منطقة مخلاف بني عون، مسقط رأس قائد المجموعات المسلحة في تعز حمود المخلافي، حيث جرى تطهيرها قبل أن ينصبوا نقطة أمنية فيها.
في هذا الوقت، تتسع رقعة الخلافات بين القوات الغازية والمجموعات المسلحة في عدن. وأكدت مصادر محلية في عدن أن الجيش الإماراتي، قام بتقسيم المحافظة إلى مربعات عسكرية وكلّف على كل مربع منها ضابطاً إماراتياً، في محاولةٍ لسحب البساط من تحت أقدام القيادات «الحراكية»، خصوصاً بعد وصول مئات الآليات العسكرية الجديدة والمعدات إلى عدن.
وفي تطورٍ لافت شهدته عدن، علمت «الأخبار» بتحركات لدى «فصائل الأحرار» المكوّنة من بعض أبناء المدينة والمحافظات الجنوبية الأخرى، تهدف إلى إطلاق مشروع لمقاومة الغزو الإماراتي والسعودي، والبدء الفعلي في تنفيذ عمليات عسكرية ضد المحتلين، مع العلم بأن تلك الفصائل قامت سابقاً بعمليات أدت الى مقتل جنود وضباط إماراتيين، اعترفت أبو ظبي بمقتلهم، مدعيةً أنهم قتلوا بحوادث متفرقة أو في عمليات نفذها تنظيم «القاعدة».
وفي سياق متصل، أكد مصدر محلي لـ«الأخبار» أن عناصر يشتبه في انتمائهم إلى «القاعدة» أعدموا صباح أمس، ستة أشخاص في منطقة التواهي في عدن بطريقة غير مسبوقة. فوفقاً لسكان محليين اقتاد هؤلاء ستة أشخاص لم تعرف هويتهم بعد يرتدون اللباس البرتقالي الذي يظهر في الأشرطة التي ينفذها تنظيم «داعش»، وأودعهم قارب صيد في ساحل «غولد مور» في عدن، وبعد دقائق من انطلاق القارب انفجر القارب في البحر حيث تناثرت الأشلاء، بحسب شهود أكدوا قيام هؤلاء العناصر بتصوير الواقعة بكاملها.
وتنتشر في عدن مجموعات «القاعدة» التي يقودها جلال بلعيدي (أعلن انضمامه إلى تنظيم «داعش» رسمياً في وقت سابق)، وتسيطر على أجزاء واسعة في محافظة عدن وسط تحذيرات من «الحراك الجنوبي». غير أن مجموعات «القاعدة»، بحسب قيادات في الحراك، ما زالت ترفض الخروج من عدن، حيث يصر على إثبات وجوده في المحافظة والبقاء فيها، بالتزامن مع ازدياد الحديث عن نية هادي وحكومة العودة إلى عدن وإعلانها «عاصمة مؤقتة» لمدة خمس سنوات. وتشير المصادر لـ«الأخبار» أيضاً إلى أن بلعيدي قد وصل برفقة مسلحين قبل أيام إلى عدن قادماً من أبين، وذلك برعاية قوات الاحتلال السعودي الإماراتي، بعدما كانت المحافظات الجنوبية قبل أشهر على وشك الخلو من الجماعات التكفيرية عقب دخول الجيش و«اللجان الشعبية» لولا تدخل العدوان.
(الأخبار)