طرابلس | الشارع الليبي منقسم بين مؤيّد للتحقيق في كل انتهاكات عناصر المجلس الوطني الانتقالي، الحاكم في البلاد حالياً، لتعارضها مع القيم والأخلاق، ومن يرى أنها تصرف فردي، أو يرجعها إلى ما قام به أزلام النظام السابق من تنكيل بالثوار.فالكاتبة الصحافية الليبية غيداء التواتي تصرّ على محاكمة كل من أقدم على أفعال شنيعة، بما في ذلك قتل العقيد معمر القذافي. وتشير إلى أن «بعض الثوار رفضوا أن يعترفوا بأن هناك أخطاء. والأخطاء معروفة أسبابها، فالأشخاص الذين يقاتلون هم مدنيون لا يعرفون معنى حقوق الإنسان ولا حقوق الأسير، وهذا طبيعي في ظل نظام مثل نظام القذافي الذي لم يرسّخ هذه المفاهيم».
وتأسف التواتي لأن المجتمع الليبي عاش ضحية تجهيل اثنتين وأربعين سنة انعكست على حياته بهذه الصورة، مضيفة أنها جمعت أدلة تثبت أن مدينة سرت، مسقط رأس العقيد، قد تعرضت لعمليات نهب وتدمير للبيوت والممتلكات العامة والخاصة، وحتى المواشي تعرضت للحرق، وسرقت العديد من الممتلكات تحت حجة كونها غنائم حرب، وهو ما انسحب على طرابلس العاصمة ابان دخول الثوار في آب الماضي.
تروي الصحافية الليبية أن منزلاً مجاوراً لمنزلها يقطنه أحد المقرّبين من القذافي قد تم الاستيلاء عليه وسلبه، فيما أقام بعض المسلحين في البيوت والمزارع المجاورة، قائلة إن هؤلاء «طلاب الغنائم يحضرون لجمع المال فقط». أما الناشط حامد الرياني، فيرى أن القذافي وأولاده وزبانيته فعلوا أكثر من هذا الفعل بكثير، لكنه يوضح: «ولكن مهما كانت درجة جرم القذافي، فهذا لا يبرّر أي تصرّف غير أخلاقي يتنافى مع ديننا وأخلاقنا وشريعتنا. ويجب استحداث لجنة مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب، فليس كل الثوار أوفياء لمبادئ الثورة، وليس كلهم ملائكة بعثتهم السماء. هم في الأول والآخر مواطنون ليبيون عاشوا سنوات الجهل والتخلف التي فرضها علينا نظام القذافي المقبور».
«هذه الحالات تبقى فردية»، حسبما يقول الكاتب الصحافي الحسين عبد الكريم، مضيفاً «هناك حالات فردية وليست ممنهجة. فالثوار ليسوا جنوداً نظاميين مدرّبين، إنهم من كل فئات الشعب». ويشير إلى جدل بين المقاتلين يظهر في الشريط المصوّر المتعلق باعتقال القذافي، «فواحد يريد التعذيب، وآخر من الثوار يعترض، وهكذا.. ولكن أؤكد أن هناك حالات إنسانية خيالية حدثت من إسعاف جرحى الكتائب ونقلهم وتوفير العلاج لهم حتى في الخارج».
وأكد أن بعض الأسرى التابعين للقذافي موجودون في بيوت الليبيين، يأكلون ويعيشون مع أبنائهم، حتى إن بعضهم كان يتصل بأهله ويقول لهم لن أرجع إلا بعد سقوط النظام، لأن القذافي إما يعيدني إلى الجبهة أو يعدمني».
ويدافع الصحافي الليبي عن المقاتلين، رافضاً حصول سرقات، بقوله «الانتهاكات حالات فردية خاصة سببها تاريخ النظام الدموي مع الشعب الليبي، بدليل أن الثوار من مصراتة سلموا المجلس الوطني مليون دولار عثروا عليها في سرت، وثوار البيضاء سلّموا 2 مليون دولار للمجلس عثروا عليها في سرت أيضاً. وعندما سئل أحد الثوار لماذا لم تأخذوها، قال إن الخير آتِ وسيعمّ كل الليبيين». هذه صورة لم يركّز عليها الإعلام الذي يصرّ على تبيان النقاط السلبية التي قد ترافق أي ثورة.