القاهرة | لم تحظ عملية تبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل، التي تمت مساء أمس، بالكثير من المتابعة الإعلامية. أسباب عديدة أخرجت الصفقة من دائرة الاهتمام، أوّلها أن حجم عملية الإفراج ضئيل جداً بالمقارنة مع صفقة التبادل التي حصلت قبل وقت قليل بين إسرائيل و«حماس»، وهو ما أثار انتقادات كثيرة للإدارة المصرية، ولا سيما أنه كان في استطاعتها إدراج فلسطينيين في إطار العملية، وهو ما لم تفعله، واكتفت بالسجناء المصريين. الأمر الثاني هو طبيعة السجناء المفرج عنهم، وهم يدرجون في غالبيتهم ضمن تصنيف «السجناء الجنائيين»، الذي ضُبطوا في إطار عمليات تسلل أو تهريب مخدرات من سيناء إلى الدولة العبرية. وإلى هذين الاعتبارين، يأتي وضع الموقوف الإسرائيلي في مصر الذي لم يمض على توقيفه إلا أشهر قليلة، وهو بالتالي لم ينل الشهرة الإعلامية التي كانت لجلعاد شاليط، إضافة إلى جنسيته الأميركية التي ربما كانت السبب الأكبر في عملية التبادل «الفقيرة». لهذه الاعتبارات اقتصر «حدث التبادل» على التلفزيون المصري الذي نقل صوراً لمرور السجناء، وهم ينتمون إلى بدو سيناء، من بوابة على المنفذ من الجانب الإسرائيلي حتى وصلوا سيراً على الأقدام، لبضعة أمتار، إلى بوابة مقابلة على الجانب المصري. وأجرى التلفزيون مقابلات سريعة مع السجناء قبل نقلهم بحافلة إلى أحد الفنادق القريبة، قبل أن يتسلّمهم أهالي السجناء.
وكان مدير أمن جنوب سيناء اللواء محمد نجيب موسى قد أكد لوسائل الإعلام المصرية، في وقت سابق، أن «الجاسوس الإسرائيلي غرابيل دخل منفذ طابا البري، وهو موجود في المنفذ إلى حين إتمام صفقة التبادل». وقال مسؤول إسرائيلي إن مصر أفرجت عن غرابيل الذي من المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل توجهه إلى الولايات المتحدة.
واصطفّ العشرات من بدو سيناء أمس عند المعبر الحدودي الفاصل بانتظار الإفراج عن أقاربهم. وقال محمد السواركي لـ«رويترز» إن أخاه أشرف عبد الله (18 عاماً) من بين الذين سيُفرج عنهم. وأضاف أنه «يريد فقط أن يرى أخاه». وامتدح عمل مصر على الإفراج عنه، وقال إنه «شيء طيب». وقالت أسرته إنه حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في إسرائيل لاتهامات بعبور الحدود بطريقة غير مشروعة. وهم يقولون إنه ضلّ طريقه. وكان قد أمضى عاماً في السجن.
وقال يوسف الأطرش الذي ذكر أن اثنين من إخوته بين السجناء الذين سيفرج عنهم، في حين ان أخاً ثالثاً له سيظل وراء القضبان، إن «سعادتهم لم تكتمل لأنهم يريدون الإفراج عن الأخ الثالث». وأضاف أن «إخوته عبروا الحدود بسبب الظروف الصعبة».
ويرى بعض المحللين أن هذا التبادل يمثل ستاراً لمصر لحل صداع دبلوماسي. وقال المحلل المصري حسن نافعة «أنا اعتبره غطاءً لإعادة تسليم هذا الجاسوس بضغط من الولايات المتحدة لأنه مواطن أميركي». وأضاف «الإفراج عن هؤلاء الخمسة والعشرين يمثّل غطاءً لا معنى له في واقع الأمر. لم يضرّ إسرائيل ولا يفيد المصريين كثيراً».
من جانبه، قال خالد عرفات، رئيس حزب الكرامة في شمال سيناء، إن «هذه الصفقة ظالمة جداً، وكان من المفترض أن يُفرج عن جميع الأسرى والسجناء المصريين فى سجون إسرائيل وعددهم حوالى 81 سجيناً أو أكثر، فليس لدينا إحصاءات رسمية ودلائل تشير إلى العدد الحقيقي للأسرى». وأضاف «لهذا نطالب الخارجية المصرية بالإعلان الفوري عن عدد السجناء المصريين لدى إسرائيل». وتابع «هناك سجناء لدى اسرائيل مضى على سجنهم أكثر من 30 عاماً، ومنهم ما بين عشرين وثلاثين عاماً، وغالبيتهم من الفدائيين، حيث أفرجت إسرائيل عن متهمين بتهم تسلل وجنائيين، ولم تفرج عن سياسيين أو فدائيين».