وسط توقُّعات بفوزهم بنحو 40 في المئة من أصوات انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، سعى الإسلاميون إلى تهدئة المخاوف من صعودهم، بينما أقرّ «التقدميون» (يسار وسط علماني) بهزيمتهم، وتعهدوا بأن يدافعوا عن «تونس الحديثة والمزدهرة» في صفوف المعارضة، في وقت يُفترض أن تعلن فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية اليوم. وأشار عضو المكتب السياسي لحزب «النهضة»، سمير دلو، إلى أنه «بحسب مصادرنا، لسنا بعيدين عن 40 في المئة. ربما أقل أو أكثر قليلاً، لكننا مبدئياً متأكدون من الفوز على الأقل في 24 دائرة» من الدوائر الانتخابية الـ27. وتوقع قيادي آخر في الحزب أن يحصل الحزب على 60 مقعداً على الأقل من أصل 217 في المجلس التأسيسي، وهو ما يعني أقل من 40 في المئة من الأصوات. وسعت الحركة الإسلامية إلى طمأنة الخارج والداخل، وذلك على لسان القيادي في الحركة نور الدين البحيري الذي لفت إلى أن التزام حزبه باحترام حقوق المرأة وكافة تعهدات الدولة التونسية سيكون كاملاً. وقال البحيري «نحن مع إعادة بناء مؤسسات دستورية قائمة على احترام القانون واحترام استقلالية القضاء واحترام الأحوال الشخصية وحقوق المرأة، بل وتدعيمها على قاعدة المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن المعتقد والجنس والجهة» التي ينتمون إليها. كذلك شدّد على التزام حركته بـ«احترام كل تعهدات الدولة التونسية والأمن والسلم العالميين والأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط». وتابع البحيري أن «تونس لكل التونسيين، وقدر التونسيين أن يعيشوا بعضهم مع بعض، وأن يحترموا التنوع والتعدد»، مضيفاً «نحن مع التوافق والعمل التجميعي وضد تقسيم المجتمع التونسي على أساس إيديولوجي، لأن بلادنا في حاجة إلى كل أبنائها وكفاءاتها»، مشدداً على أنه «نحن ضد كل إقصاء أو استثناء». وفي السياق، وجّهت «النهضة» إشارات طمأنة إلى الوسط الاقتصادي والمستثمرين، على قاعدة أنه لا داعي لخوف المستثمرين والشركاء الأجانب من وصولها إلى السلطة، على حدّ تعبير مدير الحملة الانتخابية للحركة عبد الحميد الجلاصي.
على صعيد آخر، أقرّ «الحزب التقدمي الديموقراطي»، أبرز الأحزاب العلمانية، بهزيمته، بعدما توقّعت استطلاعات الرأي حلوله ثانياً. وجاء في بيان للحزب أنه «يحترم اللعبة الديموقراطية، والشعب منح ثقته لمن اعتبرهم أهلاً لهذه الثقة». وأضاف البيان أن الحزب يهنّئ الفائز، وسيكون في صفوف المعارضة. وفي السياق، أعلنت الأمينة العامة للحزب، مايا الجريبي، أن «التوجهات واضحة. الحزب الديموقراطي التقدمي في موقع سيّئ. هذا قرار الشعب التونسي، وأنا أحترم هذا الخيار. أهنّئ أولئك الذين حصلوا على أصوات الشعب».
أما حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي يتنافس على حلوله في المركز الثاني بعد «النهضة» مع حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» (يسار) بزعامة مصطفى بن جعفر، فقد أشار وجهه الأبرز المنصف المرزوقي إلى أنه «لا حزب يمكنه أن يحكم تونس وحده، وستقع تحالفات وفق برامج سياسية لإقامة حكومة وحدة وطنية، وسندخل في نقاشات معمّقة مع الجميع، إذ إن المعركة ليست إيديولوجية بين إسلاميين وعلمانيين كما يحاول البعض تصويرها لإدخالنا في متاهات. معركة تونس هي ضدّ التخلف والفقر». وقد اعترف الشيوعيون بخسارتهم أيضاً، عندما أعلن القيادي في حزب «التجديد» (الشيوعي سابقاً) عادل الشاوش أن «من الواضح أن النهضة تتقدم الجميع في أغلب الدوائر». كل ذلك وسط حملة دولية مرحّبة «بحسن سير الانتخابات»، وهو ما جاء على لسان مسؤولين فرنسيين وروس وبريطانيين.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)