رغم أن الحكومة اليمنية أعربت عن استعدادها «للتعامل الإيجابي» مع قرار مجلس الأمن الأخير، لا يعول المراقبون كثيراً على إعلان النوايا هذا، ويتفق كثيرون منهم على أن الحرب يمكن أن تمثل وسيلة لصالح ليحسن شروط تنحيه، وللمعارضين الذين يحمل بعضهم السلاح لإمكان حسم النزاع المستمر منذ تسعة أشهر. وبعدما أقر بأن القرار الأممي مثل «نجاحاً للمسار السياسي والدبلوماسي للثورة»، أعرب مدير مركز دراسات المستقبل، فارس السقاف، عن خيبة أمله لأن القرار لم يصدر تحت البند السابع، ولعدم تضمنه أي عقوبات ضد النظام، مرجحاً عدم توقيع صالح المبادرة الخليجية، واتخاذه «القرار النيروني، بإحراق كل شيء». وبحسب السقاف، فإن صالح يريد «تسوية ما بعد الحرب، لا الخضوع لثورة سلمية»، ولا سيما أنه قد يكون غير قادر على الحسم بسبب الانشقاقات الكبيرة التي حصلت، وقد تحصل في المستقبل.
بدوره، رأى المحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان، أن صالح «يمكن أن يذهب الى التفجير إذا شعر بأن هناك ضغطاً جدياً عليه»، لافتاً إلى أن «صالح يعرف أن لا أحد يستطيع أن يعطيه ضمانات داخلية، وبالتالي قد يسعى إلى أن ينتزع الضمانات» من خلال معركة يرمي بها بوجه المجتمع الدولي إذا حصلت أيّ تطورات تضع حداً لما يراه «تعادلاً» بينه وبين مناوئيه في الوقت الحالي.
وفي السياق، أوضح بدرخان أن «قرار مجلس الأمن والمستوى الحالي من الضغوط الإقليمية والدولية ليسا كافيين لتغيير الوضع القائم»، لافتاً إلى أن القرار سيفهمه صالح «على أنه لا شيء جديداً». ويوضح أنه على خلاف التصريحات العلنية، لا ضغط أميركياً وسعودياً قوياً بما يكفي. ويضيف «لا أزال أعتقد أن الأميركيين والسعوديين لم يدخلوا في ضغط شخصي مباشر على صالح». بدوره، يرى المحلل في مركز بروكينغز في الدوحة إبراهيم شرقية، أن القرار «ضعيف ومخيب للآمال»، وهو «نتيجة للاستراتيجية الأميركية والسعودية التي تتمثل في ترميم النظام لا تغييره، أي رحيل صالح لا نظامه»؛ فمن جانب، تتشكك واشنطن تجاه المعارضة اليمنية، التي يسيطر عليها الإسلاميون، ولا تريد تغييراً جذرياً للنظام الأمني في ظل الحرب المستمرة مع القاعدة، أما الرياض، فلا تريد نجاحاً لثورة شبابية على حدوها الجنوبية.
لكن شرقية لا يرجح حصول تصعيد كبير من قبل النظام، لأنه «لو كان صالح قادراً على الحسم عسكرياً، لفعل ذلك منذ اليوم الأول»، إلا أن حسم الأمور سلمياً يبدو خياراً مستبعداً في اليمن. إلى ذلك، ارتفع عدد القتلى الذين سقطوا في اشتباكات اليومين الماضيين في صنعاء إلى 21، بعدما قتل أمس رجل مسن وجرح أكثر من خمسين بينهم ثلاثة جنود في عمليات قنص واشتباكات شهدتها صنعاء. وتجددت الاشتباكات أمس في حي صوفان، وفي دوار الساعة جنوب شرق حي الحصبة الشمالي، إضافةً إلى حي الحصبة نفسه، في المنطقة الواقعة بين مبنى وزارة الداخلية ومنزل زعيم قبائل حاشد الشيخ صادق الأحمر، فيما تواصلت التظاهرات في ساحة التغيير، رغم تعرضها لعمليات قنص. وفي السياق، وصف مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية، ما تردد عن رصد مكالمة هاتفية للرئيس اليمني يأمر فيها بتدمير صنعاء وضرب خصومه، بعد ساعات من إصدار قرار من مجلس الأمن، بأنه «ادعاءات سخيفة»، وذلك بعدما أصدرت قيادة الجيش المؤيد للمحتجين بقيادة اللواء علي محسن الأحمر المنشق عن الجيش النظامي، بياناً كشفت فيه أنه رُصدت مكالمة لصالح مع نجله أحمد وأخيه غير الشقيق علي صالح الأحمر، يأمرهما فيها بتدمير صنعاء وضرب خصومه، وذلك بعد صدور قرار مجلس الأمن. ووفقاً للبيان قال صالح مخاطباً إيّاهما «ابدآ الضرب بكل أنواع الأسلحة.. طهّرا الحصبة ومنطقة صوفان ودمّرا كل من يقف أمامكما، واتركا مجلس الأمن والخليجيين والأميركيين والأوربيين ينفعونهم».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)