يبدو أنّ المواطنين في تونس بدأوا يتهيأون لمتابعة ما ستؤول إليه الأوضاع بعد انتخابات المجلس التأسيسي، قبل أن تبدأ فعاليات الانتخابات أو تُحسم النتائج. الكل يتحدث عن أنّ حركة «النهضة» الاسلامية ستحسم النسبة الكبيرة من مقاعد التأسيسي الـ217، وعن بروز «التكتل» قوّة سياسية ثانية، إضافة الى رجوع وزير الخارجية الأسبق كمال مرجان بقوة الى المطبخ السياسي التونسي.
وإذا كانت الآراء تتعدّد، فإن القاسم المشترك الأكبر بين كل التونسيين أنّهم لم يحسموا بعد مرشحهم في الانتخابات. فالقوائم المتعدّدة قد جعلت أمر الحسم على مستوى دائرة واحدة صعباً، وخصوصاً أنّ جميع البرامج الانتخابية متشابهة، وتعد جميعها بالازدهار والتحرر والعدالة والمساواة والقطع مع الماضي الديكتاتوري.
«كلام سياسي لن ينفذ»، هذه كانت إجابة طالبة المرحلة الثالثة من الهندسة المدنية، شهيرة، عن سؤال لـ«الأخبار». وتضيف «يريدون انتخابهم لاقتسام الكعكة التأسيسية». قد يكون كلام شهيرة منطلقاً من حيث التشابه الذي طبع البرامج الانتخابية، لكنها تعود وتحسم رأيها في النهاية وتقول إنّها تؤمن بضرورة فصل الدين عن السياسة، وأنّه لا بد من العلمانية لضمان الحرية المنشودة.
وإن كانت تلك الأمنية التي طرحتها شهيرة قد كلّفت البلاد في ثورة 14 كانون الثاني أكثر من 300 شهيد، فإن الشيخ عبد الهادي، وهو سائق تاكسي، يقول إنه لا مكان اليوم إلا لـ«النهضة» بما هي نهج اسلامي للخروج «من عهد الظلمات إلى النور». ويعلل رأيه بأن معظم الشعب مع «النهضة» لأنّها «ستحافظ على الهوية العربية الإسلامية لتونس».
كلام الشيخ يجد أصداءً في أوساط شبابية تطالب بـ«النهضة» طريقاً للخلاص من ظلام الفساد والديكتاتورية. لكن «طريق «النهضة» قد يقود إلى عصر من الديكتاتورية الجديدة»، هذا ما جاء على لسان سامي، أحد طلبة الحقوق المتأثر كثيراً بالماركسية. ويوضح سامي أن «النهضة ستكون وبالاً علينا. يمكنها أن تلد مجموعة تستأسد بالسلطة والمال، لذا يجب أن تكون السلطة مختارة من الشعب ومن الطبقات الشغيلة التي كانت الفاعلة في الثورة». طريقة تفكير ايديولوجية تتناسب مع اختيار سامي لحزب العمال الشيوعي التونسي مرشحاً له للانتخابات.
وبين هذا وذاك تبقى اختيارات التونسيين رهينة مستوى وعي كل مواطن وقراءته للّحظة الراهنة. لحظة مهمة في تونس إذ ستحدّد الطريق نحو تحقيق الديموقراطية المنشودة. تلك «الديموقراطية قد يكون طريقها صعباً أمام التونسيين، فالفرنسيون قاموا بثورة قضت على كثير من الشعب للوصول إلى الديموقراطية»، هذا كلام محسن، أستاذ التاريخ في معهد تعليم ثانوي. ويقول محسن إن «الانتقال للديموقراطية كان محل كثير من البحوث والنظريات في العلوم السياسية، منذ أن برزت الديموقراطية نظاماً سياسياً في أوروبا بداية القرن التاسع عشر». ويوضح أنّ على «التونسيين أن يحسنوا الاختيار، وأن يكون المجلس التأسيسي المقبل فسيفسائياً، ومكوّناً من جميع الأطراف الفكرية المؤثرة في الحياة السياسية».
لكن التنوع قد يخلّف الاضطراب، والاضطراب بدوره قد يولّد أزمة، يقول محسن بهذا الخصوص إن «الاختلاف هو أكبر ركيزة للديموقراطية»، وإن «الديموقراطية هي توافق يكون نتاج صراع فكري». ما قاله استاذ التاريخ يعبر عن الاعتقاد السائد عن الديموقراطية لدى التونسيين. ذلك الاعتقاد الذي تعزّز في أقل من عام على اندلاع الثورة، وتشكل انتخابات المجلس التأسيسي تتويجاً لنجاحه.
حتى وإن كان الوعي الجماعي لدى التونسيين بضرورة التوصل إلى الديموقراطية، فإن الغالبية منهم لم يحسموا أمرهم بعد، وإن كان البعض لا يريد التصويت بسبب قلة معرفته بالقوائم المشاركة، إضافة إلى التعقيد الذي صاحب الحملات الانتخابية وكثرة الأسماء.
هذه الأسباب، بحسب ما يقول جلال، وهو مراسل قناة إخبارية عربية في تونس، هي التي تقف وراء عدم مشاركة 45 في المئة في عملية التسجيل للانتخابات القادمة من مجموع 7 مليون ناخب. ويضيف أن التونسيين عازفون عن المشاركة لظنهم أيضاً أن الطبقة السياسية التونسية تريد الاستئثار بالثورة و«الركوب عليها».
مفيدة (55 عاماً)، وهي عاملة مصنع خياطة، تشير، من جهتها، الى أنها لا تعرف بعد لمن تصوت «فالكل يعد بالديموقراطية ومحاسبة أذناب النظام البائد»، لكن قد تكون كل تلك الوعود «غير واقعية» وهدفها «سلب أصواتنا» فقط. وتضيف أن «غايتنا الآن ضمان قوت يومنا ومستقبل أولادنا».
المقاربة نفسها يتبناها محمد علي، وهو عامل صيانة في احدى الشركات الخاصة. يقول إنه لا يعرف إذا كان اختياره سيأتي بمفعول إيجابي عليه وعلى غيره من العمال ذوي الدخل المحدود.
المخاوف المطروحة تبقى مشروعة، وخصوصاً أنّ الجميع لاحظ عدم حسم التنمية الاقتصادية، فيما يشير آخرون الى أن المال والسياسة سيكونان مدخلاً للتدخل الخارجي في مسار العملية الانتخابية والقرارات السياسية. هذا ما يعبر عنه قيس، الموظف في قطاع البنوك، قبل أن يضيف متسائلاً «هل كل تلك الأموال والمليارات المرصودة من أوروبا وأميركا لتونس من أجل عيون التونسيين؟». ويوضح «أوروبا وأميركا تنتظران صعود نظام يحفظ لهما مصالحهما، وكثير من الشركات الأميركية والأوروبية التي لم تكن موجودة في تونس من قبل، ستحضر في القريب العاجل هنا بين ظهرانينا».
قيس، وحسب اطلاعه على الملف الاقتصادي بعد الثورة، يقول إن تونس كانت في حاجة إلى سيولة نقدية لإنقاذ تدهور العملة، وهو ما حصل فعلاً عن طريق مجموعة الاقتراضات التي خصصتها مجموعة دول العشرين في الشهور الماضية. كلام قيس يؤكد أن لعبة المال السياسي مطروحة بشدّة على الساحة الوطنية، تلك «اللعبة القذرة» التي لا تريد موظفة مبيعات الملابس بإحدى الشركات الخاصة، سيّدة، المشاركة فيها. وتعلل موقفها هذا بأن «الأحزاب لا تعمل إلا من خلال الدعم المالي الذي تتلقاه من الخارج». وتخلص الى أنهم «إذا ما نجحوا في الانتخابات فسينفذون أجندة من دعمهم». وتضيف «إذن فالمشاركة في هذه الانتخابات لن تولد الديموقراطية التي ننتظرها».
خولة، إحدى الناشطات الحقوقيات، ترى أن «مؤشرات الفساد بعد الثورة أكثر منها قبلها. لذلك فإن الانتخابات قد تكون مؤشراً إلى زيادة ذلك الفساد».


عمليات بيضاء... وثلاثة رؤساء سابقين للمراقبة





تسابق السلطات التونسية الزمن لإنهاء الاستعدادات اللوجستية قبيل انطلاق الانتخابات التونسية غداً، التي ستجري تحت إشراف عدد كبير من المراقبين، بينهم ثلاثة رؤساء دول سابقين

مع قرب موعد الانتخابات، وعلى غرار سائر الاستحقاقات، تعجّ المؤسسات السياسية والتابعة للدولة التونسية بالإعداد والاستعداد قبل موعد التصويت يوم الأحد. وفي ظل هذه الأجواء عاشت تونس الأسابيع الماضية، ولاسيما أن انتخابات التأسيسي تمثّل أول اختبار لتونس في طريق تحقيق الديموقراطية. ولذلك، وفي هذا الإطار نفسه، نظّمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مجموعة من الفعاليات لدراسة عملية التصويت والوقوف على ثغرها التنظيمية، لكي لا يترك أيّ شيء للصدفة.
فنظّمت في العاصمة عملية انتخابية بيضاء للتدرّب على جميع مراحل عملية الاقتراع، كانت في مجملها ناجحة وحسب المعايير الدولية المعتمدة من قبل الاتحاد الأوروبي الذي سيتولى، إضافة إلى دول أخرى ومؤسسات دولية، الإشراف على تلك العملية. ولعل هذه العمليات ستجعل مهمة رقابة العملية الانتخابية سلسة، إذ ستقف على أي أسباب لتزويرها في مكاتب الاقتراع، في وقت يمكن فيه ممثّلي الأحزاب التثبّت جيداً من تمكّن المواطن من تنفيذ عملية الاقتراع من دون أي تعقيدات.
يأتي ذلك فيما انتهت عمليات تحديد مواقع مراكز الاقتراع ومكاتبه، حيث عملت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على إعلام الناخبين عنها بتعليق إعلانات حولها في مقار هيئاتها الفرعية وفي مقار المعتمديات والعمد والبلديات. وكانت الهيئة قد أعدّت لائحة بـ7213 مركز اقتراع. كذلك عيّنت من بين الناخبين أربعة مسؤولين في كل مكتب (رئيس، عضوان يكون أكبرهما سناً نائباً للرئيس، وعضو مكلف بتنظيم الصف)، وحدّدت الشروط الواجب توافرها في هؤلاء، من بينها ألا يكونوا من بين المترشحين أو من ممثّلي القوائم، حيث توصلت إلى تكوين أكثر من 25 ألف عون (رجل شرطة).
وينتظر أن يحضر رؤساء مكاتب الاقتراع ومساعدوهم في مراكز الاقتراع التي عُيّنوا فيها أمس، أي قبل يومين من موعد الانتخابات، للعمل على تعليق قوائم الناخبين في مداخل مكاتب الاقتراع، وتكون أسماء الناخبين مرتّبة حسب أرقام بطاقات التعريف الوطنية تسهيلاً للمهمة.
وخصّصت الهيئة نحو 26 ألفاً و730 خلوة لتركيزها في جميع مكاتب الاقتراع.
تلك الاستعدادات الحثيثة ترافقت مع تخصيص مقاعد للملاحظين والصحافيين وممثلي القوائم الحزبية والمستقلة والائتلافية، والتي قالت الهيئة إنها ستكون على بعد مسافة مقبولة من الناخبين لمنع أي تأثير عليهم.
ومن المتوقع ألّا يسمح التنظيم المحكم الذي نفّذ في إطار العملية البيضاء بأي ثغرة قانونية وتنظيمية، وخاصة بعدما جرى تنبيه رئيس المكتب إلى أنه إذا تبيّن بعد الجرد عدم توافر مواد الاقتراع بالكميات المطلوبة، يتعيّن عليه إعلام رئيس مركز الاقتراع الذي يتصل بدوره بمنسّق الوحدة المحلية أو رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات لسد النقص في أقرب الآجال..
وينتظر أن تستقبل مكاتب الاقتراع داخل الجمهورية نحو 4 ملايين ومئة ألف و812 ناخباً وناخبة ليختاروا من يريدون من القوائم المترشحة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي من مجموع 7 ملايين. وبلغ مجموع عدد المترشحين في القوائم 11 ألفاً و686 مرشحاً.
وفيما تتواصل الاستعدادات على قدم وساق لإنجاز الترتيبات قبل انطلاق الانتخابات، استمر توافد المراقبين الأجانب على البلاد من كل حدب وصوب.
وأعلن المعهد الديموقراطي للشؤون الدولية أن الرئيسين السابقين لدولتي البيرو وبوليفيا، أليخاندرو توليدو وخورخي فرناندو كيروغا، وصلا إلى تونس على رأس بعثة دولية لمراقبة انتخابات المجلس التأسيسي. وأوضح المعهد أن بعثته إلى تونس تتألف من 49 مراقباً معتمداً من 17 دولة، سيتوزعون على مختلف المناطق التونسية، أثناء توجه الناخب التونسي إلى صناديق الاقتراع.
ويشارك في البعثة كذلك كل من جاين هارمان، رئيسة مركز «وودرو ويلسون» الدولي والعضو السابق في الكونغرس الأميركي، ومروان المعشر نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ووزير الخارجية الأردني السابق، وآنا غوميز عضو في البرلمان الأوروبي من البرتغال، وليسلي كامبل المدير الإقليمي لبرامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الديموقراطي الدولي.
وقال المعهد الديموقراطي للشؤون الدولية إن عملية مراقبة الانتخابات في تونس ستجري بما يتوافق مع المعايير المنصوص عليها في إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات الذي وافقت عليه 36 من المنظمات غير الحكومية والمشتركة بين الحكومات، والذي أُعلن في الأمم المتحدة في عام 2005.
وبوصول الرئيسين السابقين للبيرو وبوليفيا إلى تونس، يرتفع عدد الرؤساء السابقين الذين سيشاركون في مراقبة الانتخابات التونسية إلى ثلاثة، باعتبار أن الثالث هو «قاسم يوتيم» الرئيس السابق لجمهورية موريس الذي وصل إلى تونس على رأس بعثة مركز كارتر، الذي يرأسه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. ويتألف وفد بعثة مركز كارتر من عدة شخصيات من 40 دولة، منها أستاذ الصحافة في جامعة سنترال مشيغان الأميركية جون هارتمان والسيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين سميث كارتر.

استنفار أمني لأكثر من 50 ألف عنصر: أصحاب البزّات العسكريّة يملأون الشوارع لتطبيق الطوارئ






لأن الحدث استثنائي في تونس، كان منطقياً أن يستنفر رجال الأمن. التعويل الكبير على أن تجرى أول انتخابات حرة في أول دول «الربيع العربي» يترجم بإجراءات طوارئ هدفها الحؤول دون حصول أي مفاجأة غير سارّة

في كل زاوية من تونس، ينتشر أصحاب البزّات الخضراء والسوداء (رجال الأمن)، معززين بسيارات رباعية الدفع وبعض الشاحنات ذات العجلات الكبيرة التي تقلب الطريق جيئة وذهاباً ليلاً ونهاراً، لتربط بين مختلف الشوارع التونسية في يقظة منقطعة النظير. ذلك هو المشهد الأمني في الشوارع الرئيسية في تونس، عشية انتخابات المجلس التأسيسي. مشهد يختلط فيه جنود الجيش الوطني التونسي، الذي اكتسب شرعية بعدما اختار الوقوف مع الشعب ضد النظام البائد في ثورة 14 كانون الثاني الماضي، مع عناصر وحدات التدخل، وقوات الشرطة ذات الأزياء الزرقاء المميزة. حركة كبيرة في السلك الأمني تخضع في مجملها لمعادلة معينة للمحافظة على الأمن في هذا الحدث الاستثنائي الذي تعيشه تونس هذه الأيام. معادلة تقوم على الآتي: جندي تحت إمرة ضابط معين لكل مكتب اقتراع، وشرطيان على الأقل من قوات الأمن العام لكل مكتب، وذلك على امتداد المساحة الجغرافية للبلاد. وعلى أساس هذه المعادلة المبسطة، فإن قيادة الجيش ستسخّر 22313 عسكرياً مسلحاً من مختلف الرتب لحماية وتأمين 4593 مكتب اقتراع غداً الأحد. ذلك ما أفاد به العميد مختار بن نصر المتحدث باسم الجيش التونسي في ندوة صحافية، بينما أشار المتحدث باسم وزارة الداخلية هشام المؤدب إلى أنه سيصار إلى تخصيص ما بين 2 إلى عشرة أعوان (رجال شرطة) لكل مركز اقتراع وفق ما تقتضيه كل حالة. وطمأن المؤدب إلى أن الانتخابات ستجرى في أحسن الظروف من الناحية الامنية، علماً أن العدد الإجمالي للأعوان المسخرين لتأمين العملية الانتخابية يناهز 29 ألف عون. أما العميد بن نصر فقد أوضح أن العمل يجري بالتنسيق مع الشرطة والحرس الوطنيين لتسيير دوريات أمنية تعمل على «إضفاء الأمن في تونس في هذه الفترة السياسية الحرجة والتي تتطلب أعيناً ساهرة تعمل على الأمن من أجل إنجاح العملية الانتخابية». وكشف بن نصر، خلال اللقاء مع ممثلي وسائل الإعلام، عن فحوى خطة أمنية وُضعت بالتنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية والهيئة المستقلة للانتخابات، لمعرفة متطلبات المرحلة الحالية من تأمين لمكاتب الاقتراع، وتوفير المد اللوجستي اللازم لها، والتي تتعلّق في مجملها بضمان سلامة صناديق الاقتراع وأوراق الانتخاب. وبالإضافة إلى تأمين مقر الهيئة المركزية للانتخابات والهيئات الفرعية في الجهات والمناطق، يتولى الجيش الوطني حماية وتأمين مخازن أوراق الاقتراع المركزية في العاصمة وفي المقار الجهوية. كذلك تمكّن الجيش من تأمين نقل صناديق الاقتراع والمعدات الانتخابية والمكتبية التي يصل وزنها الإجمالي إلى 320 طناً جواً وبراً إلى كافة المناطق في البلاد، وهي العملية التي انتهت أول من أمس.
وفي السياق، لفت بن نصر إلى أن عملية جمع صناديق الاقتراع من المراكز الفرعية للانتخابات سيتولاها جنود الجيش، وذلك مباشرة بعد انتهاء العملية الانتخابية، إضافة إلى توليه تأمين جمع صناديق الاقتراع من المكاتب الانتخابية إلى المراكز المحلية ومنها إلى مقار الهيئات الفرعية.
وتأتي الخطة الأمنية المذكورة التي يشرف عليها الجيش في توقيت حرج وفي ظل خشية أمنية من محاولات قد تحدث لإفساد عملية الانتخاب التي ستعبر بتونس إلى مرحلة انتقالية نحو ديموقراطية مرجوة من قبل جميع الأطراف، ولهذه الأسباب، جزم العميد بأنّ القوات المسلحة اتخذت مبدأ التعبئة العامة لإنجاح هذه العملية، معترفاً بمشاركة الجيوش الثلاثة والمصالح المشتركة في التحضيرات الأمنية.
ولعل أبرز الأسباب التي جعلت الجيش يعمل من منطلق هذه الفلسفة الأمنية، هو عملية حصلت قبل فترة في مدينة سوسة الساحلية (130 كيلومتراً من العاصمة)، والتي استعمل فيها المتهمون الحدث الانتخابي حجة لجمع أموال على شكل تبرعات من شركات وأشخاص معنويين، بعد إيهامهم بأنها مخصصة لوزارة الدفاع للمساهمة في تكاليف العملية الانتخابية. وأقرّ الجيش بأن المتهمين تنكّروا في زي عسكري، واستخدموا ختماً مزيفاً أيضاً، وأن المجموعة لا تزال قيد الفرار. هذه الخطة الأمنية، فضلاً عن التعاون بين جهازي الجيش وقوات الأمن العام، أفضت إلى إيقاف أكثر من 38 ألف شخص في الأشهر الثمانية الأخيرة، وهي أكبر حصيلة وصلت إليها قوات الأمن منذ تأسيسها في خمسينيات القرن الماضي، وهو ما نتج منه إلقاء القبض على 3 آلاف مطلوب للعدالة، مع الايعاز بتشديد الاجراءات الأمنية وخصوصاً في كل من نابل وسوسة وصفاقس.
وقد لمح المسؤول الأمني في مداخلته إلى خطر انتشار الأسلحة في تونس، وخاصة في الجنوب، مقراً بأن 90 في المئة من الأسلحة المصادرة تضبط عبر الحدود. وقد دعا بن نصر، في هذا السياق، جميع المواطنين الذين يملكون أي نوع من أنواع السلاح، بما فيها أسلحة الصيد، إلى تسليمها للسلطات الأمنية حتى لا تطاولهم الاجراءات القانونية.
من جهة ثانية، علمت «الأخبار» من مصادر أمنية، أن عملية انتشار الجيش وقوات الأمن ستتغير مع انتهاء عملية الانتخاب مساء يوم غد، مع التأكيد أن حالة الطوارئ التي مُدِّدَت في تونس هدفها إعطاء السلطات الأمنية ضوءاً أخضر للتصرف على أساس قانون الطوارئ «لحماية الحياة العامة»، وهو ما سيساهم في عملية ردع المخالفات، خاصة إذا ما قامت تظاهرات كبيرة قد تخلّ بالنظام العام والممتلكات العامة والخاصة.
تجدر الاشارة إلى ان «المركز الوطني للأمن القومي» سبق له تنظيم دورات أمنية خاصة لتدريب ضباط الأمن على كيفية حماية الانتخابات في شهر أيلول الماضي، طاولت 40 ضابطاً في مدينة قرطاج، وذلك بمساعدة إسبانية بما ان الدورة جرت بالتعاون بين وزارتي الداخلية التونسية والاسبانية. وسبق دورة قرطاج جولة أخرى من التدريبات بدأت في الخامس من أيلول الماضي في مدينة سالامبو الاسبانية. وجاءت هذه الدورات تحت عنوان «التقنيات الديموقراطية لتأمين الانتخابات»، إضافة إلى «دور قوى الأمن الداخلي في الحملات الانتخابية».




السبسي يرفض التشكيك في الاستحقاق

رفض رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، الباجي قائد السبسي، التشكيك في الاستحقاق الانتخابي الذي سينطلق غداً الأحد لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي.
وقال السبسي، في خطاب ألقاه ليلة الخميس ــــ الجمعة، إن «انتخابات 23 تشرين الأول التي ستمثّل محطة فاصلة بين عهدين، ستجري بما يقتضيه القانون وفي كنف الشفافية والنزاهة، مهما كانت التشكيكات والادعاءات والتهديدات الصادرة عن بعض الجهات»، وذلك في إشارة واضحة إلى حركة النهضة الإسلامية التي هدّدت في وقت سابق بالنزول إلى الشارع إذا ما جرى تزوير نتائج الانتخابات. وأوضح أنه لأول مرة في تاريخ تونس «لا تسهر الدولة على تنظيم العملية الانتخابية، بل أسند الأمر كلياً إلى لجنة عليا مستقلة منتخبة، على رأسها رجل جدير بكل الثقة»، هي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يرأسها الحقوقي التونسي كمال الجندوبي. ولم يتردد السبسي في توجيه انتقادات لاذعة إلى مواقف بعض الأطراف التي قال إنها «لا تريد أصلاً الانتخابات، وترى فيها كفراً»، ورأى أن هؤلاء مدعوون إلى التعبير عن مواقفهم بالحوار والإقناع وليس بالقوة.
وأكد رئيس الحكومة التونسية المؤقتة أنه «لا مجال لحدوث فراغ سياسي في البلاد بعد الانتخابات، باعتبار أن حكومته المؤقتة الحالية ستواصل عملها إلى حين تأليف حكومة جديدة». ولفت إلى أن حكومته قد تسلم مهماتها إلى حكومة جديدة بعد 9 تشرين الثاني المقبل، وذلك بحسب «تقديرات المختصين في القانون».
(يو بي آي)


حزب النهضة يعلن التزامه بنتائج الانتخابات

قال زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس، راشد الغنوشي، إن الحزب سيقبل نتائج الانتخابات التي تجرى يوم الأحد لانتخاب جمعية تأسيسية، وإنه يجري محادثات مع أحزاب أخرى لإنشاء تحالف بعد الانتخابات، بما في ذلك حكومة ائتلافية. وأكد الغنوشي أن خيار حزب النهضة هو تأليف حكومة وحدة وطنية، لأن البلاد تحتاج إلى السير على طريق التوافق.
(رويترز)