شخصية غريبة الأطوار جمعت بين المجون والعدوانيّة، فدخلت المشهد السياسي الليبي من باب البطش وأصبحت مادة خصبة للصحافة الصفراء بممارسات باذخة إلى حد الجنون. هو المعتصم بالله القذافي (مواليد 1977)، الابن الخامس للعقيد الراحل معمر القذافي، والذي اعتُقل أمس بعد سيطرة قوات المجلس الوطني الانتقالي على مدينة سرت، حيث مسقط رأس والده ومقتله. لعل أفضل تعبير عن حياة المعتصم ما ذكرته صديقته عارضة الأزياء الإيطالية تاليثا فون زون، بأن حياته انتقلت «من لعوب محبوب إلى مقاتل لا يرحم». فالنجل المُدلّل للعقيد، كان يفتخر في لقاءاته الخاصة بإنفاقه نحو مليوني دولار في الشهر على حفلاته ونزواته، لدرجة أنه فقد السيطرة على العديد من مصالحه التجارية الشخصية بين عامي 2001 و2005 بسبب أسفاره المتواصله.
واللافت أن من وصفه السفير الصربي لدى ليبيا بأنه «لا يتمتع بذكاء حاد»، كان يشغل منصب «مستشار الأمن القومي». إلّا أن الشاب استغل منصبه وقربه من العقيد، ليمارس الضغوط على رئيس مؤسسة النفط شكري غانم في العام 2008، طالباً منه مبلغ 1.2 مليار دولار لإنشاء وحدة عسكرية أو أمنية شبيهة بتلك التي يقودها أخوه الأصغر خميس، حسبما كشفت البرقيات المسربة من السفارة الأميركية في ليبيا ونشرها موقع «ويكيليكيس».
وعُرف عن المعتصم بالله دمويته ‏ومزاجيته المتطرفة، لدرجة أن كبار المسؤولين كانوا يخشونه، حتى إنه تعرض بالضرب المبرح للعديد منهم.
المفارقة الأهم في حياة المعتصم السياسية، هي ما كشفته وثائق نشرها موقع «المؤتمر الوطني»، تشير إلى أن مؤسسات أميركية وبريطانية أمنية تقوم بالإشراف على إعداد المعتصم ليكون قائداً أمنياً لليبيا حسب المواصفات الأميركية.
وربما لذلك ترددت أنباء عن اختفاء المعتصم لفترة من الزمن، الأمر الذي فسره بعض المراقبين بأنه خلاف مع إخوته وبعض أركان النظام، بعد محاولته الانقلاب على والده وإطاحته عن الحكم. ولعل ما يعزز حظوته الخاصة لدى الأميركيين هو أن آخر ظهور علني له كان مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في واشنطن في نيسان 2009.
أما دوره في مرحلة ما بعد انطلاق الثورة في شباط الماضي فكان يقود وحداته العسكرية الخاصة في منطقة البريقة، ويقوم شخصياً بإعدام عدد من جنود وحدته لأنهم رفضوا قتل المدنيين الأبرياء، على ما يروي بعض الشهود. اللافت أن الشاب الذي كلّفته والدته صفية بأمن الأسرة الخاص، كان قد بدأ حياته الجامعية بدراسة الطب في كلية طرابلس، التي تخرج منها من دون أن يتابع اي محاضرة، حسبما يروي معارضو نظام القذافي.
واشتهر بسلوكه غير الأخلاقي بين الليبيين، وخصوصاً مع نشر صور تظهره في أوضاع حميمة جداً مع عشيقته عارضة الأزياء الإيطالية فانيسيا هاسلير. ونشرت مواقع الانترنت العديد من أشرطة تصوّر حياته الماجنه وطريقة إنفاقه لأموال الشعب الليبي على نزواته، الأمر الذي أثار استياءه فأمر بحجب موقع «يوتيوب» وبعض المواقع الأخرى. ولعل أبرز قصص المعتصم المثيرة للجدل هي دعوته إلى طرابلس صديقته الهولندية السابقة تاليثا ( 39 سنة)، التي تعرَّف إليها في 2004 داخل ملهى إيطالي، وسط المعارك بين قوات النظام والثوار في آب الماضي، حيث أمضت هناك أسبوعين، كان خلالها يراها ليلاً في معظم الأحيان، لانشغاله نهاراً بمقاتلة الثوار.
تاليثا روت لمراسل «صنداي تلغراف» البريطانية بعض من قصتها مع المعتصم الذي أخبرها أنه ينفق: «تقريباً مليوني دولار» في الشهر. ومما قالته أنها اعتادت رؤيته في الفيلا «يجلس على أريكة وفي إحدى يديه رشاش أوتوماتيكي وكأس وسكي في الثانية». وتشير إلى أنه أنفق في حفلة أقامها ليلة رأس سنة 2009 في جزيرة «سانت بارتس» الكاريبية 4 ملايين دولار.