بيتونيا | بإجراءات أمنية إسرائيلية غير مسبوقة، انطلقت الحافلات من سجن عوفر القريب من رام الله، حاملة الأسرى الفلسطينيين الذين اتفق على الافراج عنهم ضمن صفقة التبادل بين حركة حماس وإسرائيل، باتجاه معبر بيتونيا، حيث كان مقرراً أن يكون مكان الإفراج واللقاء مع الأهل.
منذ الخامسة فجراً، كان الأهالي الذين علموا بوجود أبنائهم ضمن عملية التبادل، قد بدأوا بالتوافد على المنطقة، ومع مرور الوقت تجمع الآلاف من أهالي الأسرى، والمواطنين الفلسطينيين، وقادة الفصائل الفلسطينية وغيرهم الكثير، رافعين الأعلام الفلسطينية، وأعلام الفصائل خاصةً حركة حماس، وهو ما كان لافتاً في الضفة الغربية منذ الانقسام الفلسطيني في عام 2007.
أهالي الأسرى الذين تحدثت معهم «الأخبار» لم يجدوا الكلمات التي يمكنهم أن يعبّروا فيها عن فرحتهم بالإفراج عن أبنائهم، فهي مشاعر مختلطة ما بين الفرح والانتظار، والشوق للقاء، فيما وجد بين المواطنين من أتى لإلقاء التحية على المحررين، رغم بقاء أبنائهم في الأسر داخل سجون الاحتلال. لكن سرعان ما اختلف المشهد فجأة، إثر تغيير إسرائيل للخطة المتفق عليها، حيث كانت البداية بمنع ممثلي الصليب الأحمر من الدخول لفحص أسماء المعتقلين كما اعتيد في صفقات التبادل، كذلك لم يفرج عن الأسرى الفلسطينيين من معبر بيتونيا، بل نقلوا عبر معبر «رافات» إلى مقر الرئاسة الفلسطينية «المقاطعة» مباشرة، وهو ما أثار سخط الأهالي، وفجر الموقف بمحاولة ازالة السياج عند بوابة المعسكر الاسرائيلي، ليتطور إلى مواجهات بالحجارة من طرف الفلسطينيين، والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، والمياه العادمة من قبل قوات الاحتلال.
خلال هذه المواجهات، سقطت عدة إصابات غالبيتها نتيجة الغاز المسيل للدموع، ومنها بالرصاص المطاطي، حيث كانت معظم الإصابات لأهالي الأسرى المحررين، الذين وصلوا لاستقبال أبنائهم وتم التلاعب بأعصابهم، ما فجر الموقف.
أما في مقر الرئاسة، الذي انتقل اليه الأسرى، فكان لافتاً وجود الرئيس محمود عباس إلى جانب قادة حركة حماس، وقيادات من السلطة وباقي فصائل العمل الوطني، لاستقبال الأسرى العائدين إلى الضفة الغربية، فيما تجمع الآلاف من المواطنين الذين قدموا من مختلف المحافظات الفلسطينية لاستقبال الأسرى المفرج عنهم. الأسرى المحررون استقبلهم عباس وأعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووزراء، وأعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، والمجلس التشريعي، وعدد من قيادات حماس، على رأسهم ناصر الدين الشاعر وعزيز دويك وحسن يوسف، إضافة إلى ذوي الأسرى، وآلاف المواطنين.
«الأخبار» تابعت تحركات الأسرى المفرج عنهم والذين وصلوا مقر المقاطعة في رام الله، حيث زاروا قبر الراحل ياسر عرفات، وقرأوا الفاتحة هناك، بعدما صافحوا الرئيس وقادة الفصائل الفلسطينية.
كان اللقاء بين الأسرى وأفراد عائلاتهم ممن وصلوا إلى مقر الرئاسة ممزوجاً ما بين الفرح والبكاء، ما بين الحزن على من أبعد، أو بقي داخل السجون، بين من بكى على أفراد عائلته الذين وافتهم المنية وهو في الأسر، ومن ضمته والدته وسط بكاء الطرفين. عدنا والتقينا خضر البندك، شقيق الأسير كريس البندك، وقد بدا عليه الفرح والغضب في آن، الفرح لرؤيته على شاشة التلفاز وقد وصل إلى غزة وتأكد نبأ الإفراج عنه، والغضب لأنه لم يستطع لقاءه كما باقي عائلات الأسرى، خاصة وأنه شقيقه الوحيد، في ظل غياب الوالدين، فيما شكر غالبية الأسرى المحررين، الذين كانوا من سلفيت، الخليل، بيت لحم، ورام الله، نابلس، وجنين، وغيرها من القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس على عملية التبادل التي تم الافراج عنهم من خلالها، وتمنوا لباقي إخوانهم في الأسر الإفراج السريع والخروج إلى الحرية.