سرت | تحتدم معارك شوارع في جيبين صغيرين بسرت لا تتجاوز مساحة الواحد منهما كيلو متراً واحداً، وقد عزز المجلس العسكري للثوار قواته التي تسيطر على المدينة بقوات إضافية مزوّدة بأسلحة ثقيلة كالدبابات والقاذفات الصاروخية لإسكات ما بقي من نيران كتائب القذافي المتمركزة في أعلى بعض المباني، والسيطرة عليها.القتال في آخر جيوب قوات العقيد معمر القذافي ومسقط رأسه، لقي حماسة كبيرة من قبل مقاتلي السلطة الانتقالية الليبية، سواء من الجبهة الشرقية أو الغربية. لعله سباق جدير بالملاحظة في التقدم واقتحام المواقع المتحصنة فيها عناصر النظام السابق، ما جعل معدل الإصابات في صفوف مقاتلي«الانتقالي» يرتفع مع كل كسب لأرض جديدة.
المدينة شبه المحررة شهدت أول صلاة جمعة أقامها «الثوار» الأسبوع الماضي، ونقلت قناة «ليبيا الأحرار»، التي تبث من قطر، شعائر هذه الصلاة التي أمّها إمام شاب من المقاتلين. لقد غنم ثوار الجبهة الغربية بعد سيطرتهم على مجمع واغادوغو للمؤتمرات الأفريقية، الكرسي الذهبي الخاص بالعقيد القذافي، ليُنقل للعرض في صالة الشهيد علي الجابر في مدينة مصراتة.
سباق وتنافس بين كل فصائل الثوار لتحقيق الانتصارات العسكرية وقصص مثيرة للإعجاب تسجل في مختلف جبهات القتال. يروى المقاتلون على جبهة سرت الشرقية، أنه جرى أسر نجل القائد الميداني للثوار هناك العقيد بشير عبد القادر على أيدي قوات القذافي، في وقت شارك فيه عبد القادر في تحرير منطقة بوهادي الاستراتيجية، مقر كتيبة الساعدي نجل القذافي. وبينما كان الرجل ينظم قواته جاءه اتصال من المعتصم القذافي يأمره بالانسحاب من منطقة بوهادي وإلّا عذّب ابنه وقتله، لكن عبد القادر أجاب المعتصم بمثل شعبي شهير يتداوله أهل مدينته البدوية أجدابيا «نا بيدي مش أم العنز اللي ياخذوا ولدها ترجع»، أي لست عنزاً إن أرادوا لها الرجوع للزريبة أخذوا وليدها. وأبلغ المعتصم بحزم أنه هو وابنه خرجا للجبهة طلباً للشهادة ثم أقفل الخط.
الجدير بالذكر أن هذا الابن، محل المقايضة، حرّره «الثوار» من الأسر بعد بسط سيطرتهم على معظم أحياء المدينة، ونُقل إلى المستشفى لتلقّي العلاج بسبب الإصابات التي طاولته من خلال التعذيب.
حرب محتدمة واقتحامات حماسية من أجل إسدال الستارة على الفصل الأخير من هذه المسرحية العبثية.