عمان | استجاب الملك الأردني عبد الله الثاني للمطالب الشعبية والحزبية والعشائرية والبرلمانية، أمس، وأحدث أكبر عملية تغيير وزاري وأمني طاول العديد من المسؤولين الكبار في أعلى مؤسسات الدولة، ابتداءً من تكليف الدكتور عون الخصاونة تأليف حكومة جديدة، خلفاً لحكومة الدكتور معروف البخيت، مروراً بتعيين مدير الاستخبارات الجديد السفير الأردني لدى المغرب اللواء فيصل الشوبكي خلفاً لمحمد الرقاد، الذي رُفّع الى رتبة فريق، وعُين في مجلس الأعيان. فضلاً عن ذلك، سرت ترجيحات تشير الى تغيير في هرم الديوان الملكي، إذ يتوقع أن يعين الملك عبد الله مروان الحمود رئيساً للديوان الملكي خلفاً لخالد الكركي، وفارس القطارنة رئيساً للتشريفات خلفاً لعامر الفايز، إضافة الى تعيين أحد ضباط القوات المسلّحة خلفاً لمدير الأمن العام الحالي الفريق حسين هزاع المجالي.
التغييرات الجديدة التي قادها الملك الأردني وأدار مطبخاً خاصاً لها خلال الفترة الأخيرة، جاءت استجابة للمطالب الشعبية والحزبية والعشائرية والبرلمانية بإقالة حكومة البخيت. وكان الملك قد حسم مسألة تكليف الخصاونة، القاضي في محكمة لاهاي، برئاسة الحكومة مساء أول من أمس. وقد باشر الأخير فور تكليفه اتصالات ولقاءات مع عدد ممن يرى فيهم الكفاءة لعضوية فريقه الوزاري، معرباً عن أمله في مشاركة الإسلاميين في حكومته.
والخصاونة انتخب عام 2000 قاضياً في محكمة العدل الدولية، قبل أن ينتخب نائباً لرئيس المحكمة عام 2006، كما أنه شغل منصب رئيس الديوان الملكي في الفترة الممتدة ما بين 1996ـــــ 1998. وعمل كدبلوماسي في وزارة الخارجية، وفي الفترة الممتدة ما بين 1980 و 1985 كان مسؤولاً عن القانون الدولي والمنظمات الدولية. عمل في الديوان الملكي، وكان عضواً في الوفد الأردني لمفاوضات السلام ما بين 1991 و 1994. وأُعيد انتخابه العام الماضي لدورة ثانية في محكمة لاهاي (9 سنوات).
وأقرّ الخصاونة بعد تكليفه بأنّ الوضع الداخلي صعب ومعقد ويزداد مستوى التعقيد بسبب ظلال الأزمة المالية والاقتصادية وتعقيدات سيناريوهات الأزمة الأمنية. وكان جريئاً في القول إنّ الكثير من مشاهد الفوضى الحالية في الساحة ومؤشرات التجاذب سببها تزوير الانتخابات مرتين عامي 2007 و2010. وأشار الى أن تعقيدات الوضع لا تمكّن أي حكومة من وضع حلول جذرية للكثير من المشكلات الواقعية، وخصوصاً في ظل أخطاء عدها فادحة، وتحديداً على مستوى التعاطي الأمني مع بعض مظاهر الحراك والتعاطي البيروقراطي مع البرلمان.
ويعتقد الخصاونة بأن الظروف غير مؤاتية إطلاقاً لإجراء أي انتخابات الآن، وقبل تفعيل التعديلات الدستورية ووضع منظومة النزاهة التي لا تتعلق فقط بالأشخاص، بل بالقرار السياسي أيضاً. وفي ما يتعلق بالحراك الشعبي والشبابي، يرى الخصاونة أن محاولة احتوائه تتطلب إعادة هيبة المؤسسات، وهذه مسألة من الصعب تجزئتها على دفعات أو بالأقساط، وما يمكن إنقاذه أو معالجته يتطلب أولاً وقبل كل شيء فريقاً كاملاً في الحكم، متجانساً ويسيطر عليه تماماً بأجندة واضحة رئيس الوزراء.
وكان ملك الأردن قد تحدث خلال اجتماعات في الديوان الملكي في آب الماضي مع أردنيين من مختلف الاتجاهات عن «تسونامي من التغيير في مناصب عليا» في المملكة، لدفعها قدماً على طريق الإصلاح.
من جهة ثانية، أعلنت مصادر إسلامية أنها تستعد لحمل ملف الحوار الى القصر خلال الأيام المقبلة، لكن مع التغيير الجديد لا يمكن تصور بعد كيف سيجري ترتيب البيت الداخلي، والدعوة الى حوار يشارك فيه أبرز المعارضين، وهم الإسلاميون.