سجلت بعض المدن السورية خلال اليومين الماضيين مزيداً من الاشتباكات بين الجيش السوري وعناصر منشقين عنه، فضلاً عن خروج تظاهرات مطالبة بإسقاط النظام، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى، تزامناً مع تواتر التحذيرات من خطر انزلاق سوريا إلى الحرب الأهلية، واستمرار الخلاف داخل أروقة مجلس الأمن الدولي على طريقة التعاطي مع الأحداث في هذا البلد. ونقلت وكالة «رويترز» عن سكان ونشطاء قولهم إن «القوات السورية تدعمها المدرعات فتحت النار على بلدة الزبداني بعد يوم من قتال شرس في المنطقة» بين الجيش ومنشقين عنه. ووفقاً لما نقلته «رويترز»، اقتحمت القوات السورية عدداً من المنازل، واستولت على سيارات واعتقلت مئة شخص على الأقل، بينهم ثلاث طالبات جامعيات للاشتباه في مشاركتهن في الاحتجاجات، فيما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن «عمليات الدهم أدت إلى اعتقال 25 شخصاً، بينهم 3 فتيات». وأكد المرصد «اعتقال نحو 19 شخصاً في مدينة الضمير» التابعة لريف دمشق، فيما أفاد عن قيام «قوات الأمن في دير الزور بإطلاق الرصاص الحي على مشيعي الناشط في المرصد زياد العبيدي» الذي قتل أول من أمس، مشيراً إلى أن جنازته تحولت «إلى تظاهرة شارك فيها نحو سبعة آلاف شخص، مطالبين بإسقاط النظام». وفي ريف حمص، أشارت لجان التنسيق المحلية إلى حصول حملة دهم واعتقالات في قرية تير معلة وقرية الغنطو وسط إطلاق نار عشوائي.
من جهته، أفاد المرصد بأن «عدد المعتقلين داخل حمص بلغ منذ يوم الأحد الماضي 923 معتقلاً، غالبيتهم من أحياء الخالدية وباب السباع والبياضة ودير بعلبة»، فيما ارتفعت حصيلة قتلى أول من أمس إلى 11 شخصاً. ووفقاً للجان التنسيق المحلية، بين القتلى «شاب قضى في دمشق إثر إطلاق قوات الأمن النار على جنازة الطفل إبراهيم الشيبان، التي شارك فيها أكثر من عشرة آلاف، بينهم نساء وأطفال»، فيما أفرج أمس عن القيادي في حزب الشعب الديموقراطي مازن عدي، المعتقل منذ 11 أيار بكفالة مالية قدرها 30 ألف ليرة سورية (600 دولار أميركي)، على أن يُحاكَم طليقاً بتهمة «النيل من هيبة الدولة». من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر رسمي سوري قوله إن «عنصرين من قوات حفظ النظام قتلا، وجرح اثنان آخران في كمين نصبته مجموعة إرهابية مسلحة في حي الجراجمة بحماه». وذكرت «سانا» أن «الجهات المختصة في حمص ضبطت (أمس) سيارتين محملتين أسلحة وذخائر متنوعة على تحويلة حمص طرطوس، وألقت القبض في داخلهما على أربعة مطلوبين من عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة». وأضاف المصدر: «إن عمليات الملاحقة والمتابعة في حمص أدت إلى إلقاء القبض على 34 مطلوباً ومصادرة أسلحة».
أما التلفزيون السوري، فأشار إلى تشييع جثامين 11 شهيداً من الجيش والقوى الأمنية قضوا برصاص المجموعات الإرهابية المسلحة في حمص وإدلب ودرعا وريف دمشق. كذلك بث التلفزين اعتراف «الإرهابيين حسن أيوب وعبد القادر نبهان بمشاركتهما مع مجموعات إرهابية مسلحة في إقامة الحواجز على الطرقات في منطقتي الرستن وتلبيسة في حمص بقصد السرقة والسلب بقوة السلاح والمشاركة في اغتصاب عدد من النساء على هذه الحواجز».
في غضون ذلك، طالب أمين اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين (معارضة رسمية)، قدري جميل، السلطات السورية بطرد السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد لاختراقه الأعراف الدبلوماسية. ودعا إلى «تأميم شركات النفط الغربية العاملة في سوريا، وبخاصة الأميركية التي تستفيد بنحو كبير من النفط السوري»، بالتزامن مع كشفه أول من أمس عن أن قيادات من الحركة الشعبية السلمية شاركت في الزيارة التي قام بها وفد من المعارضة الرسمية لموسكو قبل أيام.
وجاءت تصريحات جميل في وقتٍ نقل فيه نقل موقع «شام برس» عن فورد قوله، في حديث عبر «سكايبي» نظمته «مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، اتهامه للحكومة السورية بأنها تلعب بـ«ورقة النزاع الطائفي»، وتقف وراء اغتيال نجل مفتي سوريا، سارية حسون والمعارض الكردي مشعل تمو. كذلك أبدى قلقه العميق من احتمال حصول «نزاع طائفي» وحض المعارضة على الانتباه إلى هذه المسألة ومعالجتها.
في هذه الأثناء، تستمر الخلافات في أروقة الأمم المتحدة بشأن سوريا. وفي مشاورات مغلقة أجريت قبل يومين، نقل دبلوماسيون عن السفير الفرنسي في الأمم المتحدة ،جيرار أرو، قوله خلال الاجتماع إن «على المدافعين عن عدم التحرك في مجلس الأمن استخلاص العبر من استمرار القمع»، في انتقاد غير مباشر لروسيا والصين اللتين تواصلان رفض أي عقوبات في مجلس الأمن.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)