1027 أسيراً فلسطينياً مقابل جلعاد شاليط. صفقة تبادل الأسرى التي توصلت إليها «حماس» مع إسرائيل هي واحدة من أهم الصفقات بين إسرائيل والجانب الفلسطيني، وتذكّر بصفقة التبادل «الإشكالية»، من ناحية تل أبيب، مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــــ القيادة العامة عام 1985، والتي جرى بموجبها تحرير 1150 أسيراً.
وكما هو متوقع، سلّطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على بعض التنازلات من جانب «حماس»، والتي تتطلبها عادة تكتيكات مفاوضات التبادل، في محاولة من إسرائيل للتخفيف من وقع الصفقة، خاصةً أنها تشمل عدداً كبيراً من الأسرى الموصوفين إسرائيلياً بـ«الوزن الثقيل».
وقال رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، يورام كوهين، إن صفقة تبادل الأسرى التي جرى التوصل إليها «لا تشمل إطلاق سراح عدد من كبار المسؤولين في الحركة»، مشيراً إلى أن «مسؤولي حماس في الضفة الغربية الذين كانوا يقفون على رأس جهازها العسكري، مثل عبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد وعباس السيد وآخرين، سيبقون في السجن، ولن يطلق سراحهم». كذلك أوضح كوهين أن «الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح مروان البرغوثي، لم يجر ضمّهما إلى الصفقة، وسيبقيان في السجن».
مع ذلك، أكد كوهين أنه في موازاة إطلاق جلعاد شاليط، المتوقع أن يصل إلى إسرائيل الثلاثاء بحسب ما أورد التلفزيون، تشمل الصفقة في مرحلتها الأولى إطلاق «479 أسيراً أمنياً فلسطينياً»، لافتاً إلى أن «من بين الأسرى الذين سيحررون في هذه المرحلة 279 محكوماً بالسجن مدى الحياة، و110 أسرى يطلق سراحهم إلى مدنهم في الضفة الغربية وشرق القدس، من بينهم 55 من حركة حماس، والبقية من حركة فتح ومنظمات فلسطينية أخرى».
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن 131 أسيراً من سكان قطاع غزة سيتحررون إلى القطاع، بما يشمل مسؤولين رفيعي المستوى من حركة حماس. أما الأسرى الـ203 من الضفة الغربية، فيبعدون إلى خارجها، ويتوزعون بين 40 أسيراً إلى خارج فلسطين، والباقي إلى قطاع غزة، على أن يسمح لـ18 أسيراً من بينهم بالعودة إلى الضفة الغربية بعد عام واحد، فيما يسمح لـ18 أسيراً آخرين بالعودة أيضاً، بعد مرور ثلاث سنوات.
البند الأكثر دلالة في الصفقة، بحسب «هآرتس»، هو بند إطلاق ستة أسرى من فلسطينيي أراضي عام 1948، مسجونين منذ فترة طويلة جداً، على أن يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم داخل فلسطين، إضافةً أيضاً إلى إطلاق سراح 27 أسيرة فلسطينية، على أن يجري نفي كل من الأسيرتين أحلام التميمي وآمنة منى إلى غزة والأردن، فيما يسمح للأسيرات الأخريات بالبقاء في فلسطين.
وقال رئيس الشاباك يورام كوهين إن «إسرائيل لم تعط مسؤولي حماس أي تعهّد بأنها لن تمسّهم بعد تحريرهم»، مع ذلك، أكد أن «نصف المحررين إلى الضفة الغربية، أي حوالى خمسين أسيراً، سيكونون تحت قيود أمنية مشددة، ويمنع عليهم الخروج من المدن حيث يسكنون». وأشار إلى أن «حركة حماس وافقت ابتداءً من شهر تموز الماضي على تليين حدّة مواقفها»، وأكد أيضاً أن «جهاز الشاباك أيّد الصفقة لكونه لم يكن لدينا أيّ سبيل آخر لتحرير شاليط من خلال عملية عسكرية»، مضيفاً أنه «لم يكن لدينا من مناص سوى تأييد الصفقة، رغم أنها ليست جيدة. فإذا كنا نريد إعادة شاليط إلى البلاد، فهذا هو الأسلوب الوحيد لإعادته».
وقال كوهين إن «الانتظار فترة إضافية أطول ما كان سيمكّن إسرائيل من الوصول إلى صفقة أفضل». وأضاف: «حماس اضطرت إلى تلطيف حدّة مواقفها بالتوازي مع الموقف الإسرائيلي. فما يحصل في سوريا خلق عدم استقرار وحاجة (من حماس) إلى إسناد مصري، كذلك فإن الضغط على الأسرى (من قبل إسرائيل) أوجد أيضاً أثراً معيناً».
من جهته، قال رئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي في صفقة التبادل، دافيد ميدان، إن «المهمة ستُستكمل عندما يعود جلعاد الى إلبيت، ونحن نعدّ الترتيبات لعودته، وقريباً سأتوجه إلى مصر مع الطاقم من أجل الإعداد لذلك، وحينها فقط يمكننا الاحتفال»، مضيفاً «حالياً ما زلنا في سياق العملية الإجرائية». ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن ميدان قوله، خلال لقائه أمس بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، إن «المهمة لم تنجز بعد، والصفقة معقدة جداً».
وكانت الناطقة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية، سيفان وايزمن، قد أعلنت أن قائمة أسماء المعتقلين الفلسطينيين المشمولين بصفقة تبادل الأسرى لن تنشر قبل يوم الجمعة أو الأحد المقبلين، مشيرةً إلى أن «ممثلي مصلحة السجون ووزارة العدل والأمن الداخلي يدقّقون في أسماء السجناء»، فيما قال الناطق باسم وزارة العدل الإسرائيلية، موشيه كوهين، «نعمل على إنهاء قائمة السجناء الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى من صفقة التبادل». وفي السياق، امتدح الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ما سمّاه دور الحكومة التركية في صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس، وقال إن «موقف حكومة تركيا مثّل مفاجأة لطيفة بالنسبة إلي، إذ أبلغوني أنهم وضعوا كل شيء جانباً، وفضّلوا الجانب الإنساني على الجانب السياسي». وأضاف إن «ما عُمل جاء جرّاء تعليمات أصدرها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي أمر أجهزة الاستخبارات لديه بالتعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية من أجل التوصل إلى الصفقة». وقال إن «الإفراج عن شاليط هو ثمرة جهد فريد من نوعه في العلاقات الدولية والعلاقات بين الأشخاص».
وكانت معلومات قد أفادت بأن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، اتصل بوزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو لإطلاعه على تفاصيل الصفقة قبل التوقيع عليها.