للمرة الثانية على التوالي، يتعرّض المقاتلون الساعون إلى السيطرة على مدينة بني وليد، الواقعة جنوبي طرابلس، للخيانة ولضربهم من الخلف. إذ إن هناك مجموعات من أهل بني وليد انضمّوا إلى مقاتلي المجلس الانتقالي ليساهموا في «تحرير» مدينتهم، لكن انضمامهم لم يكن إلا خدعة لضرب المقاتلين الآتين من طرابلس وجبل نفوسة ومدن ليبية أخرى.في معركة المطار، الذي سيطر عليه مقاتلو المجلس الانتقالي، أول من أمس، جاء الرصاص من الخلف، أي من «نيران صديقة»، ثم فرّت الجماعة التي أطلقت النار إلى داخل بني وليد. وفي سؤال لأحد المقاتلين على جبهة بني وليد عن سبب التأخر في السيطرة على المدينة، وهل هو لأسباب قبلية أم لأن المدينة هي مسقط رأس محمود جبريل ويجب الرفق بها، أم لأن «الأطلسي» يعترض على اقتحام المدينة؟ أجاب: «السبب هو خيانة ثوار بني وليد لثوار ليبيا، فقد أطلقوا الرصاص على الثوار من خلف ظهورهم».
ويقول آخر، رفض ذكر اسمه، «المشكلة أن الطابور الخامس يتسبب بقتل هؤلاء الثوار، وهذا الطابور مؤلف من أبناء بني وليد، كانوا مع الثوار، وعندما بدأ القتال في مدينتهم انتفضت بداخلهم النعرة القديمة، وانقلبوا ضدّ من منحوهم الثقة وسلّموهم السلاح وجعلوهم جنبهم». وأضاف آخر إن «هذه الخيانات زادت من إصرار الثوار على تحرير هذه المدينة، مهما كان الثمن، والآن قوافل طويلة من المقاتلين والآليات من طرابلس ومدن جبل نفوسة والزاوية وكل المدن القريبة تتجه ناحية المدينة لتحريرها، بعدما منحت سلطات المجلس العسكري للثوار يوماً من أجل خروج المدنيين من المدينة من ناحية الجنوب، بينما تشهد المستشفيات التي تستقبل الجرحى حملات مكثفة للتبرع بالدم، وأيضاً تقدّم جمعيات المجتمع المدني ولجان الإغاثة الدعم اللوجستي للثوار في جبهة بني وليد من مؤن وأدوية ووقود للمساهمة في تحرير المدينة وتطهيرها من كتائب القذافي بصورة نهائية، وخصوصاً أن سرت الآن تعدّ شبه حرة، حيث لم يبق فيها إلا جيوب صغيرة محاصرة في جزء من المدينة».
والمعلوم أن الزعيم الليبي الفار، معمر القذافي، كان في بداية الثورة قد أغدق الأموال الطائلة على مدينة بني وليد لكسبها معه في معركته، على الرغم من أن هذه المدينة قدمت قوافل من القتلى من أجل الحرية، منهم مجموعة من العسكريين في بداية التسعينيات حاولت الثورة على القذافي، فحاكمها وأعدمها بواسطة رجال من أبناء عمومتهم.