بيت لحم | انطلق موسم قطف الزيتون في الأراضي الفلسطينية، من قرية الولجة، التي لا يزيد تعداد سكانها على 1500 نسمة، وتقع إلى الجنوب الغربي من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، حيث غابات الصنوبر والزيتون وكروم العنب، وعلى مشارف القدس المحتلة، تحيطها العديد من المستوطنات الاسرائيلية التي أقيمت على حساب أراضي هذه القرية، ويمر أسفلها قطار القدس الإسرائيلي، الذي يربط مستوطنات الخليل في جنوب الضفة بالقدس المحتلة وبمدن أخرى.
وسط أجواء من التحدي، وأمام نظر جنود الاحتلال، الذين يحرسون الجرافات العسكرية التي تعمل على مدار الساعة لسرقة ما تبقى من أراضي القرية، لصالح المستوطنات، والطرق الخاصة بها، وصلت عشرات الفتيات الفلسطينيات يلبسن الزي الفلسطيني التراثي للمساعدة في قطف الزيتون، بينما كان حشد كبير من أهالي القرية والقرى المجاورة، ومن مختلف أرجاء بيت لحم، قد جاؤوا لمساعدة أهالي القرية في قطف زيتونهم.
مها السقا، مديرة مركز التراث الفلسطيني التي قامت بتنظيم الفعالية عبر اشراك نحو خمسين فتاة فلسطينية وهن يرتدين الزي التراثي الفلسطيني، تحدثت لـ«الأخبار» مؤكدة أن «تنظيم موسم الخير والعطاء، موسم قطف هذه الشجرة المباركة يهدف لتوجيه رسالة للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني موجود على هذه الارض منذ آلاف السنين، وسيواصل البقاء رغم كل جرائم الاحتلال». فكرة هذه الفعالية، تقول السقا، «تتمثل بربط الحاضر بالماضي بارتداء الفتيات للثياب التقليدية الفلسطينية التي ارتدتها النساء الفلسطينيات الكنعانيات عبر آلاف السنين، ولأننا سنبقى على هذه الارض كما بقي اجدادنا».
محمود أبو علي وشقيقه صلاح، أصحاب الأرض التي تقع فيها زيتونة «البدوي» الأقدم تاريخياً في فلسطين، إذ يرجع عمرها إلى العام 3500، تحدثا إلى «الأخبار» عن الحملة الشرسة التي تتعرض لها هذه القرية من أجل ترحيلهم عنها، مؤكدين أنهم باقون هم وأشقاؤه وعائلاتهم وكل أهالي الولجة في أراضيهم حتى موتهم، لأن هذه الارض كانت ولا تزال وستبقى عربية إسلامية مهما حاول الاحتلال تزويرها وسرقتها.
محافظ بيت لحم، عبد الفتاح حمايل، الذي التقته «الأخبار» رأى في نزول الفلسطينيين إلى الاراضي المهددة بالاستيطان والجدار وأمام آلة القمع والقتل والتجريف الاسرائيلية، رداً عملياً على الاحتلال وسياساته. وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني وتاريخه ونضاله أقوى من أفواه هذه الجرافات التي تقتلع كل ما هو فلسطيني، في محاولة منها لتزوير التاريخ.
«الأخبار» تابعت مشاركة العشرات من النشطاء الأجانب الذين وصلوا إلى الأراضي الفلسطينية خصيصاً لمشاركة الفلسطينيين في قطف زيتونهم، مؤكدين أنهم يعدّون وجودهم نوعاً من أنواع «المقاومة» ولمساندة الفلسطينيين في معركة صمودهم ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وجبة الفطور الفلسطينية التقليدية كانت هي الأخرى حاضرة، فقد قدمت عائلة أبو علي الخبز التقليدي، المعروف بـ«الطابون»، ومعه الزيت البلدي والزعتر بالاضافة الى الزيتون، لكافة من حضروا وعملوا على اطلاق حملة قطف الزيتون في قرية الولجة.
وقدّرت وزارة الزراعة الفلسطينية، في تقرير لها، أن ينتج في الموسم الحالي نحو 115 ألف طن ثمار زيتون، يستخدم منها نحو 10% للتخليل، وباقي الكمية تستخدم لاستخراج الزيت الذي تقدر كميته لهذا الموسم بنحو 24 ألف طن من الزيت أي ما يعادل 80% من إنتاج الموسم الماسي، وأعلى بـ30% من معدل الإنتاج العام (18 ألف طن).
كذلك أطلقت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، أمس الاثنين، حملة «لستم وحدكم» لدعم المزارعين في القرى الفلسطينية التي تواجه وتشهد تصاعد وتيرة اعتداءات من المستوطنين وقوات الاحتلال، حيث تعد هذه القرى، وعددها 105 قريات، من القرى المحاذية لجدار الفصل العنصري أو المستوطنات، وتشهد كل عام مواجهات واعتداءات على المزارعين أو سرقة للمحصول وتقطيعاً للأشجار وحرقاً للأراضي عدا منع قوات الاحتلال المواطنين من الوصول إلى أراضيهم.
يذكر أنه نتيجة لبناء جدار الفصل العنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأدى إلى عزل مساحات كبيرة تقدر بنحو 40 ألف دونم من الأراضي الزراعية، يتوقع أن يواجه المزارعون مشاكل في قطف الثمار من خلال صعوبة الوصول إلى حقولهم، وتعرضهم لمضايقات المستوطنين والجيش الإسرائيلي.
بدء موسم قطف الزيتون في فلسطين، يصادف كل عام مع عيد «العرش» أو «سوكوت» بالعبرية لدى اليهود، حيث تعمد سلطات الاحتلال تحت هذه الذريعة إلى فرض إغلاق شامل على الأراضي الفلسطينية لأكثر من أسبوع، ما يعني زيادة الحواجز العسكرية، ومنع التنقل بين المدن، وعدم القدرة على الوصول إلى المناطق التي تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وكل ذلك يعني عدم تمكن الفلسطينيين من قطف زيتونهم، أو تعرضهم لمضايقات المستوطنين المتطرفين.