رام الله | بعد الجولة الأولى في الأمم المتحدة، التي قدم فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مجلس الأمن طلب فلسطين لنيل العضوية الكاملة، تجتمع القيادة الفلسطينة لدراسة الخطوة الثانية، وعرض اللجنة الرباعية الدولية، الذي اختارت إسرائيل تأكيد رفضها له من خلال إعلانها التصديق على بناء 1100 وحدة استيطانية في الأحياء الشرقية من القدس المحتلة. اجتماعات القيادة الفلسطينية ستبدأ الأربعاء باجتماع للجنة المركزية لحركة فتح، تتبعها اجتماعات متتالية لمنظمة التحرير، وكافة الأطر السياسية الفلسطينية، للخروج بقرار جماعي، وخاصة عن الخيارات الأخرى المتاحة لاستمرار الحراك السياسي ما بعد «الفيتو» المتوقع على طلب العضوية.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نبيل شعث، تحدث أمس لـ«الأخبار»، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية مستمرة في هذه المعركة؛ فهي ليست معركة يوم أو يومين، وخاصة مرحلة ما بعد «الفيتو»، بما أن هناك قراراً فلسطينياً بخيار الذهاب للتصويت في مجلس الأمن على طلب فلسطين مهما كانت النتائج. ورفض ربط التصويت في مجلس الأمن ببيان الرباعية الدولية، لأنه يراه منقوصاً وبحاجة إلى تفسير، و«الجانب الفلسطيني لا يرضى بالمطلق تفسيره كما يريد، إلا إذا قالوا إن هذا يعني وقفاً كاملاً للاستيطان».
القيادي الفتحاوي أكد أن موقف أبو مازن واضح، بأن لا مفاوضات بدون وقف كامل للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة؛ لأن الصيغة الحالية لبيان الرباعية الدولية غامضة للغاية في هذا الشأن. أما بخصوص الخيارات الأخرى التي تتحدث عنها القيادة الفلسطينية، ففضل شعث عدم الحديث عنها، واكتفى بالقول إن «القيادة ستقرر أولاً، ومن ثم يجري إعلان ذلك للجمهور والإعلام».
من جهته، أكد القيادي في حركة «فتح»، عباس زكي، لـ«الأخبار»، عقب لقائه الرئيس عباس في مقره برام الله، أن أجواء اجتماعات القيادة الفلسطينية ستكون على وقع ما أنجز في الأمم المتحدة، وخاصةً بوجود إجماع رسمي وشعبي، وبمتابعة حثيثة لمشاورات مجلس الأمن الدولي.
وتحدث زكي عن مقترح الرباعية الدولية، مشيراً إلى أنها قيد البحث، لكن من دون تراجع بالمطلق في ما يتعلق بمرجعية ثبت فشلها أو بالاستيطان وحدود الرابع من حزيران لعام 67. وكشف عباس زكي لـ«الأخبار» أن عباس سيقوم سريعاً بجولة على عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لحشد مزيد من الأصوات لتأييد طلب فلسطين، رغم حصولنا على تسعة أصوات حتى الآن، ولرفع التضامن الدولي مع الشعب والقضية الفلسطينية.
كذلك أوضح زكي أن القيادة الفلسطينية بصدد إطلاق ورشة عمل، تبدأ باللقاء مع حركة حماس لترتيب البيت الداخلي وتقويته، ولاستكمال الاستراتيجية الجديدة التي وضع الحجر الأساس لها في الأمم المتحدة، والتي تقوم على نقاء البيت الداخلي الفلسطيني، ومتابعة سياسية متزنة دولياً، والتصدي للمستوطنين الذين صعدوا هجمتهم بوضوح على الشعب الفلسطيني.
وفي السياق، طالب نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي في حركة «حماس»، أحمد بحر، عباس بـ«الإسراع» في تنفيذ المصالحة «التي لا نريدها مصالحة مرحلية ولا تكتيكية، بل مصالحة استراتيجية لكي يقف الشعب الفلسطيني صفاً واحداً لكنس الاحتلال»، وذلك بعدما رأى أن قرارات الأمم المتحدة «لا تعطي حقاً ولن تغير شيئاً» للفلسطينيين، مشدداً على «المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين».
أما على الجانب الإسرائيلي، فاختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأكيد رفضه إعلان تجميد جديد للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية لإقناع الفلسطينيين بتحريك المفاوضات. وقال في مقتطفات من مقابلة أجرتها معه صحيفة «جيروزاليم بوست»: «لقد اتخذنا بالفعل خطوات»، في إشارة إلى أنه يرى أنه بذل ما فيه الكفاية من جهود العام الماضي.
كذلك أكد نتنياهو أنه «لا يعتزم التدخل في مشروع بناء أكثر من 700 مسكن في حي جيلو الاستيطاني في القدس الشرقية»، وذلك بالتزامن مع كشف صحيفة «هآرتس» عن أن الحكومة الإسرائيلية أقرت بناء 1100 وحدة استيطانية في الأحياء الشرقية من القدس المحتلة، وهو ما يعني ضرب إسرائيل عرض الحائط بالرباعية الدولية، والجهود التي تتحدث عن عودة المفاوضات بعد تجميد الاستيطان.
وفي السياق، أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة أن إسرائيل بإعلانها التصديق على الوحدات الاستيطانية، هي مستمرة في وضع العقبات أمام عملية السلام، مشدداً على أن الاستيطان عمل أحادي الجانب. وأضاف: إسرائيل «ماضية في هذا العمل لتقويض حل الدولتين الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية». ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل حتى تلتزم بقرارات الشرعية الدولة. إلا أن هذا الضغط من غير المتوقع أن يمارس على إسرائيل، التي تتسلح بدعم أميركي، أعاد أمس السفير الأميركي في إسرائيل، دان شابيرو، تأكيده. وشدد شابيرو على معارضة واشنطن لطلب الفلسطينيين بوقف البناء الاستيطاني قبل الموافقة على استئناف المفاوضات، قائلاً: «لم نضع هذا الأمر (تجميد الاستيطان) قط سواء في هذه الإدارة أو أي إدارة أخرى كشرط مسبق للمحادثات».
وأشار شابيرو إلى أن الولايات المتحدة تعارض منذ زمن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. لكنه أضاف: «ما نقوله دائماً هو أننا نعتقد أن المحادثات المباشرة هي السبيل الوحيد لحل هذا الصراع، ولا يمكن أن يحله سوى الطرفين نفسيهما في المحادثات، ويجب بدؤها من دون شروط مسبقة».
وعلى عكس حرص الولايات المتحدة على إظهار انحيازها الكامل إلى إسرائيل، تتبنى فرنسا مواقف متعارضة؛ إذ تسعى إلى حماية صورتها الإيجابية في العالم العربي، لكنها تبذل في الوقت نفسه جهوداً لتجنب عملية تصويت في مجلس الأمن. وقال دوني بوشار من المؤسسة الفرنسية للعلاقات الدولية إن «الهدف هو تجنب المأساة وكسب الوقت والتوصل إلى حل بالتسوية». وأضاف: «نتوجه إلى طريق مسدود في مجلس الأمن»، مشيراً إلى أن «فرنسا محتارة بين قربها من إسرائيل ورغبتها في عدم الابتعاد عن الربيع العربي».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)