لم يمض خطاب وزير الخارجية السوري، وليد المعلم أمام الجميعة العامة، واتهامه الغرب بالرغبة في إحداث الفوضى في سوريا من دون صدور ردود فعل أوروبية منتقدة، فيما بدأت الأصوات تعلو محذرة من مخاطر لجوء بعض المحتجين السوريين إلى رفع السلاح، الأمر الذي أكدت وزارة الخارجية الأميركية أنه «لن يكون مفاجئاً بالنظر إلى مستوى العنف على مدى الشهور الماضية».ورفض وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي اتهامات المعلم، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التحرك، مؤكداً أن «ألمانيا ستواصل الضغط من اجل استصدار قرار من مجلس الأمن»، وأنه «إذا استمر القمع فإن الأوروبيين سيعززون العقوبات ضد النظام».
من جهتها، أشارت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جدّد دعوة بلاده إلى وقف العنف في سوريا أثناء لقاء جمعه أول من أمس بنظيره وليد المعلم في نيويورك، كما أكد موقف روسيا الرافض لتدخل القوى الخارجية في شؤون سوريا الداخلية، ومجدداً الدعوة لـ «تنفيذ الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أُعلنت، وأيضاً إلى تنظيم الحوار الوطني الواسع بمشاركة المعارضة».
وذكرت «نوفوستي» أن المعلم قال في ختام اللقاء إن «القيادة السورية حريصة على المحافظة على العلاقات مع القيادة الروسية، وإنها تتطلع إلى توطيد هذه العلاقات، وتنشط في إجراء الإصلاحات في البلاد»، وذلك بالتزامن مع تأكيد مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، في حديث لقناة «بي بي سي» أن «سوريا شهدت إصلاحات كبيرة خلال الأشهر الستة الماضية لم يكن أحد يحلم بتحقيقها في سنوات». ولفتت شعبان إلى أن الرئيس السوري يعمل في الوقت الحالي على تأليف لجنة لتعديل أو إعادة كتابة الدستور، ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية في شباط المقبل، قائلةً إن هذا ما يتمناه الشعب السوري. وتحدثت عن «أن بعض المتظاهرين مسلحون ومثيرون لأعمال العنف»، والمشكلة تتمثل في أن الصحافة الغربية لا تريد أن تصدق ذلك، مشددةً على أن القضية ليست في بقاء الأسد أو نظامه في الحكم، بل القضية تتمثل في ألا تنحدر البلاد إلى حرب طائفية.
وفي خضم هذه الأجواء، انطلقت تحذيرات تدعو المعارضة السورية إلى عدم الوقوع في فخ الانجرار إلى مربع العنف، وذلك بعد يوم من اعتبار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، أنه «ليس مفاجئاً بالنظر الى مستوى العنف على مدى الشهور الماضية أن نرى الآن، أعضاءً من المعارضة يبدأون استخدام العنف ضد الجيش كتصرف للدفاع عن النفس».
أما ممثل لجان التنسيق المحلية، عمر ادلبي، فقال لـ «فرانس برس» «إن الانحراف بالثورة عن مسارها السلمي الى نمط العسكرة او الدعوات الى تدخل عسكري أجنبي من حلف شمال الأطلسي أو من جهات اقليمية، سيفرغ هذه الثورة من مضمونها التحرري، وسيكون مكلفاً ومضراً وطنياً وبشرياً».
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (اينجما)، رياض قهوجي، إلى تقارير عن شراء السلاح من جانب بعض المعارضين وعن «عمليات عسكرية محدودة على شكل حرب عصابات ونصب كمائن وعمليات قنص لشبيحة وعناصر جيش، إضافة الى اشتباكات مسلحة في أحراج وأودية في مناطق حدودية»، لكن «النزاع لم يتحول عسكرياً بعد».
ميدانياً، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل ستة اشخاص في كل من حمص وجبل الزاوية وقرية طفس بريف درعا، حيث «أصيب خمسة آخرون إضافةً إلى اعتقال 17 شخصاً، فضلاً عن اعتقال تسعة اشخاص في قرية تسيل خلال عمليات دهم».
أما في الرستن، فذكر المرصد السوري أن عشرين شخصاً على الأقل أصيبوا «برصاص الجيش السوري»، فيما ذكر موقع «شام برس» أن «اشتباكاً مسلحاً بين قوى من حفظ النظام ومجموعة مسلحة في منطقة الرستن، أدى إلى استشهاد المجند محمد حسيان وإصابة عنصر آخر». كذلك شهدت قرية تير معلة إضافة إلى بلدة تبليسة إطلاق رصاص كثيفاً.
من جهتها، تحدثت لجان التنسيق المحلية عن أن «سيارات من الأمن والشبيحة اقتحمت منطقة تل رفعت قرب حلب (شمال)، ثانية المدن السورية»، فيما نقلت وكالة «فرانس برس» عن شهود وسكان قولهم إن عشرات التلاميذ تظاهروا في مدينتي اللاذقية وجبلة الساحليتين، وكذلك في دير الزور، داعين الى سقوط النظام.
وفي حمص، تحدثت وكالة «رويترز» نقلاً عن نشطاء محليين أن جنوداً منشقين استهدفوا دبابة بالقذائف الصاروخية في حي البياضة. ونقلت الوكالة عن دبلوماسي رفيع المستوى في دمشق قوله إن «وحدات المتمردين مختلطة وتتألف من الجنود الفارين»، مشيراً إلى أن «جهود الضباط العلويين وحدها هي التي تمنع وحدات أكبر من ذلك بكثير من الانضمام إليها».
من جهته، أشار موقع «شام برس» إلى قيام مسلحين باغتيال مدير مدرسة السلومية وجرح قريبه حين كانا في طريق الحضور إلى مدينة حمص، في حين أُفرج عن طبيب الأسنان غاندي العيسى مقابل فدية مالية وصلت إلى أربعة ملايين ونصف مليون ليرة سورية. كذلك تحدث الموقع عن ورود أنباء عن الإفراج عن سبعة من العناصر الذين اختطفهم مسلحون في منطقة القصير منذ أيام.
في المقابل، أصدر تحالف «غد»، الذي ينضوي ضمنه عدد من الناشطين الميدانيين بياناً اتهم فيه السلطات بـ«عمليات قتل لخبرات وكفاءات علمية في المدينة تعيد إلى الأذهان عمليات الاغتيال التي طاولت شخصيات مماثلة في فترة الثمانينيات»، وذلك بعد يوم من مقتل نائب عميد كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث بحمص محمد علي عقيل، وعميد كلية البتروكيمياء في الجامعة نائل دخيل، فيما نفت عائلة القتيلين «ما تناقلته وسائل الإعلام المغرضة عن كونهما معارضين أو مناهضين
للنظام».
إلى ذلك، يجتمع المجلس الوطني السوري المعارض في الأول والثاني من تشرين الأول المقبل في إسطنبول، لمحاولة توحيد معارضة ما زالت مشرذمة، حسبما أعلنت المتحدثة باسمه بسمة قضماني لوكالة فرانس برس.
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)