أفردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، في عددها أمس، تحقيقاً مطولاً رصدت فيه ما وصفته بأنه تزايد في وتيرة الانشقاقات الحاصلة في صفوف عناصر الجيش السوري وضباطه، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن هذه الانشقاقات لا تزال محدودة نسبياً، وإن كانت تهدِّد بعسكرة حركة الاحتجاجات «التي لا تزال شديدة السلمية حتى الآن». وأوضحت أنّ مجموعة من العسكريين المنشقّين يُسَمّون أنفسهم «الجيش السوري الحر» يسعون لتنظيم تحدٍّ مسلَّح في وجه النظام. وقالت «واشنطن بوست» إنّه حتى الآن تتلخّص الصورة في طموحات كبيرة وصفحة على موقع «فايسبوك» وعدد صغير نسبياً من العسكريين المنشقين «الذين لجأوا إلى الحدود مع تركيا ولبنان (في وادي خالد) أو بين المدنيين في المدن داخل سوريا». وأضافت إن تصريحات هؤلاء العسكريين المنشقين «تحمل بعض المبالغة أو الخيال». لكن الصحيفة تعترف بتسارع وتيرة الانشقاقات من الجيش في الأسابيع الأخيرة، كما أنّ المناطق التي حدثت فيها الانشقاقات «شهدت ارتفاعاً في عمليات العنف». ونقلت الصحيفة عن الجنرال المنشق منذ تموز الماضي وهو لاجئ في تركيا، رياض أسعد، قوله «إنها بداية انتفاضة مسلحة». وأضاف في حديث مع الصحيفة أنه «لا يمكن إسقاط النظام سوى بالقوة والدم، وخسائرنا لن تكون أسوأ مما هي حتى الآن بالاغتيالات والتعذيب». وكشفت الصحيفة أن أهداف «الجيش السوري الحر» تتمثل في «ضمان مكان بشمال سوريا وتأمين منطقة حظر جوي دولي له والحصول على السلاح من دول صديقة لإطلاق هجمات مسلحة بهدف إسقاط نظام الأسد، في مسار مماثل لما حدث في الثورة الليبية». وبحسب التحقيق، فإنّ الجنود المنشقين يحصرون اهتمامهم حالياً «بحماية المتظاهرين في المناطق التي يكونون قريبين منها، بينما يسعون لإحداث المزيد من الانشقاقات بين زملائهم». وحذّرت الصحيفة من أنه «إذا نجح هؤلاء المنشقون في جزء من أهدافهم، فسيكون هناك تحول مثير في مسار ستة أشهر من المواجهة بين نظام الرئيس بشار الأسد، الذي يستخدم أقصى درجات القمع الوحشي، ومتظاهرين يعتمدون الاحتجاج السلمي».
ونقلت «واشنطن بوست» عن دبلوماسيين أجانب وناشطين سوريين أنّ «الجيش السوري الحر» يتمتع بحضور في عدد من المناطق، وخصوصاً في حمص وجبل الزاوية قرب الحدود مع تركيا وفي دير الزور شرق البلاد. ورداً على سؤال عن قوة وعديد «الجيش السوري الحر»، أعرب السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد عن اعتقاده بأن هذه الأرقام «ليست كبيرة بما يكفي للتأثير على الحكومة السورية أو على مسار الاحتجاجات، فمعظم التظاهرات ليست مسلحة ومعظم المتظاهرين ليسوا مسلحين». في المقابل، تحدثت الصحيفة عن أدلّة على أنّ هذا «الجيش السوري الحر» يتّسع وينتظم مع وجود تقارير تتحدث عن تزايد المواجهات بين الطرفين، بعدما أعلن «الجيش» أنه شكل 12 كتيبة وينشر أخباره على نحو متواصل على صفحة «فايسبوك». ووفقاً للتحقيق نفسه، فإنّ أكثر كتائبه نشاطاً هي «كتيبة خالد بن الوليد» في حمص، التي تضمّ نحو ألفي جندي منشق «ربما كانوا مسؤولين عن هجمات استوجبت ردّاً عسكرياً عنيفاً من الحكومة قبل أسبوعين، حيث أدّى ذلك إلى قصف المدنيين بالمدافع مما أدى إلى مقتل العشرات». وهنا، يحمّل الناشط في مجال حقوق الإنسان وسام طريف «الجيش الحر» مسؤولية غير مباشرة في بعض الخسائر في صفوف المعارضين، لذلك دعا الناشطون السلميون «الجيش السوري الحر» مراراً إلى عدم القيام بعمليات إلى حين يصبحون قادرين على «تأمين عدد من الجنود يصنعون فارقاً في معركتهم ضد الجيش» النظامي.
وقال أحد الجنود المنشقّين إنّهم يملكون أسلحة مختلفة، ويحصلون على الذخيرة من بعض المتعاطفين في الجيش، وتحدثت تقارير عن مصادرة أسلحة على الحدود مع العراق ولبنان. وفي السياق، يستبعد ملازم أول منشق يختبئ في قرية وادي خالد اللبنانية، حصول انشقاقات في الصف الأول من قيادة الجيش، بما أن «معظم هؤلاء ينتمون إلى الطائفة العلوية»، وسط إشارة العميد أسعد إلى أن «90 في المئة من الجنود هم من المذهب السني، ومعنوياتهم سيئة، وكل يوم نشهد مزيداً من الانشقاقات في صفوفهم».