القاهرة | حالة من الشدّ والجذب تعيشها مصر في هذه الآونة بين المجلس العسكري والتيارات الإسلامية التي تريد التعجيل بإجراء الانتخابات البرلمانية استناداً إلى الإعلان الدستوري، من ناحية، وبين قوى سياسية ترى أن التعجيل في ظلّ الفوضى يعني فتح الباب أمام برلمان يسيطر عليه المتشدّدون، وبالتالي خروج الدستور المنتظر بنكهة إسلامية بعيداً عن الدولة المدنية، من ناحية أخرى.وما بين الفريقين، يعيش المواطن العادي في حيرة من أمره وينتظر صدور مرسوم من المجلس العسكري يتضمن دعوة الناخبين إلى الاقتراع. الوضع نفسه ينطبق على اللجنة العليا للانتخابات. المواطن ينتظر حتى يتبين ملامح الفترة المقبلة، واللجنة تنتظر حتى تبدأ في اتخاذ عدد من الإجراءات والقرارات المتعلقة بتنظيم العملية الانتخابية. وبحسب رئيس اللجنة، المستشار عبد المعز إبراهيم، «من المتوقع صدور المرسوم خلال ساعات».
ورغم أنّ تعديلات مشروع قانون انتخابات مجلسي الشعب والشورى تحتاج إلى مرسوم بقانون، بخلاف الإعلان الدستوري، إلا أن المعطيات كلها تسير في اتجاه إعلان المجلس العسكري التعديلات في إعلان الدستوري مساء اليوم أو غداً على الأكثر.
وفيما يُعدّ تراجعاً من المجلس العسكري عن النص الذي أُعلن قبل أيام، يتوقع أن يقرّ القانون الجديد تعديلاً يستعيد المبدأ السيئ السمعة «المجلس سيد القرار»، بحيث أشارت مصادر إلى أن التعديلات ستشترط على المرشحين بالنظام الفردي عدم الانتماء إلى أي حزب سياسي، لا قبل الانتخابات ولا بعدها. وفيما كان القانون قد نصّ على سقوط العضوية عن أي عضو حصل على المقعد الفردي إذا تغيرت صفته، غير أن التعديلات الجديدة في المادة الخامسة تربط إسقاط العضوية في هذه الحالة بموافقة ثلثي أعضاء المجلس، وهذا يعني سيطرة الكتل السياسية على المجلس المقبل والتلاعب بالضوابط لمصلحتها بسبب إضافة هذا التعديل الغامض.
واستكمالاً لحالة التخبط، كشفت مصادر داخل اللجنة العليا للانتخابات أن التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية اعتمد على تقليل عدد الدوائر الفردية، لتتسع بذلك المساحة للقوائم المغلقة، بحيت حُدِّدت 46 دائرة لنظام القوائم في انتخابات مجلس الشعب، و83 دائرة للنظام الفردي، ما يعني وجود 332 عضواً بالمجلس من طريق القوائم و 166 عضواً من طريق النظام الفردي. أمام هذا القانون الانتخابي وإصرار العسكر على إمراره، لا تجد القوى السياسية المعارضة والمطالبة بنظام القائمة سوى مقاطعة الانتخابات.
من جهته، أكّد الأمين العام لحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، محمد سعد الكتاتني، أنّ التحالف الديموقراطي الذي يضم 38 حزباً سيعقد اجتماعاً عاجلاً غداً لاتخاذ موقف موحد حيال قانون مجلس الشعب والمشاركة في الانتخابات، وسيعلن أيضاً إن كان سيشارك في تظاهرات يوم الجمعة المقبل.
وقال رئيس لجنة التنسيق الانتخابي في التحالف الديموقراطي، وحيد عبد المجيد، إنه غير متفائل بالقانون. ورأى أن التعديلات «متاهة وسترهق القوى السياسية والأحزاب، وستنتج برلماناً ضعيفاً تسهل السيطرة عليه، وغير قادر على المواجهة وإصدار قوانين تحتاج إليها القوى السياسية لسرعة التحول الديموقراطي السليم ولتسهيل حياة المصريين العادية».