عاشت شوارع قرى البحرين وأزقتها، خلال اليومين الماضيين، أياماً عصيبة بسبب القبضة الأمنية التي اشتدت على المسيرات التي قرّرت العودة إلى ساحة احتجاجها المركزية، دوار اللؤلؤة، وتحوّلت الساحات إلى منطقة اشتباكات، حيث أطلقت القوى الأمنية الرصاص المطاطي وتلبّدت سماء القرى بدخان القنابل الغازية، وجرى اعتقال العشرات بينهم أكثر من 20 امرأة. الضجيج الذي نامت القرى وصحت عليه تصاعد أول من أمس مع إجراء الانتخابات التشريعية التكميلية التي قالت وزارة العدل إن المشاركة فيها بلغت 51 في المئة، وهو ما نفته مصادر في جمعية «الوفاق» التي قاطعت الانتخابات مشيرةً إلى أن الرقم تضليلي.
وقال النائب الوفاقي سيد هادي موسوي في حديث إلى «الأخبار» إن الرقم الذي أشارت إليه وزارة العدل خلصت إليه بعد تلاعب بالأرقام. وأوضح أن السلطة أجرت حسبتها على أساس الانتخابات الإجمالية الحاصلة لـ40 مقعداً في مجلس النواب، فيما الانتخابات الأخيرة جرت لاختيار 18 مقعداً. ويشير إلى أن «الوفاق» حصلت خلال الانتخابات الأخيرة على 66 في المئة من الأصوات (18 نائباً)، وبالتالي فإن الـ22 نائباً الباقين من مجلس النواب حصلوا على 34 في المئة من الأصوات. وهكذا تكون نسبة المشاركة التي أعلنتها وزارة العدل (51 في المئة) هي حسبة 34 في المئة مضاف إليها 17 في المئة هم نسبة الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة.
ولمزيد من التوضيح، تُظهر الأرقام التي أعلنتها اللجنة الانتخابية أن بعض الفائزين في الانتخابات حصلوا فقط على 179 أو 791 صوتاً مثلاً في محافظة العاصمة. وفي هذا السياق، يقول سيد هادي إنه عندما فاز في الانتخابات حصل على ما يقارب 1990 صوتاً، أما الفائزان الأول والثاني في الدائرة نفسها فحصلا على 183 و105 أصوات، فكيف تكون نسبة المشاركة 51 في المئة؟ وأكّد أن أرقام الناخبين في الانتخابات السابقة كانت بالآلاف، أما الأرقام الحالية فهي بالكاد بالمئات، إضافة إلى وجود فائزين بمئتي صوت أو أقل.
وعن التوزيع الطائفي لهؤلاء المرشحين، بما أن النواب السابقين كانوا من كتلة «الوفاق» الشيعية، قال النائب المستقيل إن معيار الكفاءة هو الأساس، وكل المرشحين الحاليين أكانوا سُنّة أم شيعة هم موالون للسلطة ومستقلون، لكنه أشار إلى أن غالبية المقاعد (ما يزيد على 30 مقعداً من أصل 40) ستكون للسنّة وليس للشيعة.
وأكّدت مصادر أخرى لـ«الأخبار» أن حسبة 51 في المئة شملت أيضاً الدوائر التي فاز فيها المرشحون بالتزكية، وهي 4 دوائر، بحيث اعتبرت نسبة المشاركة فيها 100 في المئة وجرى إضافتها إلى الدوائر الـ14 الباقية قبل إجراء قسمة وسطية، ثم إضافتها إلى 34 % الخاصة بنسبة ناخبي 22 نائباً الذين لم يستقيلوا.
وبحسب اللجنة التنفيذية للانتخابات التكميلية، فإن عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في 18 دائرة تجري فيها الانتخابات هم ما يقارب 187080 ناخباً موزّعين على 4 محافظات، وعند حساب عدد المقترعين المبيّنين على الجدول الذي وزعته اللجنة ونشرته وسائل الإعلام البحرينية، فإنّ الرقم لا يتجاوز 25126 ناخباً، وبتقسيمهم على عدد الناخبين الـ187080، فإن نسبتهم تكون 13.4 في المئة.
لكن من ضمن العدد الإجمالي للناخبين (187080) هناك ناخبو الدوائر التي فازت بالتزكية (عددها 4)، وبالتالي فإن حجم الكتلة الانتخابية للدوائر الـ14 الباقية هي 144513، وبقسمة عدد المقترعين عليها، فإن النسبة تكون 17.3 في المئة. وفي الإجمال، هذه الأرقام تبتعد كثيراً عن الرقم الذي أعلنته وزارة العدل.
وكان الأمين العام لـ«الوفاق» الشيخ علي سلمان قد اعتبر يوم الانتخابات «يوم حداد على الديموقراطية»، فيما قال النائب الوفاقي المستقيل مطر مطر إن الاقبال ضعيف. وبالنسبة إلى العقوبات التي كانت قد تحدثت عنها صحيفة «الأيام» للمقاطعين، فإن وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة عاد وأوضح بعد عملية الاقتراع أنه جرى «سوء تفاهم»، وأن العقوبات تشمل «الذين يعرقلون عملية إدلاء الناخبين بأصواتهم».
وفي إطار قمع الاحتجاجات، أعلنت وزارة الداخلية اعتقال 22 شخصاً قالت إنهم حاولوا عرقلة العملية الانتخابية عبر إقفال طرق وتكسير سيارات. لكن سيد هادي موسوي قال إن الاعتقالات تجاوزت العشرات، وإنه جرى اعتقال أكثر من 40 امرأة في مسيرة بمجمع تجاري. وعن سبب اعتقال النساء أوضح أن «إلقاء القبض عليهن كان أسهل بالنسبة إلى القوى الأمنية». وأشار إلى أنّه جرى حرق 5 بيوت جرّاء اعتداء القوات الأمنية بالقنابل الغازية.
في المقابل، تحدثت وكالة الأنباء البحرينية عن «مسيرة شعبية حاشدة بالسيارات جابت شوارع المملكة من المحرق وصولاً إلى قصر رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة في الرفاع، وذلك ابتهاجاً بنجاح العرس الديموقراطي المتمثل في الانتخابات التكميلية».



إرجاع مفصولين إلى العمل

أعلن وزير العمل البحريني، جميل بن محمد حميدان، أول من أمس، أنه جرى إرجاع أكثر من ألف من المفصولين عن العمل خلال فترة الأحداث إلى أعمالهم، وذلك بناءً على توجيهات الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن حميدان قوله، خلال مؤتمر صحافي في المركز الإعلامي للانتخابات التكميلية، إنه «تمّ حل الشوط الأكبر من مشكلة المفصولين، ويبقى حوالى ثلث المشكلة، ونعمل حالياً بالتعاون مع جميع الشركات والمؤسسات على إرجاع الباقين إلى أعمالهم وفق مبادئ القانون والعدالة»، مشيراً إلى أن المسألة ليست سياسية، بل تخضع للقانون، حيث نفحص كل حالة على حدة.
وأضاف أنه «جرى خلال فترة الأحداث عمل إضراب لمحاولة شل حركة الاقتصاد الوطني، ما ترتّب عليه قيام بعض المؤسسات والشركات بإجراءات تأديبية بسبب الامتناع عن العمل أو التغيّب لمدد طويلة أو مخالفة لبنود عقد العمل، ووصل عددهم إلى نحو 2400 حالة».
وأوضح أنه بعد صدور خطاب الملك، وتأليف لجنة بتوجيهات من رئيس الوزراء «لمتابعة وضمان التطبيق العادل للقانون كي لا يكون هناك تسريحات خارج القانون وإعطاء كل ذي حق حقه، ارتفع عدد العمال الذين عادوا إلى أعمالهم إلى نحو 800 عامل أو موظف حالياً، بعدما وصل في مرحلة سابقة إلى 564 شخصاً يضاف إليهم 175 حصلوا على وظائف جديدة، ليصبح العدد حتى الآن 973 شخصاً انتهت مشكلتهم ورجعوا إلى أعمالهم أو زاولوا أعمالاً جديدة».
(الأخبار)