رام الله | عند عصر اليوم، سيخرج الفلسطينيون إلى الساحات والميادين التي اتفقوا على التجمع فيها، رافعين أعلام فلسطين، ومرددين الهتافات الوطنية في انتظار خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، فهم يريدون رؤيته لحظة تسليمه طلب فلسطين لنيل الاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية. الصمت سيكون شديداً في الشوارع للمرة الأولى ربما، رغم أن التوقع يفيد بأن شوارع الضفة الغربية المحتلة ستشهد تظاهرة «مليونية»، وخاصة أن الحدث يذكرهم بالراحل ياسر عرفات، عندما خطب في الأمم المتحدة للمرة الأولى في زيه العسكري الشهير عام 1974. شاشات ضخمة ومكبرات للصوت ستكون في كافة الميادين لمتابعة مجريات الأمور قبل وخلال وبعد خطاب الرئيس عباس، ليشاهده ويسمعه الفلسطينيون مجتمعين، تعبيراً عن الدعم الشعبي لنيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، لأنهم يرون أن الوقت قد حان لذلك. ومع انتهاء الخطاب، ستطلق جميع مساجد فلسطين التكبيرات، في سابقة هي الأولى من نوعها في مجال استخدام الدين في السياسة في الضفة الغربية، بينما الكنائس ستقرع أجراسها دعماً لهذا الحدث، بحسب وزير الأوقاف الفلسطيني محمود الهباش، حيث يتوقع أن تكون الأجواء الحماسية قد بلغت ذروتها في الشارع الفلسطيني.
ورغم ازدياد درجة التوتر في الشارع الفلسطيني، وخاصة بعد «الخطاب الإسرائيلي» للرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس، إلا أن جميع الدعوات التي صدرت عن المسؤولين وقادة الفصائل الفلسطينية حثت على انتفاضة سلمية تعبيراً عن الدعم الشعبي لطلب فلسطين من جهة، ورفضاً لخطاب الرئيس الأميركي من جهة أخرى، وفق ما أعلنه مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، بسام أبو شريف.
وفي السياق، تظاهر نحو الف فلسطيني في وسط مدينة رام الله احتجاجاً على خطاب الرئيس الأميركي. وحمل العشرات من طلاب وطالبات المدارس الأعلام الفلسطينية، وهتفوا « هيا هيا هيا اميركا» و«وما اخلقنا تنعيش بذل .. اخلقنا نعيش بحرية». وتقدمت المسيرة، التي انطلقت من ساحة محاذية لضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مركبة تحمل مكبرات صوت وتطلق أغاني فلسطينية ثورية.
ودعا عضو المكتب السياسي لـ «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، الشعب الفلسطيني إلى الخروج في مسيرات مليونية، واعتبار يوم الجمعة بمثابة «جمعة فلسطين الدولة الرقم 194» لرفع صوت الشعب الفلسطيني عالياً، وتأكيداً على حقه في نيل الاستقلال والتحرُّر من الاحتلال الإسرائيلي، ورفضاً لخطاب أوباما، الذي أظهر فيه تبنيه الكامل لمواقف الاحتلال، ورفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
من جهة أخرى، يستطيع المتابع للشأن الداخلي الفلسطيني أن يتلمّس، ولو مرة واحدة، إصرار الفلسطينيين في الشارع على عدم تصعيد الوضع على الأرض، بهدف عدم توفير الذرائع لجيش الاحتلال ومستوطنيه لإطلاق النار أو مهاجمة الفلسطينيين أينما وُجدوا في «جمعة الاستحقاق» اليوم، وخاصة مع تصاعد هجمات المستوطنين ومحاولاتهم جر الفلسطينيين إلى مربع العنف، كما لا يخفى على أحد التعليمات الواضحة للأمن الفلسطيني بمنع وصول أية تظاهرة إلى مناطق التماس، القريبة من الحواجز أو المعابر الإسرائيلية، أو المستوطنات القريبة من المدن الفلسطينية، منعاً لسقوط جرحى أو شهداء، ولإبقاء ورقة الشارع الضاغطة إلى حين آخر.
الفلسطينيون إذاً ينتظرون الحدث لمعرفة المقصود بمقولة أن «ما قبل أيلول لن يكون كما بعده»، ويريدون معرفة إلى أين تسير القضية الفلسطينية برمتها، لكون الأمم المتحدة هي آخر المطاف بعد عشرين عاماً من المساومات، وقد يُفرَض عليهم عام جديد من التفاوض الذي لم يأتهم بشيء يذكر.