غزة | سال حبر كثير في الحديث عن قضية الشاب الحمساوي الذي أمسى في قبضة أجهزة الأمن الإسرائيلية، التي استغلت حاجته إلى العلاج من مرض عضال، واعتقلته على حاجز بيت حانون «إيريز» شمال قطاع غزة، ثم انطلقت بتوجيهات من رئيس مكتب حكومة العدو وسائل الإعلام العبرية للحديث عن توقيف «كنز» يحمل معلومات «حساسة» عن الأنفاق الهجومية لـ«حماس» في قطاع غزة، والدعم الإيراني غير المتوقف «وفق اعترافات» إبراهيم الشاعر (21 عاماً)، والمتوقف وفق قيادة الحركة في الوقت نفسه.
هذا الضجيج لم يقابله رد فعل من «حماس» التي اتهم الشاب بالانتماء إلى ذراعها العسكرية (كتائب القسام)، ولم يخرج نفي من الحركة التي تسارع عادة إلى ترصد ما يقال عنها في الإعلام والتمحيص فيه. أكثر من ذلك، فإن وسائل إعلام «حماس» لم تنقل الخبر الإسرائيلي على مواقعها وصحفها ما دام أن الرواية إسرائيلية بحتة ولم ينشر نفي رسمي بذلك.
القيادي في الحركة والنائب عنها في لجنة حقوق الإنسان في المجلس التشريعي، يحيى موسى، رفض نفي أو تأكيد انتماء الشاب إلى «حماس»، مكتفياً بالقول: «ليس لدي شيء أقوله في هذا الصدد». موسى، الذي يقطن جنوب قطاع غزة وهو المكان نفسه الذي يقطن فيه الشاعر، وجد ضالته في الاعتماد على نفي العائلة انتماء الشاب إلى الحركة، التي عرضت مقطعاً مصوراً «للاستيلاء على طائرة استطلاع إسرائيلية قالت إنها بتقنية وإبداع الشباب في غزة»، فيما كان مكتب بنيامين نتنياهو يقول قبل يوم من الشريط، إن الشاب اعترف بأن إيران دربتهم على ذلك. هنا قال موسى: «عندما تنفي عائلته (أنه ينتمي إلى حماس)، فهي أدرى بما تقول، والكلمة الفصل لديهم».
برغم ذلك، أسرّت مصادر لـ«الأخبار» بأن «القسام» أقرت في الأيام الماضية إجراءات وقائية بشأن سفر عناصرها من أي معبر كان وإلى أي اتجاه. وتحدثت المصادر عن أن العمل يجري على مراجعة جميع الشبان المغادرين عبر «إيريز خصوصاً»، ولكنه رفض ربط ذلك بتوقيف الشاعر، قائلاً: «سنراجع أسماء المغادرين، وسيدقق أمراء المناطق تحديداً في من ينتمون إلى الكتائب حديثاً أو قديماً».
عائلة إبراهيم الشاعر الذي «تبارزت» وسائل إعلام إسرائيلية لنقل تفاصيل متفاوتة حول توقيفه، نفت لإحدى وسائل الإعلام المحلية المستقلة أن يكون نجلها منتمياً إلى «حماس»، بل قالت إنه لا «يعمل ضمن أي تشكيل عسكري». ورفضت العائلة الحديث مع أي وسيلة مقربة من الحركة أو غيرها، بل إن وكالة «الأناضول» التركية التي تسعى إلى السبق والحصرية في الحدث الفلسطيني نقلت عن الوكالة المحلية حديث الأهل.
مع كل ذلك، استطعنا الحديث مع عادل الشاعر الذي أكد أن ابنه (إبراهيم) «لا يشكل أي خطر على أحد ولا ينتمي إلى أي فصيل... هو خرج للعلاج وإجراء عملية جراحية بسبب ورم دهني لديه في مستشفى في مدينة الخليل». وأضاف: «أستغرب من حماس لماذا لم تنف انتماءه إليها... سواء نفت أو لا، المهم أن يكون نجلي تحت الرعاية لا التحقيق، لأنه خرج للعلاج».
وعن اعتبار نجله «كنز معلومات»، قال والده: «لو فعل شيئاً في حياته عليه أن يتحمل ذلك، ولكنه خرج للعلاج ويجب أن يتلقى عناية صحية خاصة، هو يحتاج إلى عملية جراحية... له شهر كامل محتجز... هذه أول مرة بحياته تطأ قدماه إسرائيل».
وكان العدو الإسرائيلي قد أعلن أنه اعتقل فلسطينياً من سكان مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، قال إنه عمل «حفّار أنفاق» مع «كتائب القسام»، فيما حظي خبر الاعتقال و«الاعترافات» التي أدلى بها الشاب عن الأنفاق وعمليات تهريب الأسلحة والأموال الإيرانية إلى القطاع، باهتمام واسع ولافت في وسائل الإعلام العبرية، وخاصة أن تسريب الخبر و«الاعترافات» جاء من مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي حرص على تظهيرها باعتبارها خبراً أول في إسرائيل (راجع عدد أمس).