عمان | تحولت إقالة محافظ المصرف المركزي في الأردن، فارس شرف، الى قضية رأي عام بامتياز، فألغاز إقالته المفاجئة، بعد عشرة أشهر على تعيينه، لا تزال بحاجة الى إجابات. والمبررات التي ساقها رئيس الوزراء معروف البخيت لتبرير إقالته، لم تلق رضى الكثيرين، الذين رأوا أن القضية سابقة من شأنها التأثير في استقلالية المصرف المركزي.وكان البخيت قد وجّه اتهاماً الى شرف بأنه ليبرالي وضد نظرية السوق الاجتماعي. من جهته، رفض شرف الاتهامات وامتنع عن الرد على تكهنات الشارع بخصوص استقالته، وحصر تعليقه على رئيس الوزراء، ملمحاً بأنه طالب برفع الدعم عن الأثرياء والأغنياء فعلاً لا عن الفقراء، لكنه لم يتطرق إلى المنحة السعودية، ولا إلى تحويل الأموال للمصرف المركزي. وأكّد أنه رفض الاستقالة عندما طلب منه البخيت ذلك ليس تمسكاً بالمنصب، بل تمسكاً بالقانون الذي لا يجيز إقالته من منصبه قبل خمس سنوات، وهي فترة الحصانة حفاظاً على المؤسسة.
ورفض شرف، خلال لقائه عدداً من الصحافيين الردّ على تصنيف البخيت، له بأنه ليبرالي، مضيفاً إن ذلك لا يعيبه «لأن الملك يدعم الاتجاه الليبرالي في الإدارة الاقتصادية». ونفى وقوفه خلف حصانته باعتبار أنه ينتمي إلى العائلة الحاكمة «يحميني القانون، وعلينا أن نسأل البخيت من اختبأ خلف حصانته كعين (من الأعيان)، وأنا أؤكد مرجعيتي وهي القانون والملك، وجل ما يهمني هو مصلحة الوطن». وشدّد على أن وظيفته المحددة بموجب القانون هي حماية السياسة النقدية وتوازنها واستقرارها، ولفت الى انه كان يطبّق القانون الذي لا يسمح بتفويض هذه الصلاحيات لأحد، وذلك بهدف المحافظة على استقرار واستدامة السياسة النقدية وحماية استقرار الأسعار، متسائلاً: هل يعقل أن أدفع باتجاه رفعها على المواطنين وذوي الدخول المحدودة؟ وأوضح أنه دعم الإنفاق الرشيد في سياسة الدعم، مؤكّداً أن الحكومة لا تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وإثر إقالة شرف قدّمت والدته، العين ليلى شرف، استقالتها من مجلس الأعيان لاعتبارها أن هذا الفعل مثل «إساءة لا يمكن قبولها على مستوى العائلة». وروت الوالدة انه عندما تجمع الأمن على بوابة المصرف المركزي لمنع ابنها من الدخول، «كان المحافظ فارس شرف في المنزل وحصل على إجازة طارئة حتى لا تحصل المزيد من الإحراجات». ونُقل عن الوالدة تهديدها بأنه «ليس نحن من يجري التعامل معنا بهذه الطريقة البائسة من قبل حكومة بائسة».
وسيكون لاستقالة شرف من مجلس الأعيان أثر بالغ، بعدما قال المعارض ليث الشبيلات إن شرف استقال لأنه «نظيف». وأعرب حزب جبهة العمل الإسلامي وحركة الإخوان المسلمين، في بيان موحّد، عن تفاجئهما بالاستقالة، ووصفا ما حدث بأنه خطوة غير مسبوقة في التعامل مع كل الذين شغلوا المنصب من قبل. وبحسب الحركة الإسلامية فإن هذه الإقالة، وفي ظلّ صمت رسمي، هي مدعاة للقلق، وتستدعي إيضاح الحقائق كاملة.
وطالب الحزب الوطني الدستوري رئيس الوزراء بالكشف عن أسباب الإقالة، مؤكّداً أن تخبّط الحكومة الحالية وتبريراتها تثير تساؤلات عديدة بشأن قدرتها على تحمل أعباء المرحلة التاريخية والمنعطفات التي تحيط بالأردن. وأضاف بيان الحزب إن «بقاء حكومة البخيت اصبح عبئاً ثقيلاً على البرنامج الإصلاحي».
أما دعوة قوى شبابية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» للاعتصام أمام المصرف المركزي احتجاجاً على قرار الحكومة بإقالة شرف، فقد أربكت صفوف قوات الأمن العام والإعلاميين. والمفاجأة كانت بعدم حضور أي معتصم من الذين أطلقوا الدعوة، رغم مرور ساعة على موعد الاحتجاج.