عشية «جمعة توحيد المعارضة» في سوريا، اليوم، عاد موضوع الحوار بين المعارضة والنظام ليسيطر على المشهد، مع كشف رئيس الوفد النيابي الروسي، الذي زار سوريا الأسبوع الماضي، عن استعداد الرئيس بشار الأسد ورغبته في الاجتماع مع المعارضة، مع تسريب مصادر مقربة من النظام معلومات تؤكد قرار النظام تنظيم نسخة ثانية من اللقاء التشاوري الشهر المقبل، وهو الذي قاطعت نسخته الأولى معظم تنظيمات المعارضة ورموزها في شهر تموز الماضي. وبينما كانت تركيا تنفّذ تهديدها بالمباشرة بفرض عقوبات منسقة مع الأميركيين ضد سوريا، كان السفير الأميركي روبرت فورد يسجل تحذير بلاده من صراع طائفي في البلاد.وقال فورد إن الأسد «يفقد الدعم الذي يحظى به عند دوائر مهمة في المجتمع السوري ويجازف بإدخال البلاد في صراع طائفي عن طريق تكثيف حملة قمع دموية للمتظاهرين». وأشار لوكالة «رويترز» إلى أن «الوقت ليس في مصلحة الأسد»، مسهباً في الحديث عن التظاهرات التي وصفها بأنها «سلمية جداً». وتابع فورد إن هناك ضائقة اقتصادية في سوريا وبوادر انشقاقات داخل الأقلية العلوية والمزيد من الانشقاقات في صفوف الجيش منذ منتصف أيلول، من دون أن ينكر واقع أن «الجيش لا يزال قوياً ومتماسكاً للغاية». وجاء في نص المقابلة قول فورد «لا أعتقد أن الحكومة السورية ستسقط اليوم في 22 أيلول، لكنها قريبة من السقوط». وبرّر توقعه بأن «الوقت ليس في مصلحة الأسد، فالاقتصاد السوري يعاني أوضاعاً صعبة، وحركة الاحتجاج مستمرة. وشيئاً فشيئاً، فإن الأطراف التي تدعم النظام تغيّر من موقفها، وسيشهد الجيش المزيد من الانشقاقات»، مستشهداً بما قال إنه حصل في حمص الشهر الماضي «عندما أعلن 3 من رموز الطائفة العلوية، في بيان، أن مصير الطائفة ليس مرتبطاً ببقاء الرئيس الأسد بالسلطة من عدمه». وكانت الولايات المتحدة حاضرة أمس في الحدث السوري عندما رفضت منح حاكم البنك المركزي السوري أديب ميالة تأشيرة دخول إلى أراضيها للمشاركة في اجتماع غير رسمي في واشنطن يعقده البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اليوم.
في غضون ذلك، نقل نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي، الياس أوماخانوف، رئيس الوفد البرلماني الذي زار سوريا أخيراً، عن الأسد «رغبته واستعداده للقاء المعارضة السورية»، من دون أن يستبعد، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، أن تعلن القيادة السورية عن انتخابات مبكرة. وأضاف «لا أستبعد أن تصل الأوضاع الى مرحلة تعلن خلالها القيادة السورية إجراء انتخابات مبكرة، وهذا أيضاً يدخل ضمن التدابير الديموقراطية، لذلك إذا تحدثنا عن استعداد الرئيس السوري بشار الأسد للقاء المعارضة، فنحن على الأقل لمسنا منه هذه الرغبة والاستعداد، وأعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح». وفي سياق متصل، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن مصادرها أن «لجنة الحوار الوطني» التي ألّفها الرئيس السوري تستعد لعقد لقاء تشاوري ثانٍ في شهر تشرين الأول المقبل. وبحسب التقرير، فإنّ أعضاء من اللجنة، التي يرأسها نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، «باشروا إجراء اتصالات مع المعارضة بهدف إقناعها بالمشاركة في هذا المؤتمر للتفاوض على ما يمكن التوصل إليه من حلول وسط قد ترضي المعارضة وتحظى بموافقة السلطة السورية على حد سواء».
على صعيد آخر، نقلت فضائية «العربية» عن المعارض السوري هيثم المالح تعديلاً في الموقف الذي سبق لموقع «الجزيرة نت» أن نقله عنه أول من أمس، ومفاده دعوة صريحة لحلف شمالي الأطلسي للتدخل عسكرياً في سوريا «لإنقاذ الشعب السوري من جرائم النظام». وقال المالح لـ«العربية» إنه لا يوافق على تدخل حلف الأطلسي في سوريا، رافضاً أي نوع من التدخل العسكري، مشيراً إلى أنه يؤيد «فقط حماية دولية لسوريا برعاية الأمم المتحدة».
وفي تطبيق سريع لإعلان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، استعداد بلاده لفرض عقوبات منسقة مع الإدارة الأميركية ضد النظام السوري، كشفت صحيفة «حرييت» أنّ تركيا بدأت بالفعل منذ أمس بتطبيق أول جولة من هذه العقوبات، وهي تنص على إقفال الأجواء التركية أمام أي طائرات تنقل أي أسلحة أو أي معدات عسكرية إلى سوريا.
ميدانياً، اختار منظمو التظاهرات السورية شعار «جمعة توحيد المعارضة» لتحركات اليوم، بينما تحدثت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن مقتل خمسة من رجال قوى الأمن في «كمين للعصابات المسلحة» في درعا. وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أكد مقتل مدني في حمص برصاص «قناصة متربصين»، مشيراً إلى قطع السلطات اتصالات الهواتف النقالة والإنترنت عن بلدات محافظة دمشق. إضافة إلى ذلك، سجّل «المرصد» اعتقال 57 شخصاً أمس في محافظات إدلب ودير الزور ودرعا واللاذقية. أما فضائية «العربية» فقد نقلت عن «الهيئة العامة للثورة السورية» أن 16 شخصاً سقطوا برصاص الجيش السوري، معظمهم في محافظة حمص خلال عمليات أمنية، كما أفاد ناشطون سوريون عن «انشقاق 25 جندياً بكامل العتاد الحربي من حاجز النعيمة والمسيفرة في ريف درعا».
في المقابل، ذكرت «سانا» أن «ستة عناصر من قوات حفظ النظام استشهدوا وجُرح 19 آخرون بكمين مسلح لمجموعات إرهابية مسلحة على حافلة مبيت على طريق الجيزة باتجاه طيبة في درعا»، وذلك «بعد يوم على تمكن الجهات الأمنية المختصة من ضبط مجموعة إرهابية مسلحة بحوزتها كمية من المتفجرات والعبوات الناسفة المجهزة للتفجير». وفي حمص، أصدر وزير الداخلية محمد الشعار قراراً عيّن بموجبه قائداً جديداً لشرطة المحافظة هو العميد عدنان الحسن، بعد مضيّ أقل من أربعة أشهر على تعيين قائدها السابق العميد عبد الرزاق بركات».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، أ ب، يو بي آي)