بعد أيام من الكر والفر، تمكن ثوار ليبيا من السيطرة على أحد أهم معاقل قبيلة القذاذفة التي ينحدر منها الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي. وفيما نجح الثوار في وضع أيديهم على بعض الأجزاء من مدينة سرت، لا تزال بني وليد آخر المعاقل المستعصية التي يتحصّن فيها مؤيّدو النظام السابق. وفيما كانت طائرات بريطانية تابعة لحلف شمالي الأطلسي تهاجم مقاتلين موالين للقذافي في ثلاث مناطق مختلفة، أعلن عضو المجلس الوطني الانتقالي الذي يحكم ليبيا في هذه المرحلة الانتقالية، عبد المجيد سيف النصر، أن «ثوارنا سيطروا سيطرة تامة على مدينة سبها وكافة أحيائها، بما فيها القذاذفة».

وأضاف ممثل مدينة سبها لدى المجلس أن «الجميع أصبحوا مع الثورة، والمدينة أصبحت مؤمنة وفي أيدي الثوار، ونحن نحافظ على الأمن فيها في إطار تقاليدنا وعاداتنا، ولا نريد إراقة الدماء». وتابع، مع ذلك «هناك بعض التحركات الفردية غير المنظمة لبعض الأشخاص الذين يدافعون عن أنفسهم وعن جرائمهم، لكن المدينة مؤمنة ويمكننا تأمين وصول أي صحافي إليها».
وأعلن سيف النصر سقوط «أربعة شهداء من الثوار ومقتل 11 من عناصر كتائب القذافي الاثنين والثلاثاء في معركة السيطرة على سبها التي سيطرنا عليها تماماً الأربعاء»، والتي تبعد750 كيلومتراً جنوبي طرابلس.
بدوره، أكد ممثل «كتيبة درع الصحراء» في سبها، محمد وردكو، «السيطرة التامة على مدينة سبها، ولم تعد هناك مقاومة». وكان وردكو قد أكد الثلاثاء الماضي دخول قوات النظام الجديد في ليبيا سبها «وسيطرتهم على مطارها والقلعة وكتيبة فارس (مقر الأمن)»، إضافة إلى القبض على قيادي في الكتائب الموالية للقذافي في المنطقة.
من ناحية أخرى، أحرز مقاتلو المجلس الانتقالي تقدماً كبيراً في منطقة الجفرة وسيطروا على أنحاء واسعة منها، حسبما أعلن عضو المجلس الوطني الانتقالي عن الجفرة مصطفى الهوني، أول من أمس، في حديث إلى «فرانس برس» من بنغازي. وقال الهوني «سيطرنا على أكثر من سبعين في المئة من مناطق الجفرة» التي تقع على بعد 300 كيلومتر جنوبي سرت و300 كيلومتر شمالي سبها. وتضم منطقة الجفرة أربع مدن رئيسية هي ودان وهون (حيث مقر القيادة العامة العسكرية) وسوكنه وزلة.
وعلى جبهة بني وليد المحاصرة منذ عشرين يوماً، حيث يعتقد بوجود أحد أبناء القذافي مختبئاً فيها، استهدفت أربعة صواريخ غراد من طرف كتائب النظام السابق موقعاً أساسياً لمقاتلي المجلس الوطني الانتقالي بالقرب من البلدة التي تعتبر أحد آخر معاقل العقيد القذافي.
وكان مسؤول التفاوض مع وجهاء المدينة، عن جانب الثوار، عبد الله كنشيل، قد أعلن في تصريح لـ«فرانس برس» استقدام مجموعة من الدبابات «ستستخدم لدكّ حصون القوات الموالية للقذافي في بني وليد». وأضاف «نحتاج إلى كثافة نارية لمواجهة القناصة»، مشيراً إلى حشد مجموعات من الثوار من أجل «شنّ معركة حاسمة خلال 48 ساعة».
في هذه الأثناء، وافق حلف شمالي الأطلسي أمس على تمديد حملته الجوية والبحرية في ليبيا لثلاثة أشهر للمرة الثانية. وقال دبلوماسي في الحلف إن الاتفاق على تمديد المهمة التي تولى الحلف المسؤولية الكاملة عنها في 31 آذار الماضي، جاء خلال اجتماع لسفراء دول الحلف الثماني والعشرين في بروكسل.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن الطائرات البريطانية دمّرت منشأة للقيادة والسيطرة في بلدة بني وليد، ثم دمرت هدفاً ثانياً مماثلاً في هون على بعد 260 كيلومتراً الى الجنوب الشرقي. وأضافت أن طائراتها من طراز «تورنادو ــــ جي. آر 4» قصفت بعد ذلك مدرسة سابقة في سرت مسقط رأس القذافي، والتي كانت قاعدة للمركبات المدرعة والمدفعية المضادة للطائرات.
من جهة ثانية، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، خلال اجتماع في مركز أبحاث بنيويورك، أن قوات أوروبية خاصة قاتلت إلى جانب الثوار الليبيين لمساعدتهم على طرد العقيد القذافي من السلطة. وقال زيباري أمام مجلس العلاقات الخارجية «ليس فقط كان هناك هجوم جوي على طرابلس وعلى أماكن أخرى، ولكن أستطيع أن أقول لكم إنه كانت هناك أيضاً قوات خاصة، قوات أوروبية على الأرض لمقاتلة القذافي».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)