مثلما كان متوقعاً، كانت فلسطين وقضية الاعتراف بها كالدولة الرقم 194 في الأمم المتحدة، نجمة الدورة الحالية؛ إذ افتُتحت الجلسات العلنية للدورة الـ66 للجمعية العامة للأمم المتحدة على وقع كلمات لحكام العالم تمحورت حول كل المواضيع تقريباً، مع تشديد منطقي على قضية فلسطين، بالإضافة إلى الوافد الجديد على أجندات الرؤساء، أي الثورات العربية، وتحديداً الملف السوري.
ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، إلى سلام مستدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإقامة دولة فلسطينية، «لكن بعد تنازلات تضمن سلامة الأصدقاء الإسرائيليين المهددين بالإبادة، وبالتفاوض لأن العالم لا يتمتع بالكمال». وحدّد أوباما للفلسطينيين مسار عملهم؛ إذ عليهم «العمل على سلام مستدام، لا منع القتال فحسب»، مشدداً، في كلمته التي سبقت اجتماعاً له مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن «السلام صعب، لكنه ليس مستحيلاً». وفيما اعترف بأن الشعب الفلسطيني «يستحق دولة»، إلا أنه أفرغ كلامه من أي مضمون عندما رأى أن قيام الدولة «يجب أن يكون بالتفاهم بين الشعبين وبالمفاوضات حصراً، بحيث يضمن الإسرائيليون أمنهم ويضمن الفلسطينيون قيام دولتهم». وكرر اقتناعه بأن المشكلة تكمن في التطبيق؛ «لأن السلام يحتاج إلى عمل مضنٍ، وهذا ليس سهلاً». ومرر رسائله إلى المعنيين بالصراع، مشيراً إلى أن السلام «يقوم على التنازلات والتسويات مثلما هو الوضع في درس إيرلندا الشمالية والسودان». ولأنه رئيس الولايات المتحدة في النهاية، كان لا بد لأوباما من أن يضع مصلحة إسرائيل أولاً، عندما حذّر من أن «أي سلام دائم يجب أن يراعي صداقة الولايات المتحدة العميقة لإسرائيل التي تتعرض للقصف الصاروخي وقتل الأطفال»، مدّعياً أن دولة الاحتلال «التي يقل عدد سكانها عن 8 ملايين، مهددة بالإزالة من الوجود». ولم يتأخر سيد البيت الأبيض عن الكشف عن معارضته المعروفة لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، لافتاً إلى أنه «لا مجال لطريق مختصرة لإنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، في إشارة إلى الطلب الفلسطيني بالحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين في المنظمة الدولية. كلام قابله شكر حارّ وسريع أعرب عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قائلاً إن هذا الموقف «يشرّفه».
وبعيداً عن فلسطين، هاجم أوباما الحكومة السورية «حيث الشعب يموت مطالباً بحرياته»، مجدداً مطالبة مجلس الأمن بموقف موحد وفرض عقوبات على النظام السوري، مشيراً إلى أن «وضع العالم هذا العام أفضل مما كان عليه قبل عام، بدليل الثورات العربية التي أسقطت الخوف في تونس ومصر ودفعت نحو الديموقراطية فيهما مع ليبيا».
كذلك، شدّد الرئيس الأميركي على ضرورة معاقبة إيران وعزلها؛ لأنها «لا تستطيع إثبات أن برنامجها النووي غير عسكري»، متعهداً تقليص عدد القوات في أفغانستان إلى النصف مع نهاية العام الجاري، ومثنياً على «النجاح» الذي تحقق بتقسيم السودان إلى دولتين. أما في ما يتعلق باليمن، فطالب الرجل بمرحلة انتقالية لنقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح، من دون أن ينسى حثّ النظام البحريني على المزيد من الإصلاح «رغم الصعوبة في تحقيق ذلك»، مع تذكيره بأن بلاده «صديقة حميمة لحكومة البحرين».
وقد تكون كلمة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هي التي نالت القدر الأكبر من الاهتمام، بما أنها تضمنت «مبادرة» فلسطينية قديمة ـــــ جديدة من شأنها ربح الوقت وتأجيل مطالب الشعب الفلسطيني لفترة جديدة. وظهرت ملامح منافسة أميركية ـــــ أوروبية في كلام ساركوزي، عندما عارض استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن على طلب نيل فلسطين عضويتها في الأمم المتحدة؛ لأن ذلك «سيؤدي إلى إطلاق موجة عنف جامحة في الشرق الأوسط»، مؤكداً ضرورة البحث عن أسلوب مختلف «بحلّ يضع حداً للمأزق المستمر في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي». وما لبث أن كشف عما تحمله جعبته، فاقترح أن تمنح الأمم المتحدة الفلسطينيين وضع «دولة مراقب»، وحدد جدولاً زمنياً مدته 6 أشهر للاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول مواضيع الحدود والأمن، ومدة عام للتوصل لسلام نهائي، «وهو ما لن يحصل من دون أوروبا»، على حد تعبيره، على أن يُعقَد مؤتمر للمانحين في باريس في الخريف المقبل. و«سرق» ساركوزي «نظرية» إسرائيل التي تفيد بأنه «يجب ألا تكون هناك شروط مسبقة لإحياء مفاوضات السلام». ومع اعترافه بشرعية طلب الفلسطينيين في الحصول على الدولة، عاد ورأى أن إنشاء مثل هذه الدولة «يجب أن يؤدي إلى ضمان أمن إسرائيل ووجودها المهددين منذ أكثر من ستين عاماً». ورغم ما تضمنته «مبادرة الطريق الثالث» لساركوزي من تسويف وتأجيل، سارعت القيادة الفلسطينية إلى «تقدير أفكار ساركوزي»، متعهدةً درسها «بعمق». وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه لوكالة «فرانس برس»: «نقدّر الأفكار التي وردت في خطاب الرئيس الفرنسي، وستدرسها القيادة الفلسطينية بعمق وإيجابية».
وفي وقت لاحق، عقد المسؤول الفلسطيني المرافق للرئيس محمود عباس، نبيل شعث، مؤتمراً صحافياً، أعلن خلاله أن الفلسطينيين سيمهلون مجلس الأمن الدولي «بعض الوقت» لدراسة طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة «قبل أن نتوجه إلى الجمعية العامة». وبرر القرار بأنه «إذا توجّهنا أولاً إلى الجمعية العامة، فسنبدو غير جديين»، مع تأكيده أن «لا مشكلة بالحصول على أصوات الدول التسع في مجلس الأمن المؤيدة للاعتراف بالدولة، وهي روسيا والصين والغابون ونيجيريا ولبنان والبوسنة جنوب أفريقيا والهند والبرازيل»، مشيراً إلى أن فرنسا لم تعارض الخطوة.
وعن احتمال التصويت على الاعتراف بالدولة، أشار شعث إلى أنه ليس هناك من موعد محدد حتى الآن، «لكن إذا حصل تعطيل طويل من الأمين العام في إحالة القضية على مجلس الأمن، فسنتوجه إلى الجمعية العامة».

الرئيس الأميركي يعرض على أردوغان مصالحة مع إسرائيل



تنوّعت المواضيع التي ناقشها الحليفان، الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في نيويورك، لكن الأبرز كان الإلحاح الأميركي لإنهاء الأزمة مع إسرائيل، وسط تهديد وتطمين تركيين حيال قبرص
خصّص الرئيس الأميركي باراك أوباما جزءاً من وقته الذي يقضيه في نيويورك هذه الأيام، لمحاولة إقناع المعنيين، بإنهاء الأزمة التركية ـــــ الإسرائيلية، وذلك عندما اجتمع أول من أمس مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث توزعت الرسائل الأميركية الموجهة إلى أنقرة، تحديداً في ما يتعلق بضرورة إصلاح العلاقات مع تل أبيب.
وبحسب مصادر أميركية، سعى أوباما لدى أردوغان إلى عقد مصالحة تركية ـــــ إسرائيلية، بالطبع بعد التنسيق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي عقد لقاءً بدوره مع أوباما أمس. وفيما وصف أردوغان علاقة بلاده بواشنطن بـ«الشراكة النموذجية»، قالت المستشارة في البيت الأبيض للشؤون الأوروبية ليز شيروود راندال، إن أوباما دعا تركيا لإصلاح علاقاتها المتوترة مع إسرائيل. وعن الموضوع نفسه، كشف أحد كبار مستشاري البيت الابيض أن أوباما «شدد على اهتمامه برؤية تسوية لهذه القضية بين هذين البلدين الحليفين لنا، وشجعهما على العمل حتى تحقيق هذه الغاية». كلام مشابه وجهته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لنظيرها التركي أحمد داوود أوغلو، قائلةً له «لا نحتاج إلى مزيد من التوتر والاضطراب في هذا الوقت».
وقبل الاجتماع مع أردوغان، سمّى أوباما تركيا «الصديق والشريك الكبير» لحلف شمالي الأطلسي في كثير من القضايا. وشكر أوباما أردوغان على «التعاون في أفغانستان والعمل الذي حققناه أخيراً بمحاولة إعطاء الحرية لليبيا، إضافة إلى التزامات الحلف الأطلسي التي ننفذها كلانا، والتي تمثلت بقبول تركيا باستضافة رادار دفاعي صاروخي للحلف».
على صعيد آخر، رأى أردوغان أن بدء قبرص وإسرائيل عمليات التنقيب عن الغاز هو «جنون»، لكنه استبعد أي تدخل عسكري في الوقت الراهن، رغم أن هذا الخيار ظل موجوداً في كلامه. وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي بعد لقائه أوباما، إن «الإدارة اليونانية لقبرص بدأت عملاً جنونياً مع إسرائيل بعد استكشافهما النفط والغاز». وفي تصريحات نقلتها عنه وكالة أنباء الاناضول، أكد، رداً على سؤال، أن «زوارقنا وفرقاطاتنا (العسكرية) جاهزة في المنطقة». لكنه، رداً على سؤال آخر عن وجود خيار عسكري تركي لوقف عمليات التنقيب، أجاب «ليس بعد»، مجدِّداً التشديد على أن بلاده ستبدأ قريباً جداً عملياتها للتنقيب في أعماق البحار قرب سواحل قبرص، بمواكبة عسكرية، وذلك بعد توقيع اتفاق بين أنقرة وجمهورية شمال قبرص التركية حول ترسيم الحدود البحرية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

«جي 8» تتّفق على دعم «الربيع العربي»



اتفق وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى (جي 8) على الإسراع في تقديم معونات اقتصادية وسياسية الى خمس حكومات عربية، في مقابل التزامات بمواصلة العمل على إجراء إصلاحات ديموقراطية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، الذي كان يتحدث بعد اجتماع مجموعة الثماني، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن الشراكة الدولية لمساعدة البلدان التي تجتاحها رياح الربيع العربي، يجب عليها حتى تحرز النجاح أن تكون «حقيقية وشاملة وعملية على الفور». وفيما رأى أن هذه الشراكة «تخلق أملاً كبيراً في الديموقراطية وحكم القانون والاستقرار والسلام ومستقبل أفضل»، أشار الى أنها «تنطوي كذلك على مخاطر»، مضيفاً «إذا طال انتظار الإصلاح فسيطل شبح التطرف برأسه».
وأضاف جوبيه، الذي ترأس بلاده مجموعة الثماني، إن «الانتقال والإصلاحات يجب أن تنفذها البلدان التي تضمها الشراكة»، في إشارة الى شراكة دوفيل التي أنشأتها فرنسا، لمساعدة البلدان التي تشهد ثورات شعبية على تعزيز الإصلاحات الديموقراطية بجعل المساعدات وائتمانات التنمية مشروطة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وقال جوبيه إن برنامج دوفيل سيستمر ويستهدف ضم أكبر عدد من أعضاء المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن وزراء خارجية ومالية مجموعة الثماني سيراقبون إحراز التقدم بانتظام. وتابع «كل وضع يمثل حالة منفردة، والأمر يرجع لكل دولة في تحديد خطة عملها.. لسنا هنا لنفرض عليهم أي شيء».
من جهته، قال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو «شعبنا لديه آمال كبيرة ويحتاج إلى رؤية نتائج على الأرض».
وكانت مجموعة شراكة دوفيل، التي تضم السعودية وقطر وتركيا، وكذلك منظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي، قد تعهدت حتى الآن بتقديم نحو 80 مليار دولار تمويلاً لتونس ومصر والمغرب والأردن خلال العامين المقبلين.
وقدّمت كل دولة خطة عملها التي ستركّز على تقوية حكم القانون ودعم المجتمعات المدنية وتطوير التعليم وتسريع خطى التنمية الاقتصادية وتشجيع تكامل البلاد إقليمياً وعالمياً.
ودخلت ليبيا الآن أيضاً في الشراكة، رغم أنها لن تستفيد من المساعدات المالية في الوقت الراهن، بعدما بدأ فك تجميد بعضٍ من أصول البلاد.
ومن المقرر أن يجتمع الوزراء مرة أخرى لبحث التنمية في قمة إقليمية في الكويت في تشرين الثاني المقبل، يليها اجتماع رسمي لشراكة دوفيل عندما تتولى الولايات المتحدة رئاسة مجموعة الثماني العام المقبل.
(رويترز)