تشهد أروقة الأمم المتحدة حمى لقاءات مكثفة تتمحور في معظمها حول تفادي إحراج الدول الأوروبية التي ستضطر إلى اتخاذ موقف مساند للأميركيين والإسرائيليين إذا ما وصل الأمر إلى التصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن عضوية دولة فلسطين لدى المنظمة الدولية. معظم هذه اللقاءات كانت مع الوفد الفلسطيني، بقيادة رئيس السلطة محمود عباس وكبار مساعديه، بعدما وعد عباس بتقديم طلب العضوية لمجلس الأمن الدولي غداً الجمعة، حسبما أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لقاء عقده معه.وإلى جانب اللقاء بين عباس وبان، اجتمع رئيس السلطة الفلسطينية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أول من أمس. كما تقرر أن يعقد عباس لقاءً مغلقاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، رغم أن هذا اللقاء لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الرئيس الأميركي، الذي أعرب وإدارته في غير مناسبة عن امتعاضه من المبادرة الفلسطينية ومعارضته لها، متبنّياً الموقف الإسرائيلي بهذا الصدد.
وتركزت الاتصالات أيضاً مع أطراف اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط على مستوى وزراء خارجية الأطراف الممثلة فيها، وهي الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي. لكن اللجنة فشلت حتى الآن في الخروج بأي موقف موحد، حسبما أعلن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ.
ومن الأفكار التي يجري تداولها مع الوفد الفلسطيني أن يرفع عباس طلب عضوية دولة فلسطين إلى مجلس الأمن الدولي من دون اشتراط تصويت المجلس عليه. وبالتالي يتفادى الأميركيون استخدام حق النقض، ويتفادى الأوروبيون إحراج أنفسهم باتخاذ موقف في هذا الاتجاه أو ذاك. وأوضح دبلوماسي أوروبي بارز لمراسلين أميركيين في الأمم المتحدة، أن «مجرد تقديمه رسالة إلى المجلس لا يعني بالضرورة التصويت». وأضاف «الإشارة التي فهمناها من الفلسطينيين هي أنهم يريدون بالتأكيد بلوغ حل دبلوماسي».
وحسب الضغوط التي تمارس على الوفد الفلسطيني، سيقترن التقدم بالطلب الفلسطيني بصدور بيان عن اللجنة الرباعية يحدد شروطاً مرجعية لإعادة إطلاق محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي هذا الصدد، اجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بنظيرها الروسي، سيرغي لافروف، مساء الاثنين الماضي في محاولة لحشد الدعم الروسي للخطة. وعقد أطراف الرباعية سلسلة اجتماعات لصياغة مسودة بيان يتضمن عناصر أساسية مثل إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، الاعتراف بدولتين لشعبين: الفلسطيني واليهودي، وإطار زمني للتوصل إلى اتفاق سلام.
من جهته، أكد مسؤول فلسطيني رفيع المستوى لمراسلي الوكالات أنه يجري النظر بجدية في الخطة، باعتبارها خياراً «من شأنه أن يسمح لعباس بالوفاء بوعده في تقديم طلب الدولة إلى مجلس الأمن، مستنداً إلى دعم شعبي فلسطيني قوي في الضفة الغربية».
كذلك، رأى مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية أن هذه الفكرة جيدة «لأنها تخلق حاجة ملحة لبدء المفاوضات»، فيما واصلت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، مواقفها المنتقدة لطلب العضوية، معتبرةً أن خطوة عباس «مناورة طائشة ومضللة»، داعيةً إياه إلى التراجع عنها والدخول في مفاوضات مع الإسرائيليين لأنه «لن يحصل على أصوات كافية للنجاح».
من جهته، رحب مسؤول إسرائيلي بارز بالمسعى الجديد، قائلاً «من جانبنا، أعتقد أننا سنقبل به»، لافتاً إلى أن تقديم عباس الطلب، من دون التصويت عليه، سيتيح للأطراف متسعاً من الوقت لبدء المفاوضات. وأضاف: الطلب قد يكسب عباس المزيد من الثقة للالتقاء بالجانب الإسرائيلي على طاولة المفاوضات، من دون شروط، لأن رسالته في مجلس الأمن معلقة في رأس الدولة العبرية»، على حد تعبيره.
وإذا كانت حظوظ قبول مجلس الأمن لعضوية دولة فلسطين ضئيلة، بسبب التصدي الأميركي ـــــ الإسرائيلي، فإن التصويت في الجمعية العامة على مقعد عضو دولة مراقب أقوى وأقرب منالاً.