واشنطن وأنقرة تُعدّان لمرحلة ما بعد الأسد

صعّد البرلمان العربي، أمس، من لهجته إزاء النظام السوري، بينما تحدّثت تقارير أميركية عن ثقة أميركية مطلقة برحيل الرئيس بشار الأسد ونظامه، ما يبرر عمل واشنطن وأنقرة على بديل عنه بما أنّ الخوف من فترة ما بعد الأسد كبير
أصدر البرلمان العربي، أمس، توصية بتجميد عضوية البرلمانيين السوريين، ووقف العمل بمكتب البرلمان الرئيسي ومقره العاصمة السورية دمشق، «في حال عدم استجابة النظام السوري لإجراء إصلاحات سياسية فورية والإفراج عن المعتقلين السياسيين». توصية صدرت خلال اجتماع الدورة الثانية للبرلمان التي عقدت في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة برئاسة علي الدقباسي. وكان البرلمانيون العرب قد وافقوا على تقرير لجنة السياسة والأمن القومي بالبرلمان، التي شددت على تجميد عضوية سوريا في البرلمان العربي، وكذلك تجميد عمل المكتب الرئيسي للبرلمان ومقره دمشق، داعين الجامعة العربية إلى تجميد عضوية سوريا في الجامعة ووكالاتها المتخصصة.

وطالب البرلمانيون بـ«انسحاب الجيش السوري من المدن والقرى إلى ثُكَنه، ووقف إراقة الدماء وتأليف حكومة إنقاذ وطني وفتح المجال أمام وسائل الإعلام والبعثات الدولية لزيارة المدن السورية للاطلاع على الحقائق وتقديم المساعدات الإنسانية ودعم الحوار بين كافة القوى الوطنية». وتأتي التوصية المشروطة لتجميد عضوية سوريا في البرلمان العربي بعد أيام على تقدم سوريا بمذكرة احتجاج رسمية للجامعة العربية غداة استقبال الأمين العام للجامعة نبيل العربي معارضين سوريين مقيمين في القاهرة.
وفي المواقف العربية من الحدث السوري، حذر الملك الأردني عبد الله الثاني من أن «ما يجري في سوريا من قمع للمحتجين المطالبين بالديموقراطية يضيف مخاطر جديدة تهدد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». وقال الملك عبد الله، في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نشرتها، إن «الحكومة الأردنية تراقب عن كثب تطورات الأحداث في هذا البلد وأثرها على المنطقة بمجملها». وأضاف: «لقد تحدثت مرتين مع الرئيس بشار الأسد لمناقشة التحديات التي تواجهها المنطقة، وكيف يمكن الاستفادة من الدروس التي تعلمناها، لكن السوريين بدوا غير مهتمين». أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أيضاً، فقد كشفت بدورها أن واشنطن مقتنعة أكثر فأكثر بأنّ الرئيس الأسد سيُطاح، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما «تستعد لفترة من الاضطرابات بعد رحيله عن السلطة وتخشى من أن يؤدي سقوط النظام إلى صراعات داخلية للاستيلاء على السلطة، ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول المنطقة». وقالت الصحيفة إن واشنطن تتعاون بعيداً عن الأضواء مع تركيا للتحضير لمرحلة ما بعد الأسد. ونقلت الصحيفة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية والدبلوماسيين المعتمدين في الشرق الأوسط اقتناعهم بأن الأسد «غير قادر على سحق تظاهرات الاحتجاج ضد نظامه». وقال «مسؤول كبير» في الإدارة الأميركية للصحيفة إن «هناك إجماعاً على أن الأسد لن يتمكن من الاستمرار».
في غضون ذلك، كررت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون محاولة إقناع نظيرها الروسي سيرغي لافروف بأن «قراراً في الأمم المتحدة سيكون ضرورياً لمواجهة القمع العنيف في سوريا». وأوضح دبلوماسي أميركي «من محيط كلينتون» أن وزيرة الخارجية «دعت لافروف إلى التفكير بدقة بالدور الذي يمكن أن يؤديه مجلس الأمن في الوقت الذي تقتل فيه الحكومة السورية شعبها وتسجن ظلماً آلاف الأشخاص». غير أنّ لافروف جدد التأكيد، بحسب المصدر نفسه، أن «الطريق الأفضل هو حوار بين (الرئيس السوري بشار) الأسد والمعارضة السورية».
كذلك كان موقف الحليف الآخر لدمشق، أي الصين، التي لم تجد هذه المرة بديلاً من تكرار معزوفة «دعوة جميع الأطراف في سوريا إلى وضع حدّ للعنف وإطلاق عملية سياسية تقودها البلاد لحلّ الأزمة». ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، قوله إن «أي خطوة يتخذها المجتمع الدولي يجب أن تساهم نحو تحقيق الهدف»، معرباً عن قلق بلاده من استمرار الاضطرابات في سوريا.
ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 6 أشخاص بينهم شرطي في محافظة إدلب ومدينة حمص ومحافظة درعا. وجاء في بيانات المرصد المعارض أنّ «الشرطي استُشهد برصاص مجهولين في قرية كفر عويد بمحافظة إدلب، واستُشهد مواطنان في حي بابا عمرو بمدينة حمص، ومواطن من بلدة المسيفرة بمحافظة درعا متأثر بجراح أُصيب بها مساء أمس خلال إطلاق قوات الأمن الرصاص». إضافة إلى ذلك، كشف المرصد أن «حالة من الذعر والغضب الشديد تسود مدينة حمص بعدما سلّم الأمن جثة الفتاة زينب الحصني التي اختطفها عناصر أمنيون قبل نحو شهر للضغط على شقيقها محمد ديب الحصني، الذي قتلته قوات الأمن لاحقاً».
في المقابل، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن عناصر من الجيش فككوا عبوة ناسفة زرعت تحت خط نقل النفط في محافظة حمص وسط البلاد. وشرح مصدر عسكري سوري أن «عناصر الهندسة في الجيش فككوا اليوم الثلاثاء عبوة ناسفة وضعها عناصر تخريبيون تحت خط نقل النفط الخام إلى مصفاة حمص في منطقة جديدة العاصي غربي حي بابا عمرو محشوّة بـ 25 كيلوغراماً من مادة تي أن تي ومعدة للتفجير لاسلكياً، ووضعت بنحو متقن ومموهة، ما يدل على خبرة العناصر التخريبيين التي قامت بوضعها بهدف إحداث أكبر ضرر ممكن فى خط نقل النفط».
وفي ما يتعلق بـ«الحوار» الذي يرعاه النظام السوري، اختتمت أمس جلسات محافظة دمشق بالتشديد على عناوين اجتماعية من نوع «التربية السليمة وتعزيز روح الإبداع عند الأطفال واستمرارية التعليم المجاني ومكافحة المخدرات». أما في درعا، فقد انطلقت «الجلسات الحوارية واللقاءات الجماهيرية على مستوى مناطق المحافظة بهدف الوقوف على واقع هذه المناطق والاستماع إلى الأفكار، بما يسهم في تعزيز حالة الأمن والأمان وتقديم كل ما من شأنه الإسهام في تطوير المحافظة في المجالات الاقتصادية والخدماتية والاجتماعية»، بحسب «سانا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)