كلينتون بحثت مع لافروف صيغة للرباعية لاستئناف المفاوضات... والاتحاد الأوروبي يلتزم الصمت لممارسة الضغوط

حراك دبلوماسي مكثف يجري في مقرّ الأمم المتحدة. حراك تقوده واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بغرض تجنب مواجهة في المنظمة الدولية عبر الاعتراف بدولة فلسطين، ودفع عجلة السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
تضجّ قاعات مقرّ منظمة الأمم المتحدة في نيويورك بنقاشات حامية هذه الأيام بين مسوؤلي عواصم الدول الكبرى لبحث مسألة انضمام فلسطين إلى المنظمة الدولية، وتقود هذه النقاشات واشنطن التي تستنفد كل الوسائل لمنع التصويت على الانضمام في مجلس الأمن وتجنب استخدامها الفيتو، الذي قد يسبب لها إحراجاً دولياً، والاستعاضة عنه بإطلاق مفاوضات مباشرة.
وأجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مشاورات مساء أول من أمس مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، سعياً إلى التوصل لإصدار قرار عن اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط بهدف تسوية الأزمة. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، في ختام اللقاء، إن كلينتون ولافروف «لم يتطرقا إلى كلمات محددة أو تعابير محددة في النص»، موضحاً أن الاجتماع كان استراتيجياً أكثر منه تكتيكياً. وأوضح أنهما «بحثا العناصر الضرورية من وجهة نظرهما، ليس في سياق هذا الأسبوع في نيويورك فحسب، بل لتسوية نزاع مستمر منذ عقود».
وتعارض الولايات المتحدة وإسرائيل المسعى الفلسطيني، وتجدانه أُحادياً، فيما أعلنت روسيا أنها ستدعم المبادرة الفلسطينية مهما كان شكلها، داعية إلى استئناف المفاوضات لاحقاً بين الطرفين. غير أن المصدر الأميركي شدد على أن واشنطن وموسكو «تتقاسمان الهدف الأساسي نفسه، وهو أن تؤدي اللجنة الرباعية دوراً إيجابياً في الجهود العامة». ورفض المسؤول إطلاق أي تكهنات بشأن احتمال أن يمضي الفلسطينيون حتى النهاية في مبادرتهم يوم الجمعة المقبل، وقال: «ثمة العديد من العناصر والأطراف» في المسألة.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الاتحاد الأوروبي لم يكشف موقفه من طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة لممارسة أكبر قدر من الضغط لاستئناف المفاوضات. وقال، في بيان: «لم نكشف مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي موقفنا من طريقة التصويت على قرار قد يرفع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لممارسة أكبر قدر من الضغط على الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات». وأضاف: «إنه السبيل الوحيد مستقبلاً»، مشيراً إلى أنه «لا ينصح الفلسطينيين برفع رسالة ليدرسها مجلس الأمن؛ لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى مواجهة وستصطدم بفيتو أميركي».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية، على لسان المتحدث باسمها هونغ لي آن، إنها تتفهم وتؤيد طموحات الفلسطينيين في السعي إلى الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وقال هونغ لي: «نعتقد أن إقامة دولة حق مشروع للشعب الفلسطيني لا يمكن إنكاره، وهو الأساس والشرط المسبق للتعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل». وأضاف: «في ما يتعلق بقيام الفلسطينيين على نحو مستقل بإقامة دولة وتقديم طلب إلى الأمم المتحدة، فإننا نعبّر عن تفهمنا واحترامنا وتأييدنا». لكنه أشار إلى أنه «في الوقت نفسه نعتقد أنه يجب على المجتمع الدولي أن يصعد الجهود لضمان العودة المبكرة للمحادثات بين الفلسطينيين وإسرائيل».
في المقابل، قال أمين سر الحكومة الإسرائيلية، زفي هوسر، لإذاعة الجيش إن الفلسطينيين لا يحظون بغالبية في مجلس الأمن الدولي لإقامة دولة. وأشار إلى أن «قيام دولة يكون في مجلس الأمن، لا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الفلسطينيين لا يحظون بغالبية في مجلس الأمن الدولي، لذلك لن يكون هناك دولة فلسطينية». وأضاف أن «الفلسطينيين سيغيرون موقفهم عندما سيدركون أن مبادرتهم الأحادية الجانب لن تؤدي إلى شيء، وأنهم يتجهون مباشرة إلى الطريق المسدود».
وقد أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بنيته تسليمه الجمعة طلب انضمام دولة فلسطين، لكي يطرحه على مجلس الأمن الدولي. وهو يقوم بهذه المبادرة بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية «الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».
كذلك، طلب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، من واشنطن إعادة النظر في موقفها. وقال: «لا نعرف حتى الآن كيف ستتصرف الولايات المتحدة، ونأمل أن تغير الولايات المتحدة موقفها، وأن تحذو حذو غالبية الدول التي ترغب في دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة». وأضاف: «من الضروري أن نحصل على تسعة أصوات على الأقل لإقرار طلبنا في مجلس الأمن. وأعتقد أننا سنصل إلى ذلك؛ لأن كل جهودنا التي بذلت في السابق لن تنتهي هنا، بسبب عدم توفير تسعة أصوات».
على المستوى الميداني وتفاعل الشارع مع الاستحقاق الفلسطيني، نظم حزب «فدا» الفلسطيني تظاهرة أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة تأييداً للدولة. ونظمت هذه التظاهرة من دون أي تدخل من شرطة الحكومة المقالة بقيادة «حماس»، رغم أن الأخيرة كانت قد أعلنت في بيان اتفاقها مع حركة «فتح» على عدم تنظيم أي تظاهرات مؤيدة أو معارضة لمسعى الرئيس عباس في القطاع.
وفي الضفة الغربية، أعلن منسق الحملة الوطنية لتأييد التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة أحمد عساف، أن مسيرات مركزية ستنطلق اليوم في مختلف المدن الفلسطينية. وقال إن انطلاق هذه المسيرات سيتزامن مع بدء أعمال دورة الأمم المتحدة، وأنها ستشمل إضافة إلى المدن الفلسطينية، عدة مدن عربية وأوروبية. وشارك أمس أكثر من مئة طفل فلسطيني في مسيرة نحو مقر مكتب الأمم المتحدة في رام الله، حيث سلموا ممثلاً عن المكتب رسالة يؤكدون فيها حقهم بأن يكون لهم دولة معترف بها في الأمم المتحدة. فيما أنهت مجموعة من الفلسطينيين بادرت إلى صناعة كرسي يحاكي مقعد الدولة في الأمم المتحدة تحت اسم «فلسطين تستحق»، حملتها بعدما طافت تسع دول عربية وأوروبية، وهي تحمل المقعد قبل أن تسلمه إلى مسؤولين في الأمم المتحدة في نيويورك.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)