ينتقل الملف السوري، ابتداءً من اليوم، وطوال الأيام المقبلة، إلى صدارة جدول أعمال لقاءات حكام العالم وكلماتهم في الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. وقد يكون أبرز ما سيقال عن هذا الملف هو ما سيدور في لقاءات الرئيس الأميركي باراك أوباما مع المسؤولين الذين سيلتقيهم في نيويورك على هامش الاجتماعات، وخصوصاً مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان. وفيما تؤكّد مصادر المعارضة انتقال جزء من الحراك الشعبي الاحتجاجي إلى داخل صفوف المدارس السورية، التي انطلق عامها الدراسي قبل يومين، استمرّت روسيا بدعم حليفها السوري، وسط مزيد من التوتير بين دمشق والجامعة العربية والمؤسسات المتفرعة عنها، البرلمان العربي خصوصاً.وكشف نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس أن أوباما وأردوغان سيبحثان الأزمة السياسية في سوريا، خلال محادثات تجري بينهما اليوم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف المسؤول الأميركي: «أتوقع كذلك أن يتحدث الزعيمان عن الأحداث في سوريا؛ إذ لدينا نحن والأتراك مخاوف مشتركة بشأن سلوك الحكومة السورية». وفي السياق، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي أن «لقاءً طويلاً» سيجمع أردوغان وأوباما في نيويورك، مشيراً، في مقابلة مع قناة «سي أن أن التركية»، إلى أنّ طلب اللقاء جاء من أوباما، وذلك لبحث عدد من المسائل التي تتصدر أجندة البلدين. أما وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، فواصل تصعيده ضد حكام دمشق الذين اتهمهم بارتكاب «جرائم بحق الإنسانية»، لافتاً إلى أن صمت مجلس الأمن الدولي إزاء هذه الجرائم «غير مقبول»، وذلك خلال كلمة له أمام مجلس العلاقات الخارجية لمركز الأبحاث الأميركي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما أعضاء وفد المجلس الاتحادي الروسي، الذين يزورون سوريا برئاسة نائب رئيس المجلس الياس أوماخانوف، فقد أوضحوا أن ما شاهدوه ولمسوه ميدانياً خلال الأيام الثلاثة التي مضت على وجودهم في سوريا واللقاءات والجولات التي قاموا بها «تؤكد أن الواقع مغاير تماماً لما تنشره وسائل الإعلام الغربية عن الوضع»، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا» عنهم.
على صعيد الأزمة المتصاعدة بين سوريا والجامعة العربية، نقلت «وكالة أنباء موسكو» الرسمية عن مصدر دبلوماسي مصري أن الاجتماعات التحضيرية للبرلمان العربي شهدت مطالب بتجميد عضوية سوريا في البرلمان العربي، ونقل مقره من دمشق إلى القاهرة، إلى جانب مطالبات رئيس البرلمان بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. وأكد المصدر الدبلوماسي، بحسب الوكالة، أن الاتصالات بين الأمانة العامة للجامعة العربية ودمشق توقفت نتيجة مذكرة الاحتجاج التي تقدمت بها الحكومة السورية ضد الأمين العام نبيل العربي بسبب لقائه معارضين سوريين. وفي السياق، ردّ مصدر دبلوماسي آخر على مذكرة الاحتجاج السورية ضد العربي، جازماً بأن من حق دمشق وأي دولة الاعتراض على عمل الأمين العام للجامعة «لكن لا يحق لها أن تقول له ما الذي يمكنه فعله وما لا يمكنه».
وفي الحراك السياسي الداخلي، كشفت صحيفة «البعث» الحكومية أن مؤسسي «تيار الطريق الثالث» الذين أعلنوا ولادة تنظيمهم قبل يومين بهدف «تعزيز جهود المصالحة والحوار ووقف نزف الدم»، ألّفوا مكتباً تنفيذياً لتيارهم، وذلك خلال لقاء عقدوه في دروشا قرب دمشق. وتنص المبادرة، مثلما ورد في وثيقتها الأساسية، على «إعادة بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ومحاسبة المسؤولين عن إطلاق النار على المتظاهرين وعلى الجيش، وتنص أيضاً على البدء فوراً بإجراء التعديلات الدستورية التي توفر الحياة السياسية الطبيعية في سوريا على أساس المساواة والحرية والكرامة». ورفضت المبادرة دعوات التدخل الخارجي، وكذلك «أي شكل من الاحتجاج المسلح وكل أشكال التجييش والتحريض الطائفي»، وطالبت بمحاسبة المسلحين. وبحسب «البعث»، من المقرر أن يسعى التيار إلى تأليف «مجلس حكماء» يدعو إلى حوارات ومصالحات. وشارك في صيغة بيان المبادرة كل من النائب السابق محمد حبش، والدكتور طيب تيزيني، والنواب عبد العزيز معقالي وعبد الكريم السيد وعدنان دخاخني والشيخ حسن كفتارو والشيخ مظهر جركش والكاتب علي محفوظ وحسين عماش وزياد رهونجي ومحمد المكمل والإعلامي داوود أبو شقرا وآخرون.
ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض بأن 5 أشخاص قُتلوا أمس خلال عمليات عسكرية وأمنية في تجمع قرى الحولة بمحافظة حمص. وقال المرصد في بياناته إن «سيدة وثلاثة شبان وعسكرياً كانوا بين الشهداء الخمسة الذين سقطوا في تجمع قرى الحولة». وتابع قائلاً إن «شاباً يبلغ من العمر 26 عاماً استُشهد في قريبة سقبا بريف دمشق متأثراً بجراح أُصيب بها خلال تشييع شهيد في بلدة عربين، فيما تظاهر طلاب في ثلاث مدارس في حي برزة بدمشق لمدة 15 دقيقة قبل قيام قوات الأمن باقتحام المدارس واعتقال عدد منهم وضربهم بشدة». وعن هذا الموضوع، نقلت فضائية «الجزيرة» عن مصادرها تأكيدهم مقتل 5 تلامذة مدارس في حمص على أيدي القوى الأمنية.
وقد أورد «مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة» حصيلة جديدة لأعداد ضحايا العنف في سوريا، وصلت إلى 2700، وهو ما يعني زيادة 100 قتيل على حصيلة الأسبوع الماضي. وكان ناشطون معارضون قد أشاروا إلى أن قوات الأمن السورية انتشرت بأعداد كبيرة في داعل في محافظة درعا، بينما جرت تظاهرات ليلية في عدد من المدن، بينها حي الإنشاءات والخالدية، حيث تعرض المتظاهرون لإطلاق نار كثيف، والغوطة وشارع الحمرا وحي البياضة وبابا عمرو والقصير وتلبيسة.
وطمأن المحامي خليل معتوق إلى أن المعارض جورج صبرا، الذي اعتقل في تموز في منزله، أُفرج عنه أمس في قطنا بريف دمشق بعدما أمضى نحو شهرين في قبو أحد أجهزة الاستخبارات.
في المقابل، قالت «سانا» إن 4 من عناصر قوات حفظ النظام قُتلوا وجرح 18 آخرون «في كمين مسلح نصبته لهم مجموعة إرهابية مسلحة مساء الأحد أثناء عودتهم إلى وحدتهم بالقرب من مفرق الضاهرية بحماه».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)