رام الله | في هذا الوقت يفترض أن تكون طائرة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والوفد المرافق له قد حطت في نيويورك، ليبدأ بعدها العدّ العكسي لتقديم طلب انضمان الدولة الفلسطينية الى الأمم المتحدة، ويبدأ المستوطنون مسيرات ضدّ إعلان دولة فلسطين وفق خطة «للسيطرة على الأراضي الفلسطينية».وكان عباس قد غادر من عمان، أمس، متوجهاً الى نيويورك. وعلمت «الأخبار» بأنّ الوفد الذي غادر برفقته ضم كلاً من صائب عريقات وأحمد الطيبي ومحمد أشتية وقيس عبد الكريم أبو ليلي وياسر عبد ربه ومستشاره السياسي مجدي الخالدي، ومستشاره الإعلامي نبيل أبو ردينة، إلى جانب الطواقم الفنية التي تعمل في السفارة الفلسطينية بواشنطن، وفي مكتب موفد فلسطين للأمم المتحدة في نيويورك.
من جهته، أوضح عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» نبيل شعث أن الورقة التي جلبها المبعوثان الأميركيان دنيس روس وديفيد هيل للرئيس عباس، حسمت قرار القيادة الفلسطينية بالتوجه إلى مجلس الأمن لا الجمعية العمومية، إذ أظهرت هذه الورقة قبول أميركا للواقع الموجود على الأرض من بناء المستوطنات، وعدم التطرق إلى الاستيطان.
فلسطينياً، تواصل السجال الذي يعكس الخلاف على المسعى الفلسطيني بين حركتي «حماس» و«فتح»، إذ دعت الأخيرة الأولى إلى دعم خطة الرئيس الفلسطيني، وطالبتها بالتخلص من نزعتها الانفرادية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، بحسب ما جاء على لسان المتحدث أحمد عساف، الذي أكد أن الخطة تعبر «عن إرادة الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات».
لكن حركة «حماس» أصرت على اعتبار الخطوة مغامرة سياسية. وقال رئيس الحكومة المقالة في غزة، اسماعيل هنية، إن «خطوة عباس مغامرة سياسية لا تعبّر عن إرادة فلسطينية عربية»، مشدّداً على أنه «لا تفويض لأي قيادة تريد أن تعبث بالحق الفلسطيني، وأي شخص يقدم تنازلات»، فيما طالب القيادي الحمساوي خليل الحية «بالتوجه بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني (فلسطين التاريخية)، والتأكيد على حق الفلسطينيين كافة بالعيش في حدود هذه الدولة».
وفي نيويورك، يقوم ممثلو الأطراف المشاركة في اللجنة الرباعية الدولية بمحاولة اللحظة الأخيرة لاستئناف التفاوض الإسرائيلي الفلسطيني، ومنع التوجه الفلسطيني في الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفق ما أكّدت مصادر «الأخبار».
وعلى الجانب الأميركي، تسعى الإدارة إلى الخروج من هذا الحدث بأقل الخسائر بالنسبة إليها، مع إصرار القيادة الفلسطينية على التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. وقالت المصادر نفسها إن واشنطن قلقة جداً من استخدام الفيتو في هذه المرحلة بالذات، بعد نجاح الثورات العربية، والربيع الذي يعبر المنطقة، ومع التوتر القائم في العلاقات التركية المصرية الإسرائيلية.
وذكر موقع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن مندوبة الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية، سوزان رايس، بدأت منذ السبت الماضي بذل جهود للخروج بأقل الخسائر على الجانب الأميركي. وهذه الجهود مبنية على أساس تغيير آراء أعضاء مجلس الأمن الحالي، بحيث لا تجد الولايات المتحدة نفسها مجبرة على استخدام حق النقض. وما تحاول أميركا فعله هو عدم حصول الطلب الفلسطيني على دعم 9 أعضاء في مجلس الأمن أثناء التصويت، لأنها بذلك ستخرج من المأزق ولن تكون مضطرة إلى استخدام «الفيتو»، الذي تعده بمثابة بداية أزمة دبلوماسية كبيرة كما أعلنت فرنسا سابقاً.
على المستوى الميداني، كشف موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ المستوطنين سينظمون تظاهرات يوم غدٍ على مشارف المدن الفلسطينية، وأنهم لن يتردّدوا في إطلاق الرصاص على الفلسطينيين إذا حاولوا اعتراض طريقهم أو الاقتراب من المستوطنات.
وقالت الصحيفة إن المستوطنين سينظّمون مسيرة تحت اسم «السيطرة» على الأرض الفلسطينية، والوصول إلى مكاتب الارتباط التابعة لجيش الاحتلال، كما سينظمون مسيرة مماثلة في تل أبيب، فيما سيتوجّه نشطاء اليمين المتطرف إلى المدن الفلسطينية من أجل نقل الصراع داخل مناطق السلطة الفلسطينية.
وبحسب الصحيفة، فإن قادة المستوطنين سينظمون المسيرات في ثلاث مناطق، من «بيت أيل» (قرب رام الله ) إلى مكتب الارتباط والتنسيق القريب، ومن «كريات أربع» إلى «هار منوح» ( بالخليل)، وسيوزّعون الأعلام الإسرائيلية ويرفعونها على مركباتهم. وأوضح أحد ضباط الأمن في المستوطنات أن «الأوامر العسكرية غير واضحة، وإذا حاول الفلسطينيون الوصول إلى المستوطنات، فلن نتردد في إطلاق الرصاص الحي باتجاههم».
بدوره، قال مئير برتل من قادة المتطرفين المسمين «شبان التلال» «على إسرائيل ضم الكتل الاستيطانية إليها رداً على قرار التوجه إلى الأمم المتحدة، وسننظم المسيرات لنوضح للعالم أن هذه الأرض هي أرض «لشعب إسرائيل». فيما أعلن جيش الاحتلال حالة الطوارئ، وضاعف قواته في الضفة الغربية على أن تتمركز في مناطق الاحتكاك.