فيما كان أعضاء المجلس الوطني الانتقالي الليبي مجتمعين في بنغازي، أمس، للتشاور بشأن تأليف الحكومة الانتقالية الجديدة، تواصلت المعارك بين الثوار وكتائب العقيد معمر القذافي بهدف تحرير آخر معاقل السلطة السابقة في سرت وسبها وبني وليد. وأعلن متحدث باسم المجلس الانتقالي أن القوات المناهضة للقذافي سيطرت، أول من أمس، على بلدة براك، بينما كانت تتقدم نحو بلدة سبها وهي من معاقل القذافي على بعد 750 كيلومتراً جنوبي طرابلس.وفي سرت، مسقط رأس القذافي (360 كيلومتراً شرق طرابلس) حققت قوات الثوار تقدماً في المدينة أول من أمس، لكنها اضطرت الى التراجع ليلاً تحت نيران قوات القذافي، من دون التمكن من تأمين المواقع المتقدمة التي كسبتها.
وقُتل ما لا يقل عن 24 شخصاً وجرح أربعون في صفوف الثوار في قصف قوات القذافي، التي استعملت الصواريخ والمدفعية الثقيلة والقناصة المتربصين للدفاع عن معاقلها حيث الوضع متقلب. ومن بين الجرحى أصيب الزميل محمد بلوط، مراسل قناة الـ بي بي سي العربية، برصاصة بالكتف ووصلت إلى الصدر، ما استدعى نقله إلى طرابلس، حيث ينتظر أن تصل طائرة طبية فرنسية لإجلائه إلى باريس اليوم لاستئصال الرصاصة.
وفي واحة بني وليد (170 كيلومتراً جنوب شرق طرابلس) دارت معارك عنيفة أول من أمس بعد هجوم مضاد شنته قوات القذافي أدى إلى سقوط قتيل وعدة جرحى في صفوف الثوار. ورغم المعارك الضارية، أعلن المتحدث العسكري باسم المجلس الانتقالي أحمد باني، أن السيطرة على سرت وبني وليد لا تعدو كونها مسألة «بضعة أيام». وأنه يكفي إعلان سقوط هاتين المدينتين للتغلب على مقاومة «المرتزقة» في سبها، آخر معاقل القذافي (750 كيلومتراً جنوب طرابلس).
تأتي هذه التطورات قبل أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التي سيشارك فيها مصطفى عبد الجليل، بعد منح المجلس الانتقالي مقعد ليبيا في المنظمة الدولية، كما أنه سيلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما غداً.
في المقابل، قال المتحدث باسم القذافي موسى إبراهيم، إن الزعيم المخلوع ما زال موجوداً في ليبيا، وإنه يقود المقاومة. واتهم حلف شمال الأطلسي بقتل 354 شخصاً خلال غارات جوية على مدينة سرت مساء الجمعة الماضي، وهو اتهام لم يتسن لوكالة «رويترز» التحقق منه من مصدر مستقل، لكنّ متحدثاً باسم الحلف قال في نابولي إن مثل تلك التقارير في الماضي ثبت كذبها.
وفي بنغازي، ذكر مصدر من المجلس الانتقالي أن اجتماعاً عقد بين رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل ورئيس اللجنة التنفيذية محمود جبريل وأعضاء المجلس الآخرين للتشاور في تأليف حكومة ليبيا الجديدة الانتقالية. وتوقع أن يظل محمود جبريل في منصبه بمثابة رئيس وزراء مكلفاً الشؤون الخارجية، وعلي ترهوني المكلف حالياً المالية والنفط، نائب رئيس الحكومة مكلفاً المالية والاقتصاد، بينما يعين أسامة الجويلي وزيراً للدفاع، وعبد الرحمن بن يزا وزيراً للنفط، لكن تأليف الحكومة تأجل، حسب ما أعلن جبريل امس.
وكانت قنوات ليبية محلية خاصة قد أشارت الى أن إعلان الحكومة الانتقالية «سيجري الأحد (أمس) وأنها ستضم 30 عضواً من مختلف مناطق ليبيا». وأضافت «ليبيا الحرة» إن الحكومة الجديدة «ستضم نساءً». وقد أعلن المجلس الانتقالي المنبثق عن الثورة التي أطاحت معمر القذافي، الذي أقرته الأمم المتحدة ممثلاً للشعب الليبي في الثاني من ايلول، أنه ينوي قيادة البلاد طيلة ثمانية أشهر حتى انتخاب جمعية تأسيسية وانتخابات عامة في مهلة لا تتجاوز سنة.
لكن موفد الأمم المتحدة، يان مارتن، أكد أن مهلة الأشهر الثمانية لن تبدأ إلا عندما تعلن السلطات الجديدة، التي أنها تسيطر حالياً على 90 في المئة من الأراضي، «تحرير» البلاد تماماً.
من ناحية ثانية، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان لها أن إيران أصبحت تعد المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا «ممثلاً سياسياً» لهذا البلد، وصوتت ليحتل المجلس مقعد ليبيا في الأمم المتحدة، وأرسلت سفيرها الى طرابلس ليبدأ مهماته هذا الأسبوع.
في غضون ذلك، استقبل العشرات في مطار معيتيقة العسكري في طرابلس أمس الطيارين الليبيين عبد الله صالحين وعلي الرابطي، اللذين عادا الى بلادهما بعد سبعة أشهر من وجودهما في مالطا التي فرا اليها بطائرتيهما بعدما رفضا قصف مناطق متمردة في بداية الثورة.
الى ذلك، اتهم قائد ميداني في «جيش تحرير ليبيا» عناصر من حركة العدل والمساواة السودانية باستخدام غاز الخردل ضد الثوار الليبيين خلال اقتحامهم مدينة زلة الليبية. ونقلت صحيفة «قورينا الجديدة»، أمس، عن القائد الذي لم تذكر اسمه، قوله إن 30 حالة إغماء سجّلت بين صفوف الثوار خلال الالشتباكات العنيفة التي جرت بينهم وبين كتائب القذافي لتحرير مدينة زلة 750 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة طرابلس.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)