موسكو تتخوّف من «المنظمات الإرهابيّة» إذا سقط النظام

تزامن اعتراف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارِض بمقتل 3 من «الشبيحة» في حمص، مع دخول موجة تظاهرات سوريا شهرها السادس اليوم، على وقع بقاء خريطة المواقف الدولية الداعمة والمعارضة للنظام على حالها
تدخل سوريا، اليوم، شهرها السادس من حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد، مع شنّ قوى الأمن عمليات واسعة النطاق في عدد من قرى جبل الزاوية في شمال غرب سوريا، وكشْف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض عن مقتل 3 عناصر مما يعرف بـ«الشبيحة» في حمص، وعودة السفير الأميركي إلى الساحة، من خلال زيارته عائلة الشاب غياث مطر (26 عاماً) الذي قتل تحت التعذيب قبل أيام.

أما سياسياً، فكان الأبرز استمرار رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان حملته على نظام الأسد، وهو ما استدعى رداً من السفير السوري لدى لبنان، وسط اعتراف المستشارة الرئاسية السورية بأن موسكو لم تعرض تأدية دور وسيط بين المعارضة والنظام الذي رفض ما خلص إليه وزراء الخارجية العرب أول من أمس حيال سوريا.
وكتب الناشطون على صفحة «الثورة السورية» على موقع «فايسبوك»: «ها نحن اليوم، وبعد مضي أكثر من ستة أشهر على ولادة ثورتنا المباركة، نزداد يوماً تلو آخر ثقة بقرب النصر ودنو الفرج؛ لأننا صنعنا المستحيل الأول وكان 15 آذار». وأكد «المرصد السوري» أن قوات عسكرية وأمنية سورية كبيرة «تنفذ منذ صباح اليوم (الأربعاء) عمليات واسعة في قرى جبل الزاوية تستخدم فيها الرشاشات الثقيلة في قصف بعض المنازل والأراضي الزراعية والأحراج، مع دخول قرى أبلين وبليون ومرعيان واحسم والرامي حيث قطعت القوات الأمنية الطرقات وأقامت حواجز أمنية وأجرت عمليات اعتقال». أما في مدينة حمص، فقد أوضح «المرصد» أن القوات الأمنية تقوم بحملة دهم واعتقالات في قرية البرج بمنطقة الحولة، وذلك «إثر مقتل ثلاثة من الشبيحة برصاص مجهولين فجراً قرب القرية». في المقابل، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» مقتل سائق حافلة بالرصاص في حماه نتيجة «كمين نفّذته مجموعة إرهابية مسلحة»، إضافة إلى «مقتل خمسة عسكريين وعنصر أمني برصاص المجموعات الإرهابية».
في غضون ذلك، أفاد ناشطون لوكالة «فرانس برس» بأن سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك واليابان في سوريا وصلوا مساء الثلاثاء إلى بلدة داريا بريف دمشق لتعزية عائلة الناشط غياث مطر الذي قتل خلال اعتقاله لشدة التعذيب. وأشاروا إلى أن قوات الأمن «هاجمت مجلس العزاء فور مغادرة السفراء»، مؤكدين أن «هجوم الأمن على العزاء تخلّله إطلاق غاز مسيل للدموع وعيارات نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين بعد مغادرة السفراء». واعترفت السفارة الأميركية في دمشق بحصول زيارة السفير روبرت فورد وزملائه، لتكون تلك الحادثة رابع زيارة يقوم السفير الأميركي إلى مدن سورية تشهد تظاهرات معارضة، بعد حماه وإدلب ودرعا، رغم القيود التي تفرضها الحكومة السورية على التنقل، فيما نال تعيينه لدى دمشق موافقة إحدى لجان الكونغرس ليل أول من أمس. وبرر فورد مخالفته لهذه القيود بالتأكيد، في مقابلة مع وكالة «رويترز» أن «السفير رمز بارز جداً للمصالح الأميركية، وأنا رمز بارز جداً للشعب الأميركي، لذا فليس بوسعي الاختباء خلف الأبواب المغلقة».
في هذه الأثناء، جدد أردوغان موقفه الذي يفيد بأن الشعب السوري «لم يعد يصدق الرئيس بشار الأسد لأنه لم ينفذ الإصلاحات». وقال في القاهرة إنّ «الإصلاحات لم تتحقق ولم يتكلموا بصدق. لا يمكن أن نصدق هذا. والشعب السوري لا يصدق الأسد ولا أنا أصدقه. نحن أيضاً لا نصدقه». كلام جاء تتمةً لتحذير أردوغان من اندلاع حرب أهلية مذهبية في سوريا، وهو ما رفضه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي. وقال علي، رداً على سؤال عن مخاوف أردوغان من حرب سنية ـــــ علوية، إن «بعض الأصوات العالية التي تخرج بين فترة وأخرى هي لقلب الحقائق والتخويف»، مشيراً الى أن ذلك تعبير عن «واقع متوهم وعن إحباط وعن فشل رهانات كانوا ينظرون فيها إلى سوريا»، مطمئناً إلى أن حصانة سوريا «تتسع وتقوى، وأصدقاؤها أيضاً مطمئنون إلى نجاح الخطوات السورية التي يقوم بها الرئيس الأسد».
أما الحليف الروسي القوي لدمشق، فقد حذر، ممثلاً برئيس «إدارة التحديات والتهديدات الجديدة» في وزارة الخارجية الروسية، من أن «منظمات إرهابية» قد تعزز وجودها في سوريا إذا ما سقط نظام الأسد. ونقلت وكالة إنترفاكس عن إيليا روغاتشيوف قوله: «إذا لم تتمكن الحكومة السورية من الاحتفاظ بالسلطة، فهناك احتمال كبير لأن يترسخ وجود متشددين وممثلين لمنظمات إرهابية»، لافتاً إلى أن «التدخل العسكري الغربي يهدد بخلق بؤر جديدة للأنشطة المتطرفة في منطقة تضررت بالفعل من الحرب في العراق». أما شعبان التي زارت موسكو في الأيام الماضية، فقد نفت أن تكون قد سمعت من أي مسؤول روسي أي عرض لقيام روسيا بوساطة لحل الأزمة في سوريا، معربةً عن ترحيبها بأي طرف روسي يزور بلادها. وقالت شعبان لقناة «روسيا اليوم»: «لمستُ من الموقف الروسي كل تفهم لما يجري في سوريا ولحقيقة ما يجري بعيداً عن التشويه والترويج الإعلامي والاستهداف الذي تقوم به الكثير من الفضائيات والأطراف الغربية أيضاً، ولم يتحدث معي أحد بشأن وساطة أبداً، هذا موضوع جديد لم أسمع به». وكان نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي إلياس أوماخانوف، قد كشف أن الزيارة المقررة لوفده إلى سوريا تهدف «في حال الضرورة إلى القيام بدور الوساطة لتنظيم الحوار الداخلي».
على صعيد آخر، تحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال استقباله نائب وزير الخارجية الفنزويلي تيمير بوراس، عن «خلفية وأبعاد ما تتعرض له سوريا من حملة شرسة مرتبطة بمخططات خارجية وتصدي سورية لهذه الحملة من خلال وعي شعبها ووحدته الوطنية ودعمه للإصلاحات الشاملة»، على حد تعبير «سانا».
أما داخلياً، فقد تواصلت «جلسات الحوار الوطني في المحافظات والجامعات» في يومها الرابع، «بمشاركة واسعة من الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية وممثلي الأحزاب السياسية والنقابات والمؤسسات الأهلية» بحسب إعلام النظام السوري.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)