القاهرة ــ الأخبار خيّم الوضع السوري على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس، إذ خرج اللقاء، بعد مناقشات حادة، ببيان يدعو سوريا إلى «وقف إراقة الدماء»، الذي ربطه بإرسال وفد عربي إلى دمشق. ولم يغب الوضع الفلسطيني عن الاجتماع، إذ كرر العرب تأييديهم لمسعى السلطة بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأكد وزراء الخارجية العرب، في بيان في ختام اجتماعهم أمس، أنه «جرى التداول في مختلف الأبعاد المتصلة بالأزمة في سوريا وسبل مساهمة الجامعة العربية في معالجتها بما يضمن تطلعات الشعب السوري وضمان أمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها ومنع التدخلات الخارجية». وأضاف أن مجلس وزراء العرب خلص إلى «التعبير مجدداً عن بالغ قلقه من استمرار أعمال العنف وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المواطنين».
وأكد الوزراء أن «الموقف الراهن في سوريا لا يزال في غاية الخطورة، ولا بد من إحداث تغيير فوري يؤدي إلى وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل، الأمر الذي يتطلب من القيادة السورية اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما وافقت عليه من نقاط أثناء زيارة الأمين العام، وخاصة ما يتعلق بوقف أعمال العنف بكافة أشكاله وإزالة أي مظاهر مسلحة والعمل على تنفيذ ما جرى إقراره من إصلاحات». وأوضح البيان أنه سيجري «إيفاد وفد رفيع المستوى من الأمانة العامة للجامعة العربية للقيام بالمهمة الموكلة إليه بهدف وقف إطلاق النار وكافة أعمال العنف».
إلا أن الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، قال في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، إن الرئيس السوري بشار الأسد «وافق على إيفاد وفد من الجامعة العربية، ولكن المجلس (الوزاري للجامعة) ارتأى أن يوقف إطلاق النار قبل أن يذهب الوفد».
بدوره، قال بن جاسم الذي ترأست بلاده الدورة الحالية للمجلس الوزاري، إن «آلة القتل يجب أن تتوقف في سوريا». وأكد أن «الجيش لا بد أن ينسحب من المدن». وأضاف «لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة»، لذلك «قررنا أنه لا بد من وقف إطلاق النار قبل إيفاد وفد من الجامعة العربية إلى سوريا».
البيان الذي تحفّظ عليه المندوبان السوري واللبناني، خرج إلى العلن بعد سلسلة من المناقشات التي لم تخل من الحديّة، وخصوصاً بين المندوب السوري يوسف أحمد ورئيس الوزراء القطري الذي ترأس الاجتماع، بعد تنازل الطرف الفلسطيني.
وذكرت مصادر من داخل الاجتماع لـ«الأخبار» أن الوفد السوري طلب من الجامعة، في بداية الاجتماع، «المساعدة على وقف عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود السورية، والوقوف إلى جانب سوريا ضد التدخلات الخارجية والعقوبات الانفرادية الموجهة ضدها، وعدم الانسياق وراء حملات التضليل الإعلامي التي تستهدف سوريا، والتحذير من المخططات الرامية إلى اندلاع فتنة طائفية».
وأشارت المصادر إلى سجالات بين المندوب السوري ورئيس الوزراء القطري، موضحة أنه «عندما طلب بن جاسم وقف إطلاق النار قبل إرسال موفد الأمانة العامة إلى سوريا، تحفّظ المندوب السوري قائلاً: دلّونا على مصادر إطلاق النار لنوقفها. نحن نسعى جاهدين لمنع إطلاق النار على العسكريين والمدنيين».
بالنسبة إلى البند الثاني من البيان الخاص بإجراء حوار بين السلطة والمعارضة، طالب المندوب السوري بتضمينه «إشراك كافة أطياف الشعب السوري، بما فيها المعارضة» في الحوار، لكن الطرف القطري رفض التعديلات التي كان ممثّلو لبنان والسودان والجزائر يؤيّدون سوريا فيها.
وأشارت المصادر إلى أنه في ختام المطالبات السورية التي لم تفض إلى نتيجة، قال المندوب السوري لوزير خارجية قطر: «ليست لديكم حسن نية. لو أن لديكم حسن نية لقبلتم بالتعديلات الطفيفة التي نطلبها. لكنكم تريدون أن تقولوا لنا بعد فترة إنكم يا سوريون لم توقفوا إهدار دماء المواطنين، ثم ستقولون لنا إن الجامعة العربية لم تعد معنية بما يجري»، فردّ القطري قائلاً: «هذه تهيّؤات وتخيّلات». فردّ السوري: «أرجو أن تكون كذلك».
ومن ناحية أخرى، طالب مجلس الجامعة في البيان الختامي، إيران بوقف حملاتها الإعلامية ضد بعض دول الخليج العربي، معبِّراً عن قلقه العميق من استمرار التصريحات الاستفزازية للمسؤولين ووسائل الإعلام الإيرانية تجاه عدد من دول مجلس التعاون الخليجي.