لا تزال تداعيات اقتحام المحتجين المصريين لمقر السفارة الإسرائيلية تؤرق مسؤولي الدولة العبرية، وسط تساؤلات عن المنحى النهائي الذي ستتخذه هذه العلاقات في ظل وجود استياء شعبي عارم من الإبقاء عليها، وشبه انقطاع في التواصل بين قيادتي البلدين.ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، كشفت الأزمة الأخيرة بين إسرائيل ومصر غياب قنوات اتصالات بين قيادتي الدولتين، الأمر الذي جعل إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة التدخل لدى القيادة المصرية لإخراج المتظاهرين من السفارة. وعلى الرغم من تأكيد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد حجازي أن «عودة الأمور إلى طبيعتها هدف الجانبين»، نقلت «هآرتس» عن مسؤولين رفيعي المستوى في وزارتي الدفاع والخارجية الإسرائيليتين قولهم إنه في السنوات الأخيرة، وعلى نحو أكبر منذ الثورة المصرية، تراجع عدد قنوات الاتصال بين الدولتين. وعملياً، بقيت هناك قناة اتصال واحدة فقط هي بين رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، وبين اثنين أو ثلاثة ضباط في المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يحكم البلاد حالياً.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن «جلعاد مسؤول عن العلاقة مع القيادة العسكرية المصرية ويقوم بعمل ممتاز، لكن في حال مغادرته منصبه غداً، لن يكون هناك أي مسؤول آخر لديه علاقات حميمة مع مصر، وقادر على التوصل إلى تفاهمات معهم. وهذا وضع ينطوي على إشكالية كبيرة».
وأوضحت الصحيفة أنه رغم وجود سفارة إسرائيلية كبيرة في القاهرة، إلا أن الاتصالات بين إسرائيل ومصر منذ توقيع اتفاقية السلام تجري عبر قنوات أمنية واستخبارية، وبرز خلال السنوات الأخيرة أن هذه العلاقات كانت تجري من خلال الرئيس المصري السابق حسني مبارك ومدير الاستخبارات عمر سليمان.
كذلك فإن العلاقات المحدودة التي كانت تقيمها وزارة الخارجية الإسرائيلية مع مصر تقلصت كثيراً في أعقاب الثورة المصرية. وخلال نصف العام الماضي لم يعقد سوى لقاء واحد بين المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية رافي باراك ومسؤول في وزارة الخارجية المصرية عند زيارة باراك لمصر، بينما بقية الاتصالات جرت من خلال السفارتين في القاهرة وتل أبيب.
أما الاتصالات بين مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقيادة المصرية الحالية فتكاد تكون معدومة. وأضافت الصحيفة أن قناة الاتصالات الأساسية لنتنياهو مع القيادة المصرية تجري بواسطة الموساد وأن نتنياهو يتحدث مرة كل بضعة أسابيع مع مدير الاستخبارات المصرية الجديد أو مع رئيس المجلس العسكري الأعلى حسين طنطاوي.
هذا الوضع الجديد، دفع أحد الضباط الإسرائيليين عند الحدود الإسرائيلية ـــــ المصرية إلى القول إن «الأجواء هنا أكثر توتراً من الحدود اللبنانية، ويوجد هنا حرص على تنفيذ التعليمات، ونحن نتحرك تحت حراسة ودروع دائمة ولا نخلع الخوذة رغم الحر». وأضاف: «يوجد تخوف كبير هنا من عمليات اختطاف»، فيما ذكرت تقارير صحافية أن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي تعرضت أول أمس لإطلاق النار من جهة سيناء بالقرب من موقع هجمات إيلات التي وقعت قبل شهر تقريباً، إلا أن القوة الإسرائيلية لم ترد بإطلاق النار.
وقدّر ضابط في قيادة الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي أن إطلاق النار على القوة العسكرية الإسرائيلية أمس غايته فحص مدى جهوزية القوات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن «القوة سمعت صوت إطلاق النار، وهناك تقارير متناقضة عن مشاهدة شخص يغادر المكان. ونحن لا نستبعد إمكان أن الحديث هو عن محاولة لفحص جهوزية القوات وشكل رد فعلها». وأضاف: «إن الإنذار بشأن نية مسلحين بتنفيذ هجوم ما زال قائماً».
(يو بي آي، رويترز)