تعز | مرت سبعة أشهر من عمر الثورة اليمنية، ولا يزال الشباب يرونها وليدة الأمس. من منظور شباب ساحات الحرية والتغيير، الثورات لا تشيب، وكذلك الإرادة. طيلة الأشهر السبعة الفائتة، راهن النظام اليمني، على «ملل» الناس، وخسر رهانه. المراوغة في الحوارات السياسية، والتملص من كل الاتفاقات التي كان يعد بها، أطالت في عمره الافتراضي، لكنها لم تطفئ عزيمة اليمنيين الذين خرجوا من أجل إسقاطه، ولم تفرغ الساحات من المعتصمين كما كان يأمل.وفي ساحة الحرية في محافظة تعز اليمنية، التي تعرضت لكثير من الصدمات المميتة، أبرزها «محرقة» طمست خيام الثائرين، يرى المحتجون أن الزمن لا يشكل مقياساً لفشل الثورة، بل هو فرصة للتفكير بالمزيد من الطرق السلمية لإسقاط ما بقي من النظام. فمن وجهة نظرهم، الثورة لم تنضب، ومماطلة النظام في الاستجابة لمطالبهم مناسبة لإبراز المزيد من المواهب، وإنتاج الأفكار التي تعرّيه داخلياً وخارجياً، ولذلك كان الإعلان عن تدشين فعالية سلمية من نوع مختلف عنوانها «رسالة الشعب اليمني إلى العالم والضمير الإنساني» لتكون أول عمل يهدف إلى إيصال الأصوات الرافضة لبقاء النظام المتهالك إلى شعوب العالم.
لا تحتوي الرسالة التي دشنها شباب تعز، على توقيعات، بل على «بصمات» براحة اليد، على قماش أبيض وذلك تعبيراً عن مشاركتهم في التمسك بسلمية الثورة وأهدافها. ويؤكد القائمون على الفعالية، وهم نشطاء في ساحة الحرية، أن الرسالة «هي أقوى عمل ثوري على الإطلاق منذ بداية الثورة». ويضيفون «الرسالة ستكون عبارة عن أكبر لوحة قماشية بيضاء، بطول 1500 متر، بدأت بمبادرة من شباب الثورة في ساحة الحرية بتعز، وتهدف إلى جمع ملايين البصمات في مختلف الساحات اليمنية كدليل على وفاة هذا النظام».
وتوضح الدكتورة ميرفت عبد العزيز «العالم لا يعلم بما يجري لنا، النظام نكّل بشعبه بمختلف وسائل القمع، والإعلام لا ينقل ربع الصورة الحقيقية لما يدور في المدن». وخلافاً لكل الفعاليات التي تدور في الساحات، تنبّه المحتجون اليمنيون إلى أن الرأي العام العالمي، لم يعط ما يدور في اليمن الاهتمام الكافي، على العكس من الثورات العربية في مصر وسوريا وليبيا.
ولذلك تهدف «رسالة الشعب اليمني»، الى تعريف العالم بـ«المعاناة» التي يعيشها، في ظل نظام فاسد وسياسات قمعية تمارس ضده، إضافةً إلى «كسر حاجز الصمت الدولي» تجاه ما يحدث من انتهاكات مستمرة، حتى الآن، بحق الشعب، وإيصال صوته، للعالم أجمع، والتأكيد على سلمية ثورته وصموده لتحقيق مطالبه.
من منظور اليمنيين، ما زالت لهجة المجتمع الدولي، تجاه نظام الرئيس صالح «ناعمة»، ولم يعامل كما عُومل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أو نظيره الليبي معمر القذافي، أو كما يعامل به حالياً الرئيس السوري، بشار الأسد. ويرون أنه حان الوقت لـ«اتخاذ مواقف جدية»، وتحمل مسؤولية إنسانية ودولية، من شأنها إيقاف المزيد من العنف والسياسات التجويعية، التي تمارس على الشعب اليمني، وعدم دعم الأنظمة التي ترهب مواطنيها، لمجرد مطالبتهم بحقوقهم وحرياتهم.
وتنص الرسالة، التي يقول منظموها إنهم سيسلّمونها إلى «مكتب الأمم المتحدة في صنعاء في مسيرة حاشدة، بعد أن تمر على مختلف ساحات الاعتصام في اليمن، على أن الحلم المنشود لليمنيين هو حلم كل أمة تسعى إلى الحرية والمساواة والعيش بكرامة.
وتخاطب الرسالة، التي كتبت بأربع لغات هي العربية والإنكليزية والفرنسية والألمانية، «كل ضمير حي في العالم»، قائلةً «لو كنا نعيش كباقي البشر لما تركنا بيوتنا وافترشنا الشارع، وواجهنا أداة القتل والفتك، لأننا آمنّا بعدالة قضيتنا ومطالبنا المشروعة وحقنا بنيل دولة مدنية حديثة كسائر الأمم».
رسالة الشعب اليمني إلى العالم تؤكد أيضاً أن «الحياة الكريمة» التي ينشدونها هي الحياة التي تُمكّن أطفالهم من أن يعيشوا بأمان وحرية، تجعلهم قادرين على بناء مستقبلهم بأيديهم، ليصنعوا مجدهم القادم لأوطانهم». وتقول الرسالة مخاطبة العالم أجمع «نحلم كما تحلمون، لكن الفرق أنكم تحيون لتحققوا أحلامكم، أما نحن فنموت مع أحلامنا». كذلك تؤكد أن الشعب اليمني «لن يتراجع عن حقه وما خرج لأجله»، وسيواصل النضال السلمي حتى تتحقق أهداف الثورة.
وفيما تنبه الرسالة الى «أن أي دعم من المجتمع الدولي للنظام اليمني المتهاوي، والوقوف معه، يمنحه الشرعية لارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية في حق أبناء الشعب اليمني»، تؤكد أن «تجاهلهم لمطالبهم»، هو تجاهل للمبادئ والقيم التي ينادون بها في ضمان الحقوق والحريات والعدالة والديموقراطية لشعوب العالم.