طغت التطورات والمواقف السياسية المتصلة بالشأن السوري على ما عداها من تطورات ميدانية على أهميتها، أمس، وخصوصاً بسبب زيارة الموفد الروسي إلى دمشق، وتسليم الرئيس بشار الأسد رسالة من نظيره الروسي ديمتري مدفيديف، مع تقدم دول الاتحاد الأوروبي خطوة إضافية إلى الأمام في ما يتعلق بالعقوبات النفطية على سوريا، وهو ما واكبته أنقرة بتسجيل موقف نقدي جديد إزاء القيادة السورية. أما ميدانياً، فقد تواصلت أنباء العنف والدماء مع دخول مدن حدودية جديدة مع لبنان حلبة «الحل الأمني»، إضافة إلى استمرار نزف الدماء في مدن أخرى أبرزها البوكمال الشرقية وأخرى في شمال غرب البلاد ومدن ريف دمشق.
وبعد لقائه الأسد، دعا مبعوث مدفيديف، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، جميع الأطراف في سوريا إلى ضرورة وقف أعمال العنف وقفاً كاملاً. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن بيان للرئاسة الروسية أن بوغدانوف دعا إلى ضرورة أن يوقف «كل طرف» أعمال العنف في سوريا «فوراً وبنحو كامل، واتخاذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ إصلاحات أعلنتها القيادة السورية». وشدّد على وجوب «ألا تتهرب المعارضة من المشاركة في الحوار الذي تقترحه السلطات؛ لأن هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة السلام الاجتماعي وضمان مضي سوريا قدماً على طريق الإصلاحات الديموقراطية». وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، تسلم الأسد من بوغدانوف رسالة خطية من نظيره الروسي تتعلق «بالعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ورؤية روسيا لتطورات الأوضاع في المنطقة، وخاصة الأحداث التي تشهدها سوريا». ونقلت «سانا» عن بوغدانوف إعرابه عن دعم بلاده «لنهج الإصلاحات التي تقوم بها سوريا في المجالين السياسي والاقتصادي وأملها في دوام الأمن والاستقرار وأهمية استمرار التنسيق بين البلدين على المستويات كافة». وأشارت الوكالة نفسها إلى أن الأسد أعرب للمبعوث الروسي عن «تقديره الكبير لموقف روسيا المتوازن إزاء التطورات في سوريا»، ولفت إلى أن «كل خطوة قطعتها سوريا في استصدار قوانين تؤسس لمرحلة سياسية جديدة كان يتبعها تصعيد للحملة الإقليمية والدولية على دور سوريا العربي والإقليمي». وكان المبعوث الروسي، الذي وصل إلى دمشق في ساعة متأخرة من مساء الأحد في زيارة تستمر يوماً واحداً، قد أوضح، بعد اجتماعه بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، أن موسكو «تعدّ سوريا من أهم الأصدقاء في المنطقة وتربطنا منذ عقود علاقات التعاون المثمر والصداقة والعواطف المتبادلة»، مطمئناً مضيفه إلى أن الموقف الروسي «لا يزال ثابتاً تجاه سوريا».
وفي بروكسل، توصل ممثلو دول الاتحاد الأوروبي إلى «اتفاق مبدئي» بشأن حظر استيراد النفط من سوريا، بحسب دبلوماسي أوروبي تحدث لوكالة «فرانس برس»، وكشف أن «هناك توافقاً سياسياً على فرض حظر أوروبي على استيراد منتجات النفط السوري». وأعرب دبلوماسي آخر عن توقعه أن تعطي حكومات الاتحاد الاوروبي موافقتها النهائية على فرض تلك العقوبات بنهاية الأسبوع الجاري.
أما في أنقرة، فقد حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من أن «ما من نظام يمكنه البقاء بالقوة والوحشية وقتل الأشخاص غير المسلحين في الشوارع». ونقلت شبكة الإذاعة والتلفزيون التركية عن أردوغان تعليقه، في خطاب موجه إلى الأمة تناول خصوصاً الأوضاع في سوريا وليبيا والصومال، قوله إن «الحل الوحيد هو بإخماد صوت الأسلحة مباشرة والاستماع إلى مطالب الشعب». وبحديثه عن سوريا، قال: «لقد رأينا نهاية الذين لم يختاروا هذا الطريق في تونس ومصر، والآن نحن نتابع بأسى ما تعيشه ليبيا». موقف أرفقته وزارة الخارجية التركية ببيان نصح الأتراك الذين يقصدون سوريا أو يعبرون الطرقات السورية باتجاه دول أخرى خلال عطلة عيد الفطر، بتوخي الحذر وإدراك الأخطار الأمنية، وذلك بعدما سبق لسائق تركي أن قُتل الأسبوع الماضي قرب منطقة دير الزور في سوريا.
وفي إطار متصل، نفت إيران اتهام الاتحاد الأوروبي لعناصر من قوات الحرس الثوري الإيراني بالتورّط في الأحداث الأخيرة بسوريا، وذلك في تعليق متأخر على فرض الاتحاد الأوروبي في 24 حزيران الماضي، عقوبات على 3 مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني بتهمة «تقديم التجهيزات والدعم لمساعدة النظام السوري في قمع التظاهرات في سوريا».
في غضون ذلك، كانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تنقل عن مسؤولين في الإدارة الأميركية تأكيدهم أنّ تدخل حلف الأطلسي في ليبيا عبر تنفيذ الهجمات الجوية لحماية المدنيين، «لا يمكن تطبيقه على نحو موحّد في نقاط ساخنة مثل سوريا».
ميدانياً، أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن بمقتل ستة أشخاص بينهم طفل وجرح العشرات من الجرحى والمعتقلين في حصيلة يوم أمس. وذكر عبد الرحمن أن 5 أشخاص قتلوا وأصيب ستون شخصاً واعتقل العشرات باقتحام الجيش لبلدة سرمين في ريف إدلب. في المقابل، جزم «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» بأن «شخصاً قتل في مدينة قارة (ريف دمشق)»، مع فرض القوات الأمنية حظر تجوال في المدينة للتمكن من إلقاء القبض على مطلوبين بحسب قوائم معدة سابقاً. ونالت بلدة هيت التي تقع على بعد كيلومترين من الحدود مع شمال لبنان نصيبها من الحملة الأمنية بحسب عبد الرحمن، مع اقتحام آليات الجيش لها وإطلاق نار كثيف سبّب «سقوط خمسة جرحى وإحراق منازل لناشطين مطلوبين»، وهو ما حصل، وفق مدير «المرصد السوري» نفسه، في قدسيا (ريف دمشق) وداعل (ريف درعا). يُذكَر أنّ المعارضين أبلغوا بمقتل 4 أشخاص في وقت متأخر من ليل أول من أمس في مدينة البوكمال قرب الحدود مع العراق، إضافة إلى 2 وجرح تسعة آخرين في مدينة خان شيخون (ريف إدلب) وشخص آخر في بلدة انخل القريبة من درعا. من جهتها، أفادت وكالة «سانا» باختطاف مجموعة مسلحة في مدينة حماه، المدعي العام للمحافظة، القاضي عدنان بكور وسائقه ومرافقه أثناء توجهه إلى عمله في العدلية على طريق كفرنبوذة ـــــ كرناز.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)