عمّان | اتجهت الحركة الإسلامية الأردنية، ممثلة بجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، نحو التصعيد عبر رفع سقف مطالبها الإصلاحية، واتخذت مواقف منفردة بعيداً عن حلفائها في المعارضة من قوميين ويساريين، وذلك نتيجة تسارع التطورات الإقليمية في ليبيا وسوريا، وصدور تحذيرات أميركية إلى النظام الأردني بضرورة الإصلاح قبل امتداد الاضطرابات من سوريا إلى ربوعه وتهديده بالسقوط. وبحسب موقع «ديبكا فايل» الإسرائيلي، حذّرت الإدارة الأميركية الملك عبد الله الثاني من التطورات المقبلة باتجاه المملكة، وذلك خلال زيارة الأخير لواشنطن، وقالت له إن من الأفضل البدء بإدخال إصلاحات سياسية من دون أي تأخير؛ لأن التمرد على عرشه يطرق بابه من سوريا المجاورة. وقال الموقع: «لقد سُلِّم الملك تقارير استخبارية في البنتاغون ومجلس الأمن الوطني، مفادها أن التهديد بعدم استقرار المملكة لا ينبع من مؤامرة متعمدة من نظام الأسد أو المعارضة السورية، بل هو نابع من امتداد الاضطرابات في سوريا».
وأشار التقرير إلى صلات القرابة القبلية والعائلية بين السوريين والأردنيين والدعم الذي تقدمه هذه العائلات والقبائل لأقارب في سوريا لمساعدتهم في انتفاضتهم على النظام السوري. وحذر الأميركيون الملك من أن هذه المجموعات «بدأت بتنظيم نفسها لتمرد مسلح». وحذروه كذلك من جماعة الإخوان المسلمين، التي قالوا إنها «بدأت بالصعود في العالم العربي بعد اختطاف جزئي للثورات في سوريا ومصر. وتتمتع جماعة الإخوان المسلمين بأذرع دينية وسياسية في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وفي سوريا، يوشكون على النجاح، ويعود ذلك جزئياً إلى المساعدة من الجانب الأردني. لذلك، فإنهم يمكن أن يقولوا، لماذا لا نساعد الإخوة الأردنيين مثلما ساعدونا؟».
وحثت واشنطن الملك على التحرك بسرعة لاتخاذ الخطوات التالية لاستباق اندلاع التمرد في مملكته، قائلة إنه «يتعين على الملك ألا ينتظر تظاهرات وأعمال شغب دموية لتنفجر ويجري تفريقها بالرصاص الحي، لكن ينبغي إدخال سلسلة من الإصلاحات السياسية قبل أن ترتفع الضجة في الشارع». ونصحته بنقل سلطاته؛ إذ «لا بد للملك أن ينتقل بالمملكة إلى حكومات منتخبة ديموقراطياً من طريق نظام متعدد الأحزاب، لا بالشكل الزائف الموجود الآن. وهذا يتطلب من الملك التنازل عن الكثير من صلاحياته». ودعا المسؤولون الأميركيون إلى إعادة رسم الدوائر الانتخابية بما يمنح الفلسطينيين المزيد من التمثيل في المجلس التشريعي وغيرها من المؤسسات السياسية الأردنية.
وهناك إشارات عديدة تظهر ارتفاع نبرة الخطاب الإسلامي في الأردن؛ ففي مهرجان مسائي نظمته حركة الإخوان المسلمين قرب ميدان جمال عبد الناصر، طالب رئيس الدائرة السياسية، عضو المكتب التنفيذي في الجماعة» الدكتور ارحيل غرايبة، بإعادة السلطات كلها للشعب؛ لأن الشعب هو مصدر تلك السلطات التي سلبت منه على مدى عقود، مشدّداً على أنه «لن نكون عبيداً أو أرقّاء في مزرعة أحد»، متسائلاً عن ماهية الدولة «وهل هي مزرعة لشخص، والشعب أرقاء عنده؟».
وأعلن غرايبة رفضه للتعديلات الدستورية، واصفاً إياها بأنها «تعديلات شكلية واجتزاء للمطالب الشعبية». وعلل رفضه بأن تلك التعديلات تجري «في ظل حكم الفرد الواحد، وأنها تصبح بالتالي أداة من أدوات السلطة يعيّنها ويقيلها شخص واحد». ولفت إلى أن معركة الوعي بدأت تهزّ أركان الطغاة «ونريدها ثورة سلمية بعيدة عن العنف، ومبنية على الوعي». وتطرق إلى الوضع في سوريا، قائلاً: «كلما زاد مستوى الدم وعدد الشهداء، فإن ذلك لا يبعث على اليأس، بل على الأمل ببزوغ فجر جديد».
ارتفاع سقف الإسلاميين ولهجتهم جاء أيضاً خلال حفل الإفطار الأخير، حيث طالب المرشد العام للجماعة الدكتور همام سعيد بإلغاء معاهدة وادي عربة، وطرد «سفير الكيان الصهيوني من عمّان». وانتقد التعديلات الدستورية وأداء الحكومات التي تعاملت بعدائية ضد الإخوان المسلمين، وحاولت إلصاق شتى التهم بهم، مؤكداً أن الإخوان مكون أساسي من مكونات المجتمع الأردني، ويمدون أيديهم للجميع لدفع عملية الإصلاح الحقيقي إلى الأمام.
من جهة ثانية، طالب حزب جبهة العمل الإسلامي الحكومة باستدعاء السفير الأردني من دمشق استدعاءً رسمياً ومعلناً، احتجاجاً على انتهاكات النظام السوري المتزايدة.
ويرى محلل الشؤون الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان أن الإخوان المسلمين رفعوا سقف مطالبهم قبل أحداث سوريا، كذلك فإن خطابهم مختلف عن الخطاب التقليدي، وهذا يتزامن مع استراتيجيتهم تبعاً للمتغيرات. ورأى أن هناك عدة أبعاد في ما يتعلق بالشأن السوري، «التأثير الجغرافي ووضع الإخوان المسلمين ومكانتهم في سوريا»، إضافة إلى أن «نجاح الثورة السورية هو التشديد على رهان انتشار الثورات العربية».