أكّد حقوقيون لـ«الأخبار» أن خطاب الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي ألقاه مساء أول من أمس تضمن توجيهات ملكية إلى السلطات، من دون أن يعني ذلك عفواً عن معتقلين متهمين بالإساءة إلى الملك أو الأسرة الحاكمة. ومع ترحيب طائفة واسعة من المسؤولين والتيارات الموالية بالخطاب، أبدت المعارضة البحرينية حذراً، ورفضت الترويج لمنطق العفو. وقالت المحامية جليلة السيد إن الملك في خطابه «صفح عمّن أساء إلى شخصه»، مشيرة بذلك إلى تهم نُسبت إلى بعض المعتقلين بإهانة الملك والنظام. وفي هذه الحالات، فإنه مع صفح الملك لا يجوز ملاحقتهم لهذا السبب. وشدّدت على أن خطاب الملك عبارة عن توجيهات، ولا يشمل عفواً عن بعض الأشخاص؛ لأن «أي عفو عام أو خاص لا يكون إلا بالقانون». ورأت أن هذا الخطاب هو مجرد إعلان حسن نيات، ويلزم لتفعيله إصدار الأدوات القانونية. ولفتت إلى سابقة في هذا الشأن جرت في شباط الماضي (مع إعلان الملك العفو عن المتهمين بخلية التنظيم الإرهابي، وبينهم قادة للمعارضة)، حيث أوقفت الإجراءات القانونية في هذه القضية بتوجيهات ملكية من دون إصدار مرسوم بذلك.
من جهة ثانية، قالت السيد إن الخطاب تضمن «توجيهات واضحة إلى بعض الجهات لإعادة الطلاب والمفصولين»، ولكن سبق أن صدرت توجيهات مماثلة ولم يجر إعادة المفصولين وبعض من أعيدوا أجبروا على إبرام عقد جديد أو التنازل عن حقوقهم. وأضافت أن العودة يجب أن تكون غير مشروطة «وألا تكون ابتزازاً».
وفي السياق نفسه، أكد المجلس الأعلى للقضاء أن باب العدالة مفتوح لكل من لحق به ضرر، نتيجة الأحداث التي مرت بها البحرين، ومن أجل المطالبة بالتعويض عن كافة ما لحقه من أضرار مادية أو أدبية. وكان الملك قد أكد في خطابه أن «لن يُرضينا أن يتعرض أي من أفراد شعبنا بما يمسّ أمنه وحريته ومصدر رزقه وتحصيله العلمي. وعندما نرى العمال يزاولون أعمالهم والطلبة في طلب العلم، فإن تخلّف البعض لسبب ما، يلزمنا البحث في معالجة أمرهم ليلتحقوا بزملائهم. وهذه أوامرنا للمؤسسات المعنية بهذا الشأن، وعليها المتابعة بخطوات أسرع». وأضاف: «في ما يتعلق بمن اتهم بجرائم ارتكبت في الفترة الماضية، ورغم أننا لا نرغب في التدخل في سير العدالة وتطبيق القانون إلا أننا نؤكد أن جميع قضايا المدنيين سيصدر الحكم النهائي فيها في محاكم مدنية». وأكد بقوله: «لا نتطلع إلى محاكمة الجميع، فهناك من اتهموا بالإساءة إلى شخصنا وإلى رجال المملكة، ونحن في هذا اليوم نصفح عنهم».
ورغم ما تضمنه من إعلان حسن نية، أبدت المعارضة حذرها من الخطاب، الذي خلا من الإشارة إلى أزمة سياسية. وأصدر مكتبها الخارجي بياناً قال فيه إنّ «النظام السياسي في البحرين اعتاد القفز على المطالب السياسية للشعب البحريني، وهو ما كشفه خطاب الملك الأخير في العشرة الأخيرة من شهر رمضان، فقد خلا من الإشارة إلى وجود أزمة سياسية في البلاد، ما يكرّس عقليّة الهروب والتجاوز للمشكل السياسي».
وطالبت النظام السياسي باعتماد حلول سياسية حقيقية وشاملة تخرج البلاد من مأزقها السياسي، مؤكّدة أنّ «منطق العفو الذي يروّج له النظام مرفوض؛ لأنّ هناك عدداً كبيراً من الجرائم والانتهاكات المروّعة في مجال حقوق الإنسان، التي وقعت على المتظاهرين المطالبين بالحقوق السياسية. ويجب تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى المحاكمات العادلة».
(الأخبار)