يستعد مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي لتحرير مدينة سرت في الغرب من كتائب العقيد معمر القذافي، الذي يبدو أنه «ما زال يمثل تهديداً للبلاد والعالم»، حسبما رأى رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل. وخلال اجتماع في العاصمة القطرية، الدوحة، لقيادات في دول مشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا، دعا عبد الجليل حلف شمالي الأطلسي وحلفاءه إلى مواصلة دعمهم للثوار وطلب منهم مواصلة حماية البلاد من القذافي الذي وصفه بالطاغية.وقال عبد الجليل، في افتتاح الاجتماع، إن «تحدي القذافي لقوات التحالف لا يزال يمثّل خطراً، لا على الشعب الليبي فقط بل على كل العالم، لذلك نناشد التحالف الاستمرار في دعمه لنا». وأشاد بالحلف الأطلسي للدور الحاسم الذي لعبه الى جانب الثوار. وقال «لولا الدعم العسكري للأطلسي لما أمكن الثوار أن يصلوا الى ما وصلوا إليه».
بدوره، أكد «وزير الدفاع الليبي» في المجلس الانتقالي، جلال الدغيلي «لا نزال في حاجة الى إعادة الأمن والقضاء على الخلايا النائمة (اللجان الثورية والطابور الخامس) وبقايا نظام القذافي». وأضاف «لا نزال بحاجة إلى الدعم العسكري واللوجستي من التحالف، وأتمنى أن يستمر هذا الدعم»، معبّراً عن أمله في أن يساعد الحلف في حماية «القوات التي أرسلت الى مناطق صحراوية للسيطرة على موارد المياه».
وفي الاجتماع ذاته، تعهّد قائد قوات الحلف في نابولي، الأميرال الأميركي صموئيل لوكلير، بمواصلة مهمة الأطلسي حتى نهاية فترتها في 27 أيلول المقبل، قائلاً «نعتقد أن نظام القذافي على وشك الانهيار ونحن ملتزمون بمواصلة العملية حتى نهايتها»، مضيفاً إن «الجيوب والقوات الموالية للقذافي تقلّص يوماً بعد يوم. لم يعد النظام بوسعه شن عملية حاسمة». وذكر أن الغارات الجوية للحلف دمرت 5000 هدف في ليبيا.
ميدانياً، تقدمت قوات المجلس الانتقالي صوب سرت من الشرق والغرب مع تواصل المفاوضات مع زعماء القبائل والوجهاء من أجل استسلام المدينة. وقال أحد قادة الثوار في مصراتة، جمال تونالي، لوكالة «رويترز» إن خط المواجهة يبعد 30 كيلومتراً عن سرت وباعتقادهم أن الوضع سيُحل سلمياً. وأضاف تونالي إنهم في حاجة إلى الإمساك بالقذافي، معرباً عن اعتقاده بأنه ما زال مختبئاً في نفق أسفل باب العزيزية مثل «جرذ».
وعلى امتداد الطريق السريع الساحلي شرقي طرابلس، كانت ناقلات تحمل دبابات من طراز «تي 55» السوفياتية الصنع في اتجاه سرت. وقال معارضون إن هذه الدبابات تم الاستيلاء عليها من قاعدة عسكرية تركتها قوات القذافي في زليتن.
وفي الشرق، قال المتحدث باسم الثوار، محمد الزواوي، إن مقاتليه تجاوزوا قرية بن جواد بسبعة كيلومترات وأمّنوا تقاطع النوفلية. وأضاف لـ«رويترز» «إننا نريد إعطاء مزيد من الوقت للمفاوضات وفرصة لهؤلاء الأشخاص الذين يحاولون إقناع الناس الموجودين داخل سرت بالاستسلام وفتح مدينتهم».
من جهته، قال المتحدث العسكري باسم المجلس الانتقالي، العقيد أحمد باني، إن مصير 40 ألفاً احتجزتهم قوات القذافي غير معروف. ولمح الى إمكان وجود بعضهم في ثكن تحت الأرض لم تكتشف بعد في طرابلس.
وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، إن وحدة عسكرية بقيادة خميس ابن القذافي هي المسؤولة في ما يبدو عن إعدام عشرات المحتجزين في مستودع قرب طرابلس الأسبوع الماضي تم إحراقه قبل يومين.
من جهة ثانية، أعلن مسؤول كوري جنوبي تعرض السفارة الكورية الجنوبية في العاصمة الليبية طرابلس لهجوم مسلح، مؤكداً أن أحداً لم يصب بأذى. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» عن المتحدث باسم الخارجية في سيول، شين مينغ، قوله إن نحو 15 مسلحاً اقتحموا مبنى السفارة الأحد الماضي وحاولوا سرقة أجهزة تلفزيون وغيرها من المعدات الإلكترونية، إلا أنهم غادروا بعد وصول الثوار الليبيين الذين اتصل موظفو السفارة بهم.
من جهة أخرى، دعا رئيس المجلس التنفيذي، محمود جبريل، مصر لـ«الدخول» الى ليبيا خلال الفترة المقبلة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. واعتبر، في حديث إلى صحيفة «الأهرام» المصرية، أن «الدخول» المصري يرتكز على حقيقة «أن الأمن القومي لأي من البلدين هو الأمن القومي المتكامل للبلدين». وأضاف «إننا نتحدث اليوم عن قوات شرطة دولية لحفظ الأمن في شوارع طرابلس ومراكز تدريب للشرطة الليبية، فلو حدث هذا الأمر فمن المفروض أن تكون مصر والدول العربية هي العمود الفقري لهذه القوات، ولا يكون الوجود للخواجات (الأجانب)».
وأشار جبريل إلى أنه وجّه «نداءً حاراً لإقامة حوار بين شباب الثورة في مصر وتونس وليبيا»، مؤكداً أن ذلك يمثِّل أهمية بالغة بالنظر إلى أن «الأجسام التي تحكم الدول الثلاث هي أجسام انتقالية تحكم بصورة مؤقتة، ودورنا أن نشجع الشباب على خلق قيادة خاصة بهم وتأسيس تنظيمات تتكلم باسمهم».
ونفى جبريل ما يتردد عن وجود خلايا لتنظيم القاعدة في ليبيا، موضحاً «أنه يوجد أفراد من الجماعة الليبية المقاتلة، وهؤلاء كانوا في أفغانستان ودخلوا السجون الليبية عقب عودتهم، وعند قيام الثورة انضموا إليها وقاتلوا النظام». وأضاف «إن هؤلاء لهم الحق في المشاركة بالثورة وإسقاط النظام، ولكن بعد سقوط النظام من المفترض أن يتم تجميع كل الأسلحة في جيش وطني وجهاز شرطة».وكان جبريل قد وصل إلى القاهرة السبت الماضي، على رأس وفد رفيع من المجلس الوطني الانتقالي، في زيارة استغرقت يومين ترأّس خلالها الوفد الليبي إلى الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. كما أجرى مباحثات هامة مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير حسين طنطاوي، ورئيس مجلس الوزراء عصام شرف ووزير الخارجية محمد كامل عمرو.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، مساء أمس، أن زوجة العقيد معمر القذافي صفية وابنته عائشة وولديه محمد وهنيبعل وأبناءهم دخلوا الجزائر عبر الحدود البرية الجزائرية الليبية. وأوضح البيان أن الخارجية أبلغت الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الأمن ورئيس المجلس التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل بخبر دخولهم.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)